يا «رهف»: مرحبا بك في كندا
"عهد التميمي".. و"رهف محمد القنون".. فتاتان عربيتان في نفس العمر تقريبا وشتان بين الفتاتين.. فالأولى بطلة فلسطينية بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. مثال للشجاعة والجرأة على قول وفعل الحق، ولا تخشى في قول الحق لومة لائم، "عهد التميمي" احتجزتها سلطات العدو الصهيوني في سجونها هي ووالداتها لأنها دافعت بشرف عن حقها في أرضها المحتلة ولم تقبل الإهانة، بل وحاولت أن تسقى محتليها قليلا من كثير يعيشه الشعب الفلسطيني من إهانة في أراضيه وتحت سماء بلاده المحتلة..
ثمانية أشهر من السجن والتنكيل.. هكذا هي حياة أغلب المناضلات في فلسطين المحتلة.. وعلى الجانب الآخر تعيش الفتاة السعودية "رهف محمد القنون" في بلادها حرة.. وفى رغد العيش الذي يتمناه الكثيرات فاقدي الحرية.. لكنها فجأة وبدون مقدمات تبدو مقنعة قررت الفتاة السعودية أن تهرب من أسرتها التي تعذبها وتقسو عليها وتنكل بها.
في نفس الوقت تأخذها الأسرة في رحلة ترفيهية إلى دولة الكويت في إجازة منتصف العام.. كم هي قاسية هذه الأسرة؟!.. قررت الفتاة السعودية كما قالت على لسانها أنها تريد التخلى عن ديانتها الإسلام، وأن أسرتها سوف تقتلها لو تم تسليمها إليهم..
يا الله.. وهل تعتقدين عزيزتى الملحدة أن الإسلام في حاجة إلى انتمائك إليه، فلتذهبِ إلى الجحيم وإلى أي مكان تختاريه.. وسوف أعتبر نفسى ديمقراطية وأنظر للأمور من منظور موضوعي، وأتعامل بمنطق الأمم المتحدة التي انتفضت على بكرة أبيها لتنقذ الفتاة المعذبة التعيسة المنبوذة المعرضة للقتل من براثن أسرتها المسلمة القاسية، وترفض إعادتها إلى دولتها السعودية وتحقيق أمنيتها في الترحيل إلى كندا بلد الحرية والديمقراطية والمساواة بين الرجل والمرأة، والتي قننت زواج المثليين وغيرها من الحريات غير المسبوقة.
وبالفعل استطاعت الأمم المتحدة بالتنسيق مع وزيرة خارجية كندا بالموافقة على حق "رهف" في اللجوء الدينى للاضطهاد في أقل من 48 ساعة..
يا لكي من فتاة محظوظة.. فقد فُتح امامك بابا للحرية ولن يمنعك أي من كان من ممارسة حريتك الدينية، وسوف تلبسين ما تشائين حتى ولو أخترتى أن تسيرى عارية فلتفعلي!
ولى سؤال يحيرني ويؤرقني ويجعلنى مفتوحة العينين كالصقر، لماذا هذه الانتفاضة العنترية سواء من وزيرة خارجية كندا التي ذهبت بنفسها واحتضنت "رهف" حاملة ورود المحبة، أو الأمم المتحدة التي ساندتها بكل قوة، "للدرجة ده شوية تويتات وكومنتات على فيس بوك خلتكم ما تناموش إلا لما تنقذوا البنت المسكينة"؟!
لماذا لما تؤرق صرخات الأطفال الذين يموتون كل يوم برصاص الاحتلال الإسرائيلى أي مسئول أممي؟ ولماذا لم تؤرق منامكم آلاف القتلى في سوريا ولا العراق ولا حتى في اليمن؟ ولماذا لم تتحرك الأمم المتحدة في قضية "عهد التميمي" ولا حتى جاء على خاطرها أن تتحرك باعتبارها هيئة دولية تحافظ على حقوق الناس في جميع أنحاء العالم؟.. ثم لماذا لم يظهر ولا فرد واحد من أهل "رهف" ولا حاول تبرير أو الدفاع عن نفسه؟
أعتقد أن الموضوع له علاقة بالخلافات بين السعودية وكندا منذ الأزمة الأخيرة، حيث قامت بعدها السعودية بترحيل السفير الكندى واستدعاء سفيرها من كندا.. بسبب تدخل كندا في تعامل السعودية مع بعض الناشطات السعوديات.
وأيا كان الطرف المخطىء أو الذي على صواب، فأنا بصدد مناقشة قضية شخصية لها علاقة بفتاة قررت في لحظة جنون الهروب من أسرتها طمعا في حرية زائفة، وهي لا تعرف ماذا يخبىء لها المجهول، فاللاجئون مهما كانوا يملكون من أمل في مستقبل أفضل يظل الواقع المرير الذي ينتظرهم كمواطنين من الدرجة العاشرة في بلد عليهم أن يثبتوا أنهم يستحقون الانتماء إليها.
فهنيئا لكى يا "رهف" في وطنك الجديد.. أنا لست ضد الحرية والتمرد على القيود في غير محلها أو العنف ضد المرأة الذي تعانى منه المرأة العربية، لكننى ضد بيع الأوطان بثمن بخس، وافتعال أزمات يستغلها المغرضون لضرب كل قيمنا وتراثنا.