انسحاب القوات الأمريكية من سوريا يطيح بأحلام الأكراد.. حلم الاستقلال وتكوين دولة كردية «في مهب الريح».. أردوغان يستعرض عضلاته في الشمال السوري.. وعودة داعش «كابوس» يهدد الأقليات
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يعتزم سحب القوات الأمريكية من سوريا ما يغير موازين القوى، وبسبب هذا يحاول الأكراد التموقع من جديد في المنطقة حيث وجب عليهم اختيار حلفائهم.
حلم الاستقلال
الأكراد الكبرى في سوريا يرغبون هي نيل الاستقلال، لكن وللوهلة الأولى هم يأملون في فرض وجودهم في شمال سوريا، وبالنسبة للناس في مدينة منبج كانت الأيام الأخيرة للسنة المنتهية مضطربة، فالرئيس الأمريكي أعلن عبر موقع تويتر نيته سحب ألفين جندي أمريكي من سوريا ثم حشدت تركيا قوات على الحدود القريبة تزامنا مع إطلاق تهديد واضح في اتجاه الأكراد، ثم وصلت وحدات الرئيس السوري بشار الأسد إلى منبج، وأفادت تقارير أن مئات المقاتلين الأكراد تم سحبهم.
ومنذ تلك اللحظة لم تتغير المواقع بشكل ملحوظ.. "صدام" واثق من أن ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردي ستظل في منبج.. هذا الكردي البالغ من العمر 26 عاما والذي يحمل في الحقيقة اسما آخر هو والد بنتين، وهو يعيش في المدينة التي حررتها وحدات حماية الشعب الكردي تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية من مقاتلي تنظيم "داعش" في 2016، "المدينة تقع حاليًا تحت مراقبة المجلس العسكري لمنبج"، كما يقول صدام، وفي المجلس العسكري يوجد بالأساس أكراد، لكن فيه أيضا عربا، ويتولون إدارة المدينة.
أردوغان يستعرض عضلاته
تقع منبج 32 كيلو مترا جنوب الحدود التركية، وتحولت إلى نقطة خلاف في حرب سوريا منذ أن هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن حملة عسكرية في حال عدم تخلي وحدات حماية الشعب الكردي عن مواقعها.
وتنظر تركيا إلى هذه الوحدات الكردية بأنها تنظيم تابع لحزب العمال الكردستاني المحظور، ورغم أن الأكراد كانوا يتوقعون منذ مدة حصول هذه الحملة، إلا أن الكثيرين كانوا مصدومين، واقترحوا على نظام بشار أن يحمي منبج من الأتراك، وبالتالي فإن وصول الجيش السوري إلى أطراف منبج واستيلاء الأسد على أراض لم يشكل تهديدا إضافيا، بل تهدئة لكثير من سكان المدينة.
وبالنسبة إلى الأكراد يشكل انسحاب أمريكي كيفما كانت وتيرته خطرا كبيرا، فهم لن يخسروا قوة حماية تمنع إلى حد الآن حصول حملة عسكرية تركية فحسب لكن الهدف السياسي هو قيام منطقة كردية مستقلة تربط بين عفرين الحدودية في الشمال الغربي مع كوبان في الشرق يبعد تحقيقه، فالأكراد خسروا عفرين منذ فبراير 2018 لصالح مجموعات سورية تدعمها تركيا، وكانوا يأملون إلى حد الآن في الحفاظ على المناطق الواقعة في الشرق بالقرب من منبج والرقة وقامشلي.
والآن يطرح السؤال نفسه: كيف يمكن لهم وقف الصدع في السد، وهنا يظهر احتمالان: إما أن يقنعوا الأمريكيين بالبقاء أو يقنعوا الأسد بتقديم تنازلات.
وحدات حماية الشعب الكردي
ولا يتضح ما هو عدد المقاتلين الأكراد في منبج.. " لقد انسحبوا قبل مدة، وهذا ما أعلنته عدة مرات رسميًا وحدات حماية الشعب الكردي"، تقول فوزية يوسف من الحكومة الإقليمية الكردية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية "سنا" أن 400 مقاتل غادروا المدينة في قافلة قوامها ثلاثون عجلة سارت باتجاه الفرات، والمرصد السوري لحقوق الإنسان المحسوب على المعارضة تحدث عن 250 من المرتزقة المنسحبين، إلا أنّ المجلس العسكري في منبج نفى صحة التقارير التي تحدثت عن انسحاب.
انسحاب كردي كامل حسب خبراء ليس إلا مسألة وقت، كما قال نيك فيراس من مركز الأمن الأمريكي الجديد في واشنطن مضيفًا: "وحدات حماية الشعب الكردي يجب أن تنسحب من منبج بكل بساطة، إنه تفاهم جيوسياسي يعكس أن وحدات حماية الشعب الكردي تقدمت كثيرا باستيلائها على منبج، والآن يجب عليها الانسحاب إلى الضفة الشرقية من الفرات".
وحتى الأمريكيين قرروا أن لا تبقى وحدات حماية الشعب الكردي في منبج"، وإذا ما انسحب المقاتلون الأكراد، فإن تركيا لن تنفذ مخططات هجومها العسكري.
داعش
تنظيم داعش قضي عليه بشكل كبير، لكن هناك مخاوف من عدم التغلب على إيديولوجية هذه الميليشيا الإرهابية، وقد تعود بعض المجموعات لتتكون من جديد إذا انسحبت الوحدات الأمريكية، ويرتب الفاعلون المختلفون في المنطقة موازين القوة من جديد.
وأثارت مخططات الرئيس الأمريكي بالانسحاب من سوريا قلق بعض حلفاء الأمريكيين في المنطقة التي توجه إليها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون الذي وعد في إسرائيل بأن الانسحاب الأمريكي سيكون مرتبطا بشروط، وبالنسبة إلى الأكراد يصعب تفسير السلوك الأمريكي الذي يماطل في حسم الأمور.
وفي هذه الأثناء تجري مفاوضات بين الأكراد والنظام السوري، ويأمل الأكراد في انتزاع تنازلات من نظام دمشق بغية تحقيق حلمهم بإقامة حكومة كردية مستقلة.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل