د. حلمى الحديدى: مبارك اختارنى وزيرا للصحة.. وتعرضت للحرب من كمال الشاذلى ويوسف والى
عبد الناصر كرمنى مرتين في وجود طه حسين و"شوين لاي"
انضممت لحزب العمل بسبب علاقتي بإبراهيم شكرى.. واستقلت بسبب حلمى مراد
اتخذت قرارا تاريخيا بمنع استخدام الحقن الزجاجية وأنقذت مصر من كوارث طبية
صرخت من الحزب الوطنى وطلبت إعفائي من الوزارة بعد 7 شهور فقط
قريتى قدمت العباقرة لمصر منهم الفيلسوف العالمى د. عبد الرحمن بدوى
لست مع تعديل الدستور.. ولا أؤيد تشكيل السيسي حزبا
قبل ثورة يوليو كان الاهتمام بالصحة منعدما.. وفى 54 أقامت الثورة 2500 وحدة صحية بالريف
تراجع الاهتمام بالصحة بدأ مع السادات وامتد إلى عصر مبارك
أحمد جويلى وزير التموين كان "جدع" ومخلص.. ومنعنا تسرب أي أغذية مسرطنة من انفجار تشرنوبل الروسى
عبد الناصر أفضل من اهتم بالصحة منذ قيام الثورة
مبارك تدخل بعد اشتعال الخلاف مع أنيس منصور.. وطالبنى بكشف المستور فرفضت
طالبت مبارك بالإفراج عن المعتقلين والحريات فهاجمنى إبراهيم سعده بضراوة
منذ رحيل عبد الناصر توقف إنشاء المستشفيات
سألت مبارك: الهجوم الإعلامي بعلمك أم لا؟ قال : إطلاقا وأنا معك
قانون محاربة جيوب الإقطاع في الستينيات كان قاسيا ولكن كنا نتقبله من أجل الفقراء
نجحت في انتخابات مجلس الشعب النزيهة الوحيدة أيام ممدوح سالم
أسقطوني بالانتخابات 3 مرات على يد شيخ العرب والألفي
منصور حسن قيادة وطنية رائعة لم تأخذ حقها وحاربها أصحاب المصالح
إبراهيم شكرى رفض تعيين إسماعيل فهمى نائبا لرئيس حزب العمل
إبراهيم شكرى كان ضعيفا أمام أسرة أحمد حسين وهذا من أسباب تفكك حزب العمل
لا أنسى نظرات عبد الناصر فيها بريق عجيب يدهش كل من التقى به
أيدت مشروعات ثورة يوليو خاصة الإصلاح الزراعى وتصفية الإقطاع بالرغم من التجاوزات
"إلى الأمام" كانت مجلتي في الكلية لمواجهة الإخوان وكثيرا ما اعتدوا علينا
رفضت الجنسية الإنجليزية وعدت لخدمة بلدى بحب وإيمان واقتناع
الصحة تحتاج قوانين جديدة وليس مجرد حملات كما يحدث الآن
أجرى الحوار: محمد نوار
عدسة: وئام سعيد
رغم تعيينه وزيرا للصحة في زمن مبارك، لكنه لا يستطيع إخفاء أنه ناصرى الهوى ومعارض بطبعه طوال نصف قرن قضاه بين الطب والسياسة، بدأ حياته السياسية في حزب العمل المعارض قبل أن يستقيل ويطلب منه مبارك قبول منصب وزير الصحة في حكومة الدكتور على لطفى والانضمام للحزب الوطنى، وقَبِلَ المنصب خجلا وعلى مضض، خاصة عندما يأتى الترشيح من رئيس الجمهورية شخصيا، غير أنه تعرض لحروب كثيرة من جانب كمال الشاذلى ويوسف والى لقناعتهما بأن الطبيب المخضرم قد ضل الطريق إلى حزبهم الحاكم، وأنه لم يستطع التواؤم والانخراط في أدبياته وسياساته السائدة.
أنقذ مصر من كوارث طبية لا حصر لها بقراره التاريخي بمنع استخدام الحقن الزجاجية تماما واستبدالها بالبلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة فقط، من أهم إنجازاته بناء عدد من المستشفيات الكبرى، منها معهد ناصر، الهلال الأحمر، الهرم، دمياط التخصصى، وآخر بالقرب من الطريق الزراعى في شبرا لاستقبال الحوادث.
ولد في حضن النيل بقرية شرباص فارسكور دمياط التي تتمتع بهدوء وأنجبت المتميزين في كل المجالات بالرغم من قسوة الحياة فيها، ومنهم الفيلسوف الدكتور عبد الرحمن بدوى، الفقيه الدستورى الدكتور ثروت بدوى، والكثير من أساتذة الطب والهندسة والقانون.
يرى أن ثورة 25 يناير استخرجت في 21 يوما لأجمل ما في المصريين، وبعد ذلك أخرجت أسوأ ما فيهم أخلاقيا واجتماعيا، أما ثورة 30 يونيو فيرى أنها جعلته يقبل بأشياء لم يكن يقبلها من قبل، ولا يؤيد تغيير الدستور الآن.
إنه الطبيب المخضرم ووزير الصحة السابق الدكتور حلمى الحديدى الذي يسترجع في حوار لـ "فيتو" شريط ذكرياته عن نصف قرن بين الطب والسياسة
* بداية كيف كانت البداية في عالم السياسة والأحزاب؟
حصلت على المركز الثالث على دفعتى وتخصصت في جراحة العظام وكان الدكتور خيرى السمرة الأول على دفعتى والدكتور محمود فتح الله، أثناء فترة الجامعة لم اهتم بالسياسة، أصدرت جريدة "إلى الأمام" ننتقد فيها اتحاد الطلاب الذي كان معظمه "إخوان"، وكان يميز الإخوان خطباء مفوهين، منهم القيادى المعروف حسن دوح.
وكشباب كنا ننتظر ثورة 23 يوليو، حتى يتوقف الفساد والمحسوبية والواسطة المنتشرة، من حسن حظى التقيت الرئيس عبد الناصر مرتين، الأولى في عام 1961 في أول عيد علم، والذي حضره عبد الناصر والدكتور طه حسين، ولا أنسى نظرة عينيه، لهما لمعان وبريق، فنظرته غريبة، والثانية بعد حصولى على الدكتوراه في عيد العلم الرابع وحضره رئيس الوزراء الصينى التاريخى "شوين لاى"، الجميل أن الصينيين عندما أروى لهم هذه القصة يسعدون جدا.
* بما أن عبد الناصر التقاك مرتين، كيف ترى ثورة يوليو؟
قامت ثورة يوليو بعمل مشروع رائع وهو بناء وحدات مجمعة في 2500 قرية في أقل من عام وعدة أشهر، الوحدة المجمعة عبارة عن مدرسة، مستشفى، ووحدة محلية وزراعية، وكان هذا رد اعتبار للريف الذي كان محروما تماما من أي خدمات قبل الثورة، فقد خلقت في المجتمع حالة غير عادية من التفاؤل، والعالم كان ينظر للتجربة بإعجاب، خاصة أن أعداء مصر كانوا متربصين بكل قرار لنا، لدرجة أنهم أشاعوا أن السد العالى سيتسبب في جلب الأمراض، من القرارات التي أيدتها قانون الإصلاح الزراعى وتحديد الملكية لأنه كان له تأثير إيجابى غير عادى على الفلاحين، كنت أحس بمدى الحرمان الذي عانى منه الفلاح المصرى قبل ثورة يوليو، وهذا القانون أعاد لهم بعض حقوقهم بالرغم من وقوع بعض التجاوزات في التنفيذ وتسجيل رفضي لهذه التجاوزات، مع ملاحظة أن قانون محاربة جيوب الإقطاع في بداية الستينيات كان قاسيا ولكن كنا نتقبله من أجل الفقراء، والسد العالى أحد أهم الملاحم التي قدم الشعب المصرى بها العرق والدم من أجل الكرامة والعزة الوطنية، الذي لولاه كنا تعرضنا للخطر في سنوات الجفاف التي حدثت في الثمانينيات.
في عام 1966 سافرت لإنجلترا للحصول على دراسات أعلى في جراحة العظام، وحصلت على الزمالة في أول امتحان وهذا نادر في عالم الطب، فعرضوا على الجنسية والبقاء في إنجلترا، كان طبيعى الرفض لأن مصر بلدى أولى بى.
ولا أنسى هزيمة 67 وكنت في إنجلترا عانيت بشدة، وكان يؤلمنى جدا أن البعض من اليهود يحاولون أن يواسونى ويسألون: هل أسرتى بخير أم أصابها شر؟
* ما سر انضمامك لحزب العمل المعارض قبل أن تصبح وزيرا للصحة؟
انضممت لحزب العمل بسبب علاقتى الشخصية بالمهندس إبراهيم شكرى رئيس الحزب، وأيضا الصديق المحامى الكبير رفعت الشهاوى، فقد تم اختيارى للترشح في دائرتي فارسكور، وتم ترشيح المهندس حسن درة في دمياط، والمهندس إبراهيم شكرى في شربين، ونجحنا نحن الثلاثة، وكانت مفاجأة للحكومة، وأعتقد أن هذه الانتخابات كان فيها الكثير من النزاهة، لهذا نجحنا 22 نائبا من الحزب، وتم اختيارى ممثلا للحزب في الهيئة البرلمانية، ومارسنا المعارضة بأدب وقوة في ظل وجود ممدوح سالم رئيس الوزراء والنبوى إسماعيل وزير الداخلية.
* هل صحيح أنك أيدت ترشيح مبارك رئيسا بعد اغتيال السادات؟
بعد رحيل السادات باغتياله، كانت مصر على حافة الهاوية، وتم ترشيح حسنى مبارك، والترشيح لا بد أن يكون من خلال اللجنة العليا في مجلس الشعب، وكان هناك خلاف في الحزب هل نوافق على ترشيح نائب الرئيس الذي وضع زملاء لنا في الحزب في السجون منهم الدكتور حلمى مراد، أحمد فرغلى، حامد زيدان وغيرهم؟! وانتصر الرأي الذي يرى أن مبارك ليس السادات كما أن الموقف في الشارع صعب ومصر في خطر، ذهبت ضمن الوفد الذي ذهب إلى النائب حسنى مبارك لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية، عرضنا الأمر وكنت أمثل المعارضة في هذه اللجنة، تحدثت وقلت إننا نرشحك بثلاث شروط: الأمن والأمان لكل مواطن، حرية الرأى، الإفراج عن المعتقلين الذين اعتقلهم السادات في سبتمبر، وهنا أبدى حسنى مبارك موافقته تماما.
* حدثنا عن سبب هجوم إبراهيم سعدة عليك في مقالاته؟
فوجئت بمن يخبرني بمقال إبراهيم سعدة في أخبار اليوم، وعندما رأيته وجدت عنوانه: "الخبث المكشوف"، ويندرج تحت هذا العنوان ما ذكره النائب الحديدي، كان هذا تعليقا على ما ذكرته وطالبت به حسنى مبارك بالإفراج عن المعتقلين وإطلاق الحريات، الغريب أن مبارك أثنى على كلامى، وهذا جعلني اتصل به لأسأله: هل ما كتبه إبراهيم سعدة موحى إليه أم من عنده؟ قال مبارك: والله لا علم لى بما كتب. وانتهت علاقتي بإبراهيم سعدة منذ هذا التاريخ نهائيا.
* هل توسطت بالفعل عند السادات لعدم إغلاق جريدة الشعب؟
قمت بزيارة الزملاء في السجون، وأيضا فؤاد سراج الدين، وعبد العظيم أبو العطا الذي رأيته في حالة صعبة للغاية، وطلبت من وزير الداخلية تحويله للمستشفى ووافق، كانت "الشعب" جريدة حزب العمل، تم محاصرتها أثناء حكم السادات، الأهرام وكل المطابع الحكومية والخاصة رفضت الطباعة، وهنا اتفقت مع إبراهيم شكرى أن التقى منصور حسن الذي كان وزيرا لرئاسة الجمهورية في ذلك الوقت، التقيت به في مكتبه وسألته: كيف يحدث هذا مع جريدة الشعب ورئيس الجمهورية يتحدث عن الديمقراطية بينما لا توجد صحف معارضة، حتى الجريدة الوحيدة التي تصدر تم محاصرتها؟! عرض عليّ منصور حسن أن أكلم السادات مباشرة، فوافقت، طلب منى أن أكون في منتصف الليل عنده في البيت وسيتم الاتصال تليفونيا بالسادات، وبالفعل حدث ذهبت لبيت منصور حسن وهو من الشخصيات التي أحبها وأحترمها وحقها هُضِم، دخلت المكتب ووجدت الرئيس السادات على التليفون، قال لى السادات: "يرضيك يا حديدى يتعرضوا لحرم رئيس الجمهورية؟"، رديت عليه: "لا أوافق على هذا مطلقا، ولكن الحرية تقتضي التحمل، وحضرتك تتحدث عن الحريات والديمقراطية".
وبعد مكالمة امتدت نحو عشر دقائق قال السادات: أنا موافق على عودة الجريدة ولكن هل تضمن عدم تكرار ما حدث؟ قلت: لا أستطيع سيادة الرئيس، ثم طلب منصور حسن الذي أبلغني بأن الجريدة ستعود للطباعة في الأهرام، وسيتم توفير الورق والوقت لها.
* ما هي ملابسات النقلة التي حدثت في حياتك السياسية بالانتقال من حزب العمل المعارض إلى الحزب الوطنى الحاكم؟
تركت حزب العمل بسبب الدكتور حلمي مراد مع كل التقدير له، حيث إنه لم يكن عضوا في الحزب، زارنى المهندس إبراهيم في البيت وعرض عليّ ضمه للحزب وسيتم تعيينه نائبا لرئيس الحزب، وافقت ولكن طلبت ضم إسماعيل فهمى وزير الخارجية السابق للحزب وتعيينه أيضا نائبا لرئيس الحزب، ولكن تهرب المهندس إبراهيم شكرى من منطلق أن قرار حلمى مراد جاهز، الواقع أن إبراهيم شكرى كان أحيانا يأخذ قرارات فردية دون العودة لنا كما أن نقطة ضعفه كانت أحمد حسين وأقاربه، وأثر ذلك على الحزب والجريدة بالسلب للأسف.. رحم الله الجميع.
والحقيقة أننى تركت حزب العمل بسبب التناقض، فقد كتب حلمى مراد مقالا في مجلة المصور: إننا تحت أمرك. موجها كلامه لحسنى مبارك، وهو عكس ما نقوله في الحزب، اختلفت معه عام 1981-1982.
* كيف جاء انتقالك للحزب الوطنى وتعيينك وزيرا؟
تلقيت اتصالا من الرئيس مبارك طلب منى الانضمام للحزب الوطنى؛ لأنه يبحث عن وجوه جديدة يرى أنها جديرة بتحمل المسئولية تجاه الشعب، وافقت بمفاهيمى وكان رئيس الحكومة الدكتور فؤاد محيى الدين، عينت رئيس اللجنة الصحية وأمين مساعدا للحزب وعينت في مجلس الشورى.
عندما تم تكليف الدكتور على لطفى بتشكيل الوزارة فوجئت أثناء مؤتمر جماهيرى في بنى سويف مع المستشار الجوسقى محافظةا في ذلك الوقت بإبلاغي أن الرئيس على التليفون يريدك، من مكتب الجوسقى تحدثت مع الرئيس فأبلغنى بالتوجه فورا إلى مبنى الاتحاد الاشتراكى لمقابلة الدكتور على لطفى لاختيارك وزيرا للصحة، فطلبت إعفائي من هذا الاختيار، فإذا بالرئيس مبارك يقول: هو كل ما اختار واحد يعتذر أجيب ناس كويسة منين؟! فقبلت على مضض.
* من هو الوزير الذي كنت ترتاح للعمل معه؟
د. أحمد جويلى وزير التموين خاصة أنه كان "جدع" ومخلص حيث كان انفجار تشرنوبل الروسى من المشكلات التي واجهتنى في بداية عملى كوزير، وتسبب هذا في الخوف من تسرب أغذية مسرطنة، تعاونت معه وعملنا هيئة من الصحة والتموين لاختبار أي شيء يدخل مصر، والحمد لله نجحنا تماما في منع تسرب أي شيء.
ولأننى من الريف كان منظر الحقن الزجاجية التي يتم حقن الجميع بها بدون تعقيم من أهم أسباب تفشي الأمراض وانتقال العدوى، لهذا اتخذت قرارا أراه تاريخيا بمنع استخدام الحقن الزجاجية تماما، واستبدالها بالبلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة فقط، لأن هذا أنقذ من كوارث طبية لا حصر لها.
ولأننى من الريف كان منظر الحقن الزجاجية التي يتم حقن الجميع بها بدون تعقيم من أهم أسباب تفشي الأمراض وانتقال العدوى، لهذا اتخذت قرارا أراه تاريخيا بمنع استخدام الحقن الزجاجية تماما، واستبدالها بالبلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة فقط، لأن هذا أنقذ من كوارث طبية لا حصر لها.
ومن أهم الأشياء التي أنجزتها هي بناء عدد من المستشفيات الكبرى، منها معهد ناصر الذي ظل على الطوب الأحمر 17سنة، مستشفى الهلال الأحمر، مستشفى الهرم، دمياط التخصصى، وأقمنا مستشفى بالقرب من الطريق الزراعى في شبرا لاستقبال الحوادث، مثلما أقمنا مستشفى الهرم لاستقبال حوادث الصحراوى، للأسف منذ رحل عبد الناصر توقف إنشاء المستشفيات، وبعد تركى الوزارة توقف مرة أخرى للأسف.
* يقال إنك تعرضت لحروب من قيادات الحزب الوطنى ومن بعض الكتاب الصحفيين إلى حد أنك رسبت في الانتخابات البرلمانية؟
لم تكن علاقتى على ما يرام مع الإعلام ورجال الحزب الوطنى، أذكر أنني كنت في كولومبيا لحضور مؤتمر لمنظمة اليونسيف، عندما عدت وجدت الكاتب جلال الدين الحمامصى كتب ثلاث فقرات من عموده اليومى "دخان في الهواء" ساخرا من سفرى، قائلا: كيف يسافر طبيب عظام لحضور مؤتمر خاص بالأطفال، أنا أعرفه فاتصلت به وشرحت له بأن سفرى ليس من أجل مؤتمر خاص بالأطفال ولكن لحضور اجتماع الوزراء بالمنظمة الذي يتم توزيع المساعدات فيه لكل دولة لكى أحاول الحصول على أكبر دعم من ميزانية المنظمة لمصر، وليس الهدف من الاجتماع الحديث أو مناقشة أمراض الأطفال.
قال: اكتب لى هذا الكلام، قلت: أنت مين لكي أكتب لك؟! ثم أغلقت التليفون، لأنه هو الذي هاجم بدون علم وأنا أوضحت له الصورة، الواجب عليه أن يكتب هو ولست أنا.
* وما سر هجوم أنيس منصور عليك في مقالاته؟
الكاتب أنيس منصور كان له قصة هو الآخر، كان غطاء قطرة البريزولين يتم استيراده، وتأخر وصول شحنة منه، كتب أنيس منصور عدة أعمدة هاجمنى فيها وهاجم الوزارة، ففوجئت باتصال من الرئيس مبارك يسألنى إيه حكاية أنيس منصور؟ قلت: والله لا أعرف. قال مبارك: رد عليه وريحه، قلت : لن أرد عليه والمتخصص رد عليه.
وطبعا مبارك كان فاهم الناس دى كويس، وطلبت من الرئيس أن أعرض عليه شيئا بخصوص هذه المشكلة، ذهبت إليه بخطاب من الدكتور مدحت القطان رئيس قطاع الأدوية، الذي عرضته على الرئيس وبه فاتورة بـ200 زجاجة من قطرة بريزولين، اندهش الرئيس مبارك وسألنى: هيعمل بيهم إيه؟ قلت: لأصدقائه من أجل غسيل العدسات اللاصقة، قال: انشرها يا حديدى. قلت: لن أنشرها ويكفى أن حضرتك تعرف أن فرد حصل على قطرة 200 أسرة.
وقد رشحت نفسى لانتخابات مجلس الشعب ثلاث مرات، أسقطونى بالتزوير عن طريق شيخ العرب عبد الحليم موسى والألفى، وفي أحد المرات رشح الحزب الوطنى خالى الدكتور ثروت بدوى أمامى، وهذا تسبب في مشكلة عائلية وفى النهاية أسقطونا أنا وخالى.
وأثبتّ تزوير الانتخابات التي أجريت 1984 وتم الحصول على تعويض مائة ألف جنيه، وكان هذا المبلغ كبيرا للغاية، ورفضت الطعن في انتخابات 1989 بالرغم من تأكدى من تزويرها، ودائما كان الحزب الوطنى يرون أننى لست منهم.
وكانت فترة وجودى فاعلة رغم محاربة كمال الشاذلى ويوسف والى ود. أحمد سلامة أستاذ الحقوق بعين شمس، لأنهم كانوا يعتبروننى دخيلا عليهم ولست من رجالهم بل عدوهم لأننى قادم من حزب العمل.
* كيف ترى ثورتى يناير ويونيو؟
ثورة 25 يناير في 21 يوما أخرجت أجمل ما في المصريين، وبعد ذلك أخرجت أسوأ ما فيهم أخلاقيا واجتماعيا في كل شيء، أما ثورة 30 يونيو جعلتنى أقبل بأشياء ربما لم أكن أقبلها من قبل، فهى وفرت لى الأمان وهذا يكفينى، لأننى بعد 25 يناير كنت انزل لحماية بيتى وسرقت مرتين في مزرعتى، وجاءت 30 يونيو وحققت الاستقرار والأمن لحد كبير، وبدونها لا يوجد بلد وحياة فهى عودة الدولة.
* هل تؤيد دعوات تغيير الدستور الآن؟
لا أؤيد تغيير الدستور الآن ولكن لابد أن ندرك أننا في حاجة للاستقرار ونعود للعمل، فلن يساند الجنيه المصرى إلا الإنتاج المصرى، بالإضافة إلى ضرورة عودة الروح للجبهة الداخلية فلا يمكن لأي حكومة تحقيق إنجاز حقيقي إلا بجبهة داخلية قوية.
كما لا أؤيد أن يكون للسيسي حزب لأنه سينضم إليه كل العناصر السيئة كما حدث مع السادات عندما أعلن عن تكوين الحزب الوطنى، انضم إليه نفس الوجوه التي كانت في حزب مصر.
وأتمنى أن نبدأ الديمقراطية الحقيقية وعودة الروح للأحزاب؛ لأنها ستكون مصدر قوة للحاكم وليس مصدر إزعاج كما يتصور البعض.
* أخيرا كيف ترى حال الصحة في مصر؟
شهادتي أمام الله والتاريخ، أولا الاهتمام بالصحة قبل 1952 كان متدنيا أو منعدما، وبعد ثورة 52 حدثت طفرة كبيرة يكفى في شهور يتم بناء 2500 وحدة صحية في ريف مصر، الغريب أن ميزانية الصحة أيام عبد الناصر كانت أكبر مما حدث بعد ذلك، ثانيا في عصر السادات ومبارك تراجع الاهتمام بالمستشفيات والمنفق على الصحة، ويستثنى في عصر مبارك الذي أنشئ في عهدي فقط، وحاليا هناك مبادرات لمحاربة فيروس سي وغيرها، شيء جيد، ولكن هناك قوانين تحتاج للمراجعة ورؤية شاملة للصحة.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"