رئيس التحرير
عصام كامل

لعنة جمال عبد الناصر!


بعد الإفراج عن أعضاء "الإخوان" الإرهابية عام 1972 وتمويلهم وتسليحهم والموافقة على عودة تراخيص إصدارات ألغيت عند حل الجماعة، مثل مجلات الدعوة والاعتصام والمختار الإسلامي، ومنحهم آلاف المساجد والزوايا والسماح لشيوخهم باستخدام أشرطة الكاسيت وقتها، والموافقة لهم على عشرات الطلبات لتأسيس دور نشر أصدرت آلاف الكتب، وأسسوا مئات المؤسسات الاقتصادية ومنها المدارس، ثم عادوا واستأجروا صحفا من الباطن ومولوا صحفا أخرى علنا.


كل هذه الأدوات والوسائل وجهوها بموافقة من السلطة وقتها لذبح سيرة جمال عبد الناصر وتشويهه وتزييف تاريخه، حتى أن عشرات الأكاذيب المتداولة اليوم عنه من تأليفهم ومن أفكهم وصدقها للأسف الكثيرون، حتى أعداء الإخوان أنفسهم، ورددوها بغير وعي لأنهم للأسف لم يقرأوا ولم يجدوا غيرها!، فولدت أجيال كاملة وتعلمت وكبرت في ظل هذا الزيف كله إلا من رحم ربي، وبحثوا عن الحقيقة بعيدا بعيدا.

وتأتي العام الماضي الذكرى المئوية للزعيم الخالد.. فإذا بأغلب شعوب العالم تحتفل بذكرى الرجل وتتزايد الميادين والشوارع التي تحمل اسمه وأغلبها خارج بلده، ويدعي رئيس وزراء مصر السابق المهندس إبراهيم محلب إلى دول أفريقية وهناك يدعونه لزيارات جامعات تحمل اسم ناصر، ويأتي إلى مصر زعماء أفارقة ذكر أغلبهم سيرته بجمل من نور، ولا تمر الذكرى إلا وعدد من التماثيل في عواصم كبرى منها موسكو تخلده، صوته، ومسيرته، وفي مصر ينقلب الحال.

وإذ بالدولة في عهد الرئيس السيسي تفتتح -أخيرا- متحفه بعد 46 عاما من التجميد، ويطلق اسمه على أول مدينة جديدة في مسقط رأسه بأسيوط، وإذ بالدولة تفتتح قصر ثقافة في قريته يحمل اسمه، وقبل كل ذلك وفي عام البؤس من حكم الجماعة يتدخل أبناء الجيش العظيم لحماية ضريحه منهم، ومن محاولة إغلاقه ومصادرة محتوياته!

وأثناء سنوات العمل الحر للإخوان في الشارع المصري كذبا وافتراء وتشويها ومنها ما قالوه عن السد العالي فيطل الجفاف يضع البلاد على حافة الهلاك فإذا بالسد منقذا.. وهاجموا القطاع العام وإذ بالخصخصة تدفع بالشعب إلى الندم للتفريط في ثروته وتشريد أبنائه، واتهموا حرب 56 بأنها هزيمة فإذا بوزير خارجية بريطانيا وقت العدوان يصدر أكبر وأهم الكتب عن زعيم مصر والعرب يؤكد فيه هزيمة بلاده وإن الحرب كانت السبب في انهيار بريطانيا كدولة عظمى. 

وقالوا إنه أضاع احتياطي الذهب فإذا بالدكتور الجنزوري يشكل لجنة تثبت خطأ ذلك، وإذا بالدكتور علي نجم محافظ البنك المركزي وقتها ينفي وينشر كل ذلك الكاتب الكبير عادل حمودة في الأهرام أكتوبر 1998، ويعيد الآلاف من أبناء شعبنا مواقفهم ويقرأون من جديد في يقظة توقعناها وتنبأنا بها !

الآن نسأل.. أين هو وأين هم؟ بل أين كل من ظلموه أحزابا وأفرادا؟ هل تودون ذكرهم واحدا واحدا وماذا جرى لهم؟ من الكاتب المفضوح بالسرقات إلى الكاتب الفضيحة؟ ومن من طبع العدو الإسرائيلي رواياته إلى من ذهب إلى تركيا من أجل الدولارات؟! سنفعل.. وبالتفصيل.. ولكل حادث حديث لكنها لعنة عبد الناصر التي تصيب من يظلمه ولا يخفي الفرق بين التقييم والبحث وبين الافتراء والتزييف!

وفي ذكراه العطرة.. سلام إلى وعلى روحه وهو عند ربه، ربه الذي أحبه فحبب فيه كل هذه الملايين، بما فيهم من لم يروه.. ونحن منهم!
الجريدة الرسمية