100 يوم على اغتيال خاشقجى.. دماء كشفت هشاشة الأمة
مرت 100 يوم على جريمة اغتيال الكاتب الصحفى السعودي، جمال خاشقجى، داخل قنصلية بلاده في مدينة "إسطنبول" التركية" يوم 2 أكتوبر من العام الماضى 2018، شهدت بعدها الأمة العربية هجمة عنيفة على المستوي الإعلامي والسياسي الدولى كشفت مدى الهشاشة التي تعانيها وأكذوبة التماسك والوحدة، بعدما لطخت دماء الإعلامي السعودي ثوبها.
بداية القصة
القصة والروايات المتضاربة حول عملية اغتيال خاشقجى التي اتسمت بسذاجة التدابير وبشاعة التنفيذ، بدأت مع الساعة الأولى لإعلان خطيبته خديجة جنكيز، اختفائه عقب دخوله قنصلية بلاده لإنهاء أوراق متعلقة بإجراءات الزواج من الحبيبة التركية.. التشكيك في الرواية وتبنى نظرية المؤامرة سيطر على المشهد العربى، بين خصوم المملكة وحلفائها.. البعض اعتبرها جريمة تركية وتبنى الدفاع عن الرياض، فيما اصطف الآخر ضدها وحضرت قطر وعناصر جماعة الإخوان في المشهد، ولم يفوتها أيضا الرئيس التركى رجب طيب أردوغان في تصفية الحسابات، وجند أمير قطر ميزانيات مفتوحة لقناة "الجزيرة" لمتابعة التطورات.
العرب كعادة التاريخ يخدعهم الجميع حتى يورطهم، سقطوا في فخ الدفاع عن السعودية وإلقاء الاتهامات العشوائية ضد قطر وتركيا، وحيكت السيناريوهات حول مكان خاشقجى الضحية، لحين دخول الغرب على خط الأزمة وظهور صياد الفرص –الرئيس الأمريكى دونالد ترامب- بقوة.
اعتراف السعودية
بعيدا عن سرد الماضى والروايات المتضاربة، وصل بنا جميعا قطار الجريمة إلى محطته الأخيرة، بإعلان السعودية رسميا إلقاء القبض على 21 متهما في اغتيال خاشقجى، متعهدة بمحاكمتهم وتقاطرت بيانات النائب العام السعودي فيما بعد، لتزيد من حيرة عقول عربية تائهة بالفطرة.. لتكتب نهاية لنظرية المؤامرة وبداية لكشف حساب ما تعرضت له أمة ثيابه يحمل بقع دماء خاشقجى، كاشفا هشاشتها ومدي تصدع وحدتها على جميع المجالات.
انهيار الإعلام
الإعلام العربى، جاء على قائمة التفكك العربى، بعدما تلاعبت بنا صحف الغرب على مدار أيام وساعات طوال، ونقلت الروايات الصادقة والكاذبة، وتصلبت دماء خاشقجى في شرايين الإعلام العربى على كافة مسيماتها من المحيط إلى الخليج، فلا نحن امتلكنا ناصية المهنية لتغطية القضية، ولا حصلنا على معلومات شفافة تريح عقل القارئ المتابع بالقضية.
وقفنا جميعا في طابور انتظار طويل على مواقع التواصل الاجتماعى، ننتظر خبر عاجل أو تغريدة تأتى إلينا من خلف البحار لنعرف جزء من أسرار عملية اغتيال جديدة في كتاب التاريخ العربى الذي كتبت سطوره بدماء الضحية في الماضى.
المشهد الإعلامي المرتبك سمح أيضا لقناة الجزيرة القطرية أن تعيد تموضعها، وتجذب المشاهدين الذي فقدتهم عقب ثورات الربيع العربى بعدما اكتشف القارئ اغراضها الحقيقاة وأكاذيب دعم الديمقراطية التي تتبناها.
هشاشة سياسية
بيانات المساندة التي خرجت من العواصم العربية، وتبعها بيانات المباركة هي الأخري تحولت إلى مصباح كبير يضئ مواطن التصدع والشروخ في الجدار العربي، وعسكت انتظار الجميع القرار النهائى من الحاكم الفعلى للعالم – أمريكا- بدون مبادرة حقيقة تقف أمام رياح خاشقجى العاصفة التي كدت تقتلع المنطقة من جذورها.
دماء رخيصة
صحيح أن فريق اغتيال خاشقجى ارتكب جريمة مروعة، لكن في نهاية المطاف سواء كان القرار من قيادة عليا أو وسطى، من الخطر السماح بإسقاط دولة بحجم المملكة العربية السعودية، وهو ما ظهر بقوة في تغريدات ترامب المتتالية الذي استغل هو ورفاقه الحادثة الأليمة وطرح دماء الصحفى السعودي في بورصة الابتزاز السياسي والاقتصادي، ولم يفوت الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الفرصة في اتباع خطوات نظيره الأمريكى، لنكتشف جميعا في نهاية المطاف مدى رخص الدم العربى في عيون العدو والمحتل القديم، والدفاع عن أبنائها مجرد شعارات واهية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، خصوصا أنه بعد التصريحات النارية دخلت جثة خاشقجى ثلاجة التفاهمات ولم يعرفها مصيرها حتى الآن بالرغم من قناعة الجميع بامتلاك أمريكا وتركيا ما يكفى من معلومات لإكرام الميت –دفنه- بطريقة لقنتنا درسا بضرورة الحفاظ على الأوطان وعدم الرهان على حماية الغرباء.