وزير الرى الأسبق نصر الدين علام: مصر بين خيارين.. الغرق أو العطش
سد النهضة الإثيوبى يشل قدرة السد العالى على توليد الكهرباء ويوقف الرى فى مساحات زراعية شاسعة
الحكومة الحالية لم تهتم بملف السد الإثيوبى وفشلت فى إدارته
فى زمن النهضة.. نهضة الإخوان ورئيسهم محمد مرسى، ونهضة إثيوبيا التى تبنى سدا تعتقد أنه سيحولها إلى دولة إقليمية قوية ومؤثرة، تمنح وتمنع، وتصدر الكهرباء لجيرانها، فى هذا الزمن قد تسود رائحة الموت ربوع الوطن، الموت جوعًا وعطشًا وجفافًا، أو الموت غرقًا، هذا هو المصير المحتوم، حال استمرار أديس أبابا فى بناء «سد النهضة» وهذا ما يؤكده لـ «فيتو» د. محمد نصر الدين علام وزير الرى الأسبق –استنادا إلى دراسات عديدة– أن السد الإثيوبى خطر حقيقى على مصر والسودان، فهو مبنى فى منطقة بركانية، وبالتالى فإن احتمالات انهياره تتخطى حاجز الـ 90 %، الأمر الذى يهدد أراضى ومدن الدولتين بطوفان مدمر، ولن ينفع وقتها أن نأوى إلى حكومة تعصمنا من مصيرنا البائس، وحتى لو لم يتعرض السد للانهيار، سيحجز أغلب المياه التى تصل لمصر، ما يهدد ملايين المصريين بالعطش، والأراضى بالجفاف.
ويجزم الدكتور محمد نصر الدين علام -وزير الرى الأسبق- بأن مصر سوف تغرق جراء انهيار سد النهضة الإثيوبى، الذى تؤكد الدراسات أنه سينهار لبنائه فوق طبقة من الصخور البركانية، موضحا أنه فى حال عدم انهيار السد سوف يقلص حصة مصر من مياه النيل لدرجة عدم قدرة السد العالى على توليد الكهرباء، وتوقف الرى فى مساحات زراعية شاسعة وحلول العطش والجفاف.
وفى حوار مع «فيتو» أكد علام أن الحكومة الحالية لم تهتم بهذا الملف الحيوى، وفشلت فى إدارته، موضحا أن الرئيس محمد مرسى أو أى رئيس آخر لن يجرؤ على التوقيع على اتفاقية «عنتيبى»، لأنها تؤثر على حصة مصر من مياه النيل. والكثير من المفاجآت فى سياق الحوار التالى:
◄ ما هى الآثار السلبية على مصر من بناء سد النهضة؟
- هناك دراسات مصرية وأوربية وأمريكية تؤكد الآثار السلبية الوخيمة على مصر بسبب استكمال إثيوبيا سد النهضة، وتعتبر السعة التخزينية للسد 75 مليار متر مكعب سيتم خصمها من السد العالى، الذى يستخدم فى سد الاحتياجات المائية لمصر خصوصا فى موسم الفيضان، وهو ما سيترتب عليه عجز دائم فى حصة مصر من المياه، قد تصل إلى 9 مليارات متر مكعب، بالإضافة إلى أن نتيجة التخزين فى الهضبة الإثيوبية أن مخزون مياه النيل سيقل فى بحيرة ناصر، مما سيترتب عليه انخفاض فى الكهرباء المولدة من السد العالى، بما لا يقل عن 25 إلى 30 % سنويا، كما سيؤدى السد إلى بوار 2 مليون فدان تصل إلى 3 ملايين فدان فى سنوات الملء، كما سيحدث نقص شديد للمياه فى البحيرات الشمالية، وبالتالى سيتبعه تدهور الثروة السمكية، ونقص مياه الشرب نتيجة انخفاض منسوب مياه النيل عن منسوب محطات مياه الشرب، وزيادة التلوث فى المجارى المائية وستتفاقم أزمة عدم وصول المياه إلى نهايات الترع.
وقد توصلت كلية العلوم بجامعة القاهرة إلى أن المنطقة التى يبنى عليها السد الإثيوبى عبارة عن صخور بركانية، معرضة لهزات أرضية وبراكين، ما يؤثر على سلامة السد، واحتمالات انهياره كبيرة جدا، وفى هذه الحالة سيؤدى إلى انهيار سد الروصيرص السودانى وسد مروى، وسيسبب موجة عالية من الفيضان ستؤدى إلى غرق الخرطوم، ولها آثار سلبية على السد العالى وبحيرة ناصر وعلى منظومة الرى، وهو ما سيؤدى إلى غرق بعض الأراضى فى مصر.
◄ فى رأيك، لماذا تصر إثيوبيا على بناء السدود؟
- إثيوبيا تحلم بالتحكم فى مياه النيل، فهناك مقولة منذ أيام الاحتلال الإنجليزى تقول: «إن من يريد أن يتحكم فى مصر يتحكم فى مياه النيل»، والصراع المصرى – الإثيوبى، قائم منذ مئات السنين، خاصة بعد الفتح الإسلامى لمصر.
◄ كيف ترى التحرك الدبلوماسى المصرى تجاه ملف حوض النيل؟
- لا توجد رؤية سياسية واضحة للتعامل الدبلوماسى مع هذا الملف الشائك، والتصريحات السياسية ليست على مستوى الحدث.
◄ بم تفسر تصريحات وزير الرى حول عدم تأثر حصة مصر جراء بناء سد النهضة؟
- تصريحات الدكتور محمد بهاء الدين - وزير الموارد المائية والرى - عن أن ما تردد عن تأثر حصة مصر من المياه بسبب سد النهضة الإثيوبى غير مؤكد، تدعو إلى الدهشة، لأن كافة الدراسات التى أجرتها جامعة القاهرة على الآثار السلبية للسد على مصر اطّلع عليها وزير الرى ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ويعلمونها جيدا.
◄ كيف ترى تحركات الرئيس مرسى فى التعامل مع الأزمة؟
- هناك حقيقة مؤكدة أنه لايجرؤ رئيس الجمهورية الحالى أو السابق أو القادم على التوقيع على اتفاقية عنتيبى، التى تنص على خفض حصة مصر من مياه النيل، وتحركات الرئيس فى هذا الملف ضعيفة جدا، ولا يتخذ الرئيس من الملف هدفا لزياراته إلى دول حوض النيل، ويجب أن تولى مؤسسة الرئاسة الملف عناية خاصة لأنه تحد يواجه مصر.
◄ هل سيؤدى الصراع المصرى - الإثيوبى إلى حروب على المياه؟
- الحرب هى الخيار الأخير، ولا بد أن نتحرك فى الإطار القانونى، وحتى الآن لم تحدث مصارحة شعبية بأبعاد الملف المائى، وتخرج الحكومة بتصريحات أنها ليست متأكدة من أضرار السد، ولا بد من توضيح كافة الحقائق حتى يقف الشعب بجانب الحكومة للمطالبة بحق مصر، ولا بد من توحيد كافة الصفوف السياسية والتعامل مع الملف كقضية قومية، ويجب إعادة الاتفاق مع السودان، لنصبح كتلة واحدة ونتحرك مع إثيوبيا.
◄ هل توجد أبعاد سياسية أخرى وراء استكمال سد النهضة؟
- إثيوبيا ستولد الكهرباء من السد لتصديرها إلى مصر والسودان حتى تشعر أنها زعيمة المنطقة، و«النهضة» واحد من سدود أربعة ستقيمها إثيوبيا على النيل الأزرق، وهناك سدود أخرى ستشيدها على النيل الأبيض، كما فى سد جيب 1 وجيب 2 وجيب 3 على نهر غومو فى كينيا، وقد تسببت هذه السدود فى انخفاض منسوب المياه ببحيرة تركانا بمقدار 10 أمتار، وأثرت على نصف مليون شخص سواء كان تأثيرها على المراعى أو على الزراعة أو حتى على الحياة الطبيعية والحيوانات، وإثيوبيا تواصل بناء السدود بدون النظر إلى الأضرار التى ستقع على الدول المجاورة، والهدف منها أن تصبح دولة رئيسية مصدرة للطاقة، وتحتكر تجارتها لتحقق طفرة اقتصادية فى هذا المجال.
◄ لماذا تحجب إثيوبيا المعلومات عن اللجنة الثلاثية لمعاينة آثار السد؟
- علمت من مصادرى الخاصة، أن الخبراء الدوليين قالوا إن المعلومات عن السد غير كافية لتقييمه، بالرغم من ظهور الآثار السلبية حتى فى الدراسات الإثيوبية على مصر والسودان، وللأسف الشديد إثيوبيا مستمرة فى إنشاء السد، ومضى عامان وما زلنا فى دراسات غير مكتملة، ويجب الاتفاق على وقف إنشاء السد فورا، ومسار المفاوضات مفتوح.
◄ ما هى الحلول من وجهة نظرك للخروج من الأزمة؟
- لابد أن تصارح الحكومة الشعب بأبعاد القضية حتى يتحد الشعب مع الأحزاب التى لن تتوانى فى خدمة مصر للتنسيق مع السودان لتوضيح وجهات النظر، ويجب أن تستمر مصر فى تقديم مساعداتها لدول حوض النيل لتعظيم أواصر الترابط بينها.