فن التهويش السياسي!
بشكل مباشر وبدون مقدمات أقول إن تهديد ترامب لأردوغان بتدمير الاقتصاد التركى إذا هاجم أكراد سوريا ليس تهديدا جادا وإنما هو من قبيل التهويش السياسي فقط.. ويعزز ذلك أكثر من موقف:
أولا، ما أن أطلق ترامب تهديده بتدمير الاقتصاد التركى خرج وزير خارجيته ليخفف في تصريحات صحفية له وطأة وتأثير تهديد ترامب لأردوغان، متحدثا بالعلاقات الطيبة بين تركيا وأمريكا والحاجة للتعاون بينهما خاصة في سوريا.. ثم في اتصال تليفوني بين ترامب وأردوغان كرر ترامب فحوى كلام وزير خارجيته عن العلاقات الأمريكية التركية والتعاون المنشود بين بلاده وتركيا، وعن ضرورة أن تحمى تركيا أمنها القومى.
وهكذا يمكننا القول إن ترامب أفرغ تهديده بتدمير الاقتصاد التركى من جوهره، وحوله من تهديد خطير إلى مجرد تهويش سياسي، وإن كان يجدر القول أيضا إنه لم يتراجع عن حماية أكراد سوريا.. ولعل ذلك يذكرنا بتلك التهديدات الحادة التي سبق أن أطلقها ترامب في مواجهة الزعيم الكورى الشمالى، والتي تضمنت تلويحا بضرب كوريا الشمالية بأسلحة نووية.. غير أنه سرعان ما أن تم ترتيب لقاء تاريخي فعلا بين زعيما البلدين، أمريكا وكوريا الشمالية، وتحولت تهديدات وشتائم الرئيس الامريكى للزعيم الكورى إلى كلمات إشادة وإطراء له.
بقى القول إن ترامب لم يفرغ تهديداته بتدمير الاقتصاد التركى من جوهرها نتيجة الرد التركى عليه، والذي تضمن تمسكا بمهاجمة أكراد سوريا، ورفضا للقاء أردوغان مستشار الأمن القومى الأمريكى، وإنما حدث ذلك نتيجة تحرك من قبل مؤسسات اتخاذ القرار داخل أمريكا ذاتها، والتي ما زالت تتعامل مع تركيا بوصفها حليفا وخشيت أن تدفعها تهديدات ترامب إلى الاقتراب أكثر من روسيا.. ولعل ذلك يفسر لماذا عاد ترامب ليرحب بمنطقة عازلة في سوريا سبقتنا طلبتها تركيا لتحجيم دور الأكراد.