أزمة الحجاب تشعل النار في «إخوان المغرب».. صور جريئة لقيادية بالعدالة والتنمية تفجر خلافات كبرى حول طبيعة منهج الجماعة.. عصام تليمة: لا نفرضه في قانون التنظيم.. وباحث: يحترفون المزايدة على ا
صراع من نوع جديد، يدور بين أقطاب وأجنحة جماعة الإخوان الإرهابية، بسبب صور تم تسريبها، للقيادية في حزب العدالة والتنمية المغربي، آمنة ماء العينين، وهي دون حجاب في إحدى الدول الأوروبية، وبملابس لا تناسب مرجعية حزب ديني، ينادي بتطبيق الشريعة الإسلامية، ويتخذها ذريعة لحشد الأصوات في كل البلدان العربية والإسلامية.
أزمة "آمنة"
الأزمة التي أحدثتها صورة «آمنة» أصبحت مثل كرة اللهب، تحرق كل يوم في الحزب، ولا سيما أنها اضطرت بعد أيام من الإنكار، للاعتراف بصحة الصور، بينما تفرغت الجبهات المتصارعة داخل «العدالة والتنمية» للمزايدة دون حل لأزمة الهوية المعقدة بالحزب، في ظل ميل بعض القيادات للركض نحو العلمانية، كما تفعل «نهضة تونس» والابتعاد عن التعليق على التصرفات الخاصة، بينما يصر الجناح المتشدد، على المطالبة بمحاسبتها، وإسقاط عضويتها في البرلمان.
ودفعت الجبهة المتشددة داخل الحزب، بالبرلمانية الشابة إيمان اليعقوبي، وابنة صديق عبد الإله بنكيران، رئيس الوزراء السابق، والقيادي المعارض لرئيس الوزراء الحالي، الإخواني سعد الدين العثماني، للهجوم على «آمنة» بعدما زايد بنكيران على موقف الحزب، واعتبر خلع الحجاب حرية شخصية، وهو ما حول الخلاف إلى معارك تستخدم فيها الحرية والمبادئ الدينية، لا لتصحيح العقيدة السياسية، ولكن لمجرد حسم الخلاف السياسي بين المتصارعين داخل الحزب.
واعتبرت «اليعقوبي» أن خلع ماء العينين لحجابها، كذب على المواطن، وانقلاب على قيم المجتمع، من عضو حزب رأسماله الحديث عن الشريعة والقيم، موضحة أنها جرّت على حزب بأكمله انتقادات شديدة على أمر ذي طابع شخصي، وزودت الطين بلة بمحاولة الاختباء خلف القيادة، وإنكار صحة الصور.
وهو ما رد على بنكيران مرة أخرى، زاعما أن الحجاب ليس شرطًا لانخراط النساء في حزب العدالة والتنمية، ولاسيما أنه دعم نساء غير محجبات ورشحهن في الانتخابات السابقة باسم الحزب، بما فجر معركة كبرى حول صحة ما يقوله بنكيران، وهل استند الرجل لقواعد الإخوان، أم يحاول خلع عباءة الجماعة، والانحراف قليلا تجاه العلمانية والحريات، لمغازلة الغرب ووضع منافسيه في ورطة كبرى.
موقع الحجاب في أدبيات الإخوان
لأول وهلة، يتوقع البعض من حزب ديني بنى علاقته مع الشارع باللعب على وتر المشاعر الدينية، والمطالبة بتطبيق الشريعة، أن الحجاب أمر بديهي في أفكار الإخوان، وأدبيات مؤسسها، ولكن الصادم أن الحجاب لم يأت مطلقا في آراء المرشد والمؤسس حسن البنا، أو حتى المرشد الثاني حسن الهضيبي»، ولم يتركوا نصا واحدًا يفيد بفرض الحجاب، وهو ما يستند إليه الجناح الذي يسعى لإرضاء الغرب، والتقرب منه، ومنافسة التيارات العلمانية والمدنية على نفس المربع.
ويسند هؤلاء على فتوى لـ «البنا» عام 1943، رفض فيها تنفيذ الحدود فيما بينهم بالجماعة بمعزل عن الدولة، وأوضح أنها مسئولية الحاكم، وقابلية المجتمع لذلك، ورفض أن يكون حقا للأفراد أو الجماعات، ولو تم تطبيقه على أنفسهم أولا.
ويوثق عصام تليمة، أحد الوجوه المعارضة للقيادات التاريخية، ومفتي الجماعة حاليا، عدم نص أدبيات الإخوان على فرض الحجاب، بمحتوى مجلة «المسلمون» لسان الإخوان، في عددها الثاني الصادر في ديسمبر سنة 1952، التي نشرت مواد دستور كتب آنذاك بواسطة الشعبة القانونية بالجماعة، ظنا منهم أنهم سيحكمون البلاد بعد قيام ثورة الضباط الأحرار، ولم يتضمن أي نص على فرض الحجاب، أو حتى الشريعة الإسلامية نفسها.
يرى إبراهيم ربيع القيادى السابق بالجماعة، أن تنظيم الإخوان يعي جيدا قوانين البراجماتية في أسوأ صورها، موضحا أنها وعلى ما يقرب من قرن، لم تفعل شيئا إلا المزايدة على أخلاق المصريين والعرب والمسلمين.
وأوضح أن التنظيم يراعى دائما الحديث عن أخلاق العفة والطهارة، ويصدرها في لغة انتقاده تصرفات غيره، بينما هم أنفسهم، وحال تمكنهم سيدعمون المثلية الجنسية وليس فقط خلع الحجاب، كما يحدث في تركيا، على حد قوله، لافتا إلى ضرورة فك الارتباط بين الجماعة وبين الدين والأخلاق حتى يفهم الناس حقيقة التنظيم جيدا.