رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور نبيل لوقا بباوي: الخلاف بين الإسلام والمسيحية منزل بأوامر إلهية ولا داعي لمناقشته

فيتو


 

 

  • المسيحي لا يستطيع تغيير حرف واحد في الإنجيل والمسلم لا يستطيع تغيير حرف واحد في القرآن
  • ترشيحي لدخول موسوعة جينيس العالمية لحصولي على أكبر عدد من درجات الدكتوراه في العالم
  • أنوى بناء مجمع للوحدة الوطنية على نفقتي الخاصة بالهضبة الوسطى في المقطم
  • تكريمي من "البحوث الإسلامية" أهم لحظة في حياتي
  • 99 % من تعاليم الإسلام والمسيحية مسائل توافقية.. وهناك من يستغلون الـ1% لإثارة الفتنة 
  • السيسي استمع للسنة النبوية والقرآن الكريم ولم يستمع لصوت الإخوان والسلفيين العالي
  • حاتم الجبلى أنقذنى من بتر قدمي

لا يمكن ونحن نتحدث عن الشخصية القبطية، وإسهاماتها في الحياة المصرية على مر العقود أن نغفل الدكتور «نبيل لوقا بباوي»، ذلك الرجل المسيحي الذي يقبع في ذاك الصرح العظيم بين كتبه ورسائله وصوره، يفكر في الخطوة القادمة التي سيبادر بها ليستكمل مسيرته في عزف سيمفونية الأمل، لبث روح التسامح والمحبة بين عنصري الأمة، ومعالجة كثير من القضايا للحفاظ على وحدة تعاليم عقائد الديانتين الإسلامية والمسيحية، بعيدا عن التعصب وتكريسًا لازدهار بساتين الأمل والتعايش على أرض مصر الغالية.

الدكتور نبيل لوقا من أبناء قرية نجع حمادي بمحافظة قنا، ولد عام 1944، متزوج من الدكتورة "سلوى فهيم" وكيلة وزارة الصحة سابقا، ولديه بنتان و5 أحفاد، تخرج في كلية الشرطة عام 1966، حصل على 9 دكتوراه، في القانون الجنائي والقانون الدولي والقانون العام وعلوم الشرطة وفي الاقتصاد والشريعة الإسلامية والشريعة المسيحية، كما حصل على دكتوراه في حقوق وواجبات غير المسلمين في الدولة الإسلامية في القانون المدني، ودكتوراه في قانون بناء وترميم الكنائس وحرية العقيدة في الإسلام والمواثيق الدولية، وتلك الرسالة ناقشها الدكتور علي عبد العال، فضلا عن أنه قدم ما يقرب من 18 بحثا علميا في المؤتمرات الدولية.


الدكتور بباوي يعمل حاليا أستاذًا للقانون الجنائي بكلية الشرطة، ومحاميا بالنقض، وصاحب مكتب البباوي للاستشارات القانونية، وسبق أن عمل في جهاز الشرطة حتى رتبة اللواء في مختلف أقسام وإدارات الجهاز أغلبها في مديرية أمن القاهرة ووزارة الداخلية، كما عمل عضوا بمجلس الشورى، ووكيلا للجنة الثقافية والإعلام والسياحة بالمجلس.. ألف الكثير من الكتب منها ما يقرب من 45 كتابا عن الشريعة الإسلامية والمسيحية، كلها تصب في الوحدة الوطنية، وتم ترجمة 7 كتب منها إلى اللغة الفرنسية والإنجليزية بمعرفة جهاز المخابرات العامة.
"بباوي" زار ما يقرب من 86 دولة في كل أنحاء العالم، من بين زيارات رسمية تابعة لمجلس الشورى أو سياحية، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 2004، وجائزة الجنادرية بالسعودية، وجائزة التفوق 2016 من المجلس الأعلي للثقافة، وعلى جائزة الملك عبدالله ملك السعودية الأسبق في مؤتمر عن حوار الأديان بإسبانيا، عن مجمل أعماله في التآخي بين المسلمين والمسيحيين.. "بباوي" فتح قلبه لـ"فيتو" وتحدث عن طفولته وسر عشقه لدراسة الشريعة الإسلامية، وأحلامه لمصر والمصريين في السنوات القادمة، وإلى نص الحوار..

في البداية، حدثنا عن طفولتك وأهم المواقف التي ما زالت عالقة في ذهنك؟
كنت أحب البوليس منذ الصغر، وكتبت على باب غرفتي، وأنا طفل العميد نبيل لوقا، وكنت أمارس ألعاب البوليس مع أصدقائي، كما أنني كنت طفلا مشاغبا جدا ومعروفا عني ذلك، أتذكر أكثر موقف عالق في ذهني عندما كنت في نهاية المرحلة الابتدائية، وضربني مدرس اللغة العربية، فذهبت لشئون الطلاب وحصلت على رقم تليفون منزله، وكلمت زوجته وأخبرتها بأن زوجها أصيب في حادث، وجاءت زوجته تصرخ وتبكي بملابس البيت تبحث عنه، فرأته بصحة جيدة، ومنذ ذلك الحين لم يعرف أحد من فعل ذلك.

كيف كانت علاقتك بأصدقائك وجيرانك، وكيف تتعامل معهم؟
كان أصدقائي مسلمين ومسيحيين وكنت أحبهم ويحبونني، وجيراني من أقرب المقربين لي، وكنت أحترمهم جميعا ويحترمونني، وأذكر أكثر موقف لي مع الجيران عندما كنت عضوا بمجلس الشورى، أنشأ القيادي الإخواني "مأمون الهضيبي" مسجدا في عمارة خلف منزلي، وكان ميكروفون المسجد عاليا جدا يوقظني كل يوم من النوم في الساعة 4 بعد منتصف الليل على صوت تواشيح الفجر والقرآن، ولم أستطع النوم نهائيا حتى أذهب إلى عملي، وفي أحد الأيام قررت أن أستغل تلك الفترة من اليوم، واعتدت كل يوم مع أذان الفجر الجلوس مع دراساتي وأبحاثي، وبالفعل حصلت على ما يقرب من 6 دكتوراه بفضل هذا الأذان، ونجحت في تحويل الأزمة لصالحي.

ما أهم ما توصلت إليه في مسيرتك العملية؟
الخلاف بين الديانتين الإسلامية والمسيحية منزل من عند الله ذاته، وبأوامر إلهية لأنها ديانات سماوية: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}، وتوصلت إلى حقيقة يقينية، أنه لا داعي للنقاش في المسائل الخلافية، لأننا سنظل مختلفين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالمسيحي لا يستطيع تغيير حرف واحد في الإنجيل، والمسلم لا يستطيع تغيير حرف واحد في القرآن، لذلك لا بد من إجراء النقاش في المسائل الاتفاقية فقط وهي 99% من الديانتين، والبعد عن مناقشة المسائل الخلافية وهي 1%، وتتمثل في تصور الإلهية بأنه تكلم في المهد صبيا، {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ}، فالمتعصبون من المسيحيين يتحدثون عن معقولية الإسراء والمعراج ونزول الوحي، والمتعصبون من المسلمين يفسرون قضية ابن الله تفسيرا ماديا، وكلاهما غرضه الشهرة الإعلامية وجمع الأموال، لذلك لا بد من إبعادهم عن الإعلام، والأهم من كل ذلك أن معيار العمل الصالح في الديانتين واحد، وأنا أرى أنه لا بد أن نترك النقاش في المسائل الخلافية بين المسيحية والإسلام لله وحده يفصل فيها يوم القيامة {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}، وأنا أؤمن بأن طوق النجاة للأمة المصرية في وحدتها الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، وأن الأعداء لم يستطيعوا الوصول لهدفهم ما ظلت الوحدة الوطنية باقية.

متى شعرت بنجاحك الحقيقي؟
عندما تم ترشيحي كأول قبطي من مجمع البحوث الإسلامية للحصول على جائزة عن مجمل أعمالي في القضايا الإسلامية والمسيحية، فلم يسبق أن رشح المجمع مسيحيا، وهذا يدل على عظمة الإسلام في قبول الآخر المختلف معه في الدين.

كيف تنظر للدولة المصرية ودعوتها للوحدة الوطنية؟
يوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي البوصلة في الاتجاه الصحيح، فلأول مرة في تاريخ مصر نجد حاكما مسلما يبني كنيسة في العاصمة الإدارية بميزانية الدولة، ولأول مرة في مصر يصدر قانون بناء الكنائس بعد مناشدات دامت لسنوات، ولأول مرة في تاريخ مصر يدخل رئيس الدولة الكنيسة في العيد، ويقول للأقباط "كل عام وأنتم بخير"، والرئيس السيسي استمع للسنة النبوية والقرآن الكريم وصوت اعتدالية الإسلام، ولم يستمع لصوت الإخوان والسلفيين العالي، فقد كان الحكام السابقون يخشون صوت الإخوان والسلفيين ويستمعون إليهم، فالرسول محمد هو من قال: «من آذى ذميًّا فقد آذاني ومن آذاني كنت خصمه يوم القيامة»، وفي عام 630 م زار نصاري نجران الرسول في مسجده بالمدينة، وعندما جاء وقت صلاتهم رفض الصحابة صلاة المسيحيين داخل المسجد، ولكن الرسول سمح لهم بالصلاة داخله على مرأى ومسمع الجميع، فتلك أمثلة عملية على أرض الواقع تدل على وسطية واعتدال الإسلام في قبول الآخر، وأن الإسلام بريء من حرق الكنائس، وطرد المسيحيين وسوء معاملتهم وتهجيرهم.

ما هدفك الأساسي من دراسة الشريعة الإسلامية؟
في البداية حصلت على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، لأبحث عن حقوق المسيحيين في الدولة الإسلامية، فتوصلت إلى حقيقة أن ما للمسلمين من حقوق وواجبات هو نفس ما للمسيحيين «لهم ما لنا، وعليهم ما علينا»، وهو ما نصت عليه الشريعة الإسلامية والقرآن الكريم، وأكدت عليه السنة النبوية القولية والفعلية والتقريرية.

ما أبرز الأزمات التي واجهتها في حياتك؟
عندما حصلت على دكتوراه في الشريعة الإسلامية، تعرضت لنقد شديد من قبل بعض المتعصبين من المسيحيين، وعالجت الأزمة بعمل رسالة دكتوراه في الشريعة المسيحية، وكنت كلما أصدرت كتابا عن الشريعة الإسلامية أصدر آخر عن الشريعة المسيحية لتحقيق التوافقية بين الديانتين، فبعد إصدار كتاب العذراء، أصدرت كتاب زوجات الرسول، وبعد إصدار كتاب أخلاق "محمد صلى الله عليه وسلم" أصدرت كتاب "المسيح"، فكل كتبي تصب في النهاية في وعاء الوحدة الوطنية، واتفقت مع قداسة البابا شنودة في التركيز على المشترك بين الديانتين الإسلامية والمسيحية، وأن نتحدث عن المسائل التوافقية فقط.

الأزمة الثانية التي واجهتها في حياتي، كانت عندما كنت في القدس لأداء فريضة الحج، وأنا أعاني من مرض السكري ما يجعلني لا أشعر بالأطراف، وأصبت بجرح في القدم ولم أشعر به، ونزلت بحر الشريعة، ولكن المياه كانت ملوثة فدخل ميكروب في قدمي ووصل للعظم، ذهبت لمستشفى «كليفلاند» في الولايات المتحدة الأمريكية، فقرر 8 أطباء بتر قدمي إلى ما قبل الساق، فأصبت بحالة اكتئاب شديدة، ودخلت غرفتي وكسرت كل محتوياتها، واضطرت عائلتي إلى وضع حارس عند غرفتي لحمايتي، وربطوا يدي بكلبشات في الحديد، حتى لا أتسبب في إيذاء نفسي، وهنا كلمت "حاتم الجبلي" وزير الصحة آنذاك، وصاحب إحدى المستشفيات الاستثمارية، فأرسلني لها، وأجري لي دكتور أوعية دموية بالمستشفى يدعى "هشام بسيوني" عملية جراحية أزال فيها العظم الموجود أسفل القدم المصاب بالميكروب، ولم يبتر الساق.

كيف نجحت في تحقيق هدفك في الحياة؟
في البداية لم أكن أحب المذاكرة، وكنت أعشق الرياضة ولعب كرة القدم، بدأت أدخل مجال المذاكرة والحصول على الماجستير والدكتوراه بتأشيرة من زوجتي، وإلحاحها الدائم الذي وصل إلى حد البكاء لتغيير أسلوب حياتي إلى ضابط مباحث ومأمور سجن يعمل 20 ساعة في اليوم، وتوجيهي للبحث العلمي والتدريس في كليات الشرطة، وقد نجحت في ذلك، وحصلت على 9 دكتوراه، وتم ترشيحي لدخول موسوعة جينيس العالمية لحصولي على أكبر عدد من درجات الدكتوراه في العالم.

ما الخطوة التي تقبل عليها الفترة القادمة؟
بناء مجمع للوحدة الوطنية، وهو عبارة عن مسجد باسم الحافظ، بأكبر مئذنة في الشرق الأوسط بطول 60 مترا، وكنيسة 3 أدوار وبينهما مكتبة عامة، على مساحة 8 آلاف متر مربع، وذلك على نفقتي الخاصة ونفقة أسرتي، وتم تحديد المكان بالهضبة الوسطى في المقطم، وحصلنا على جميع التراخيص الرسمية من المشير طنطاوي في عهد المجلس العسكري عام 2011، ووصلنا في البناء للدور الثالث، وبعد الانتهاء منه سيتم افتتاحه رسميا بمعرفة المسئولين، وسيتم تسليم الكنيسة للكاتدرائية، ويُسلم الجامع لوزارة الأوقاف، وتُسلم المكتبة لوزارة الثقافة.

أهم نصيحة توجهها للشباب؟ 
«اعمل ما تحب ولا تسمح لأحد أن يفرض عليك شيئا لا تحبه».. فمن المؤكد أنك ستنجح فيما تحب، وستستمتع بما تؤديه من عمل وستصل لنتائج جيدة، وستفشل فيما يفرضه عليك الآخرون.
 

الجريدة الرسمية