عزل الرئيس !
قبل أدائه اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا وقف الدكتور مرسي في ميدان التحرير وفتح صدره وقال" إنه جاء إلى الميدان بدون القميص الواقي من الرصاص ".
وهنا استبشرت خيرا فقد أصبح لدينا رئيس يعيش معنا بدون حراسة ومواكب ، وسوف يسير في الشوارع ويستخدم المواصلات العامة ويسمع بنفسه من المواطنين آلامهم ومعاناتهم وأحلامهم وطموحاتهم , ولأنه أول رئيس مدني منتخب كما يحب أن يسميه أنصاره .
سرعان ما فرض على نفسه أو فُرضت عليه عُزلة من أهله وعشيرته وهو أحب ذلك واستسلم له , فأصبح موكبه يتعدى الأربعين سيارة ، وفي حراسة مئات الضباط والجنود والبوابات الالكترونية حتى في حقول القمح والمساجد , ولقاءاته الجماهيرية داخل مصر وخارجها تنظمها جماعة الإخوان المسلمين التي أصبحت دولة داخل الدولة.
فحضور لقاءات الرئيس مقصور فقط على أعضائها, والحقيقة أن الرئيس سعيد بذلك ، حتى يشاهد و يسمع ما يحب ولا يلوث سمعه وبصره بما لا يحب, وبعد استقالة جميع مستشاريه ومساعديه من غير الإخوان أصبحت الجماعة مصدره الوحيد لما يجري في البلد ، وهو يثق في معلوماتها أكثر من تقارير الأجهزة الرقابية والأمنية.
وكل المستشارين الذين استقالوا اتفقوا على شيء واحد فقط هو سيطرة الإخوان على الرئيس وقراراته, حتى حواراته الإعلامية كلها مسجلة ليتحكموا فيها قبل إذاعتها ، وحينما يقول الرئيس لأبوالعلا ماضي إن المخابرات صنعت 300 ألف بلطجي فهو صادق لأن الإخوان أخبروه بذلك.
وحينما يقول إن هناك مؤامرات وأصابع داخلية وخارجية تعبث في مصر فهو صادق لأن الإخوان أخبروه بذلك .. وحينما يقول الرئيس إن شعبيته في تزايد فهو صادق ، فهذا كلام الإخوان وهو لا يمكن أن يكذبهم .. وحينما يقول إن مصر نهضت وإن محصول القمح تضاعف فهو صادق ، لأن تقارير الإخوان أخبرته بذلك وهي تقارير مقدسة.
ولكن الحقيقة المؤكدة أنه رئيس في عزلة فرضها على نفسه من أول يوم حَكم فيه ، حينما سلم نفسه للجماعة ووافق على استخدام نفس سيارة الرئيس السابق وموكبه ، وهو ابن الفلاح البسيط الذي جاء من أعماق الريف حيث الفقر المضجع ، فبدأ من حيث انتهى مبارك.
إنه رئيس في عزلة وصلت إلى حد افتتاح مصانع أُنشئت في العهد السابق وأوهموه أنها إنجازاته, بل يعتقد أن مصر كلها أصبحت مثل الطرق التي يسير فيها بموكبه آمنة ونظيفة وخالية من المواطنين والسيارات, حينما قِيل لي إن الرئيس قال" إنه لم يكن يعلم أن هناك قانونا جديدا للسلطة القضائية تسبب في أزمة كبيرة في البلد "
فقلت صدقوه لأنه لا يري سوى قناة الجزيرة ومصر 25 ولا يطّلع إلا على موقع إخوان أون لاين ولا يقرأ سوى جريدة الحرية والعدالة وتقارير مكتب الإرشاد ولا يسمع ويصدق إلا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين.
قانونيا هو الرئيس وفعليا هو معزول ، وأضاع على نفسه فرصة ذهبية أن يكون حقا أول رئيس مدني منتخب يُحصّن نفسه بالعدل ويحتمي بالشعب.
egypt1967@yahoo.com