رئيس التحرير
عصام كامل

خفايا صفقة النصف مليار دولار في السكك الحديدية.. استيراد 200 جرار من أمريكا بمواصفات غير ملائمة وفترة ضمان تنتهي قبل التشغيل الفعلي.. ومصدر بالهيئة يرد

الهيئة القومية للسكك
الهيئة القومية للسكك الحديد

لماذا تقف السكة الحديد في مصر دون تطوير ملموس حتى الآن؟ لماذا لم يشعر المواطن بنتائج إنفاق ملايين الدولارات على تحديثها؟ هل هي أزمة إدارة أم مشكلة عدم وضوح رؤية ومن المسئول؟ أسئلة عديدة غامضة لا تزال تبحث عن إجابات!


يزداد الغموض يوما بعد يوم في "باب الحديد" الرمز الأكثر انتشارا لسكك حديد مصر، وتزداد معه علامات الاستفهام وفي موازة هذا تصدمنا المفاجآت، وأحدثها مفاجأة جديدة من العيار الثقيل كشفتها مصادر "فيتو" داخل هيئة السكك الحديدية، حول صفقة استيراد 200 جرار جديد، والتي تم التعاقد عليها مؤخرا من أجل "إعادة الروح" لهذا المرفق الحيوي، حيث أكدت المصادر أن مواصفات هذه الجرارات غير ملائمة من حيث الوزن والسرعة وقوة الشد، وأكثر من هذا فإن الصفقة تخرج من فترة الضمان قبل التشغيل الفعلى.

بدأت أزمة الجرارات الجديدة، عندما تعاقدت الهيئة القومية للسكك الحديدية مع نفس الشركة التي قامت بتوريد صفقة الجرارات الفاشلة من قبل، والتي لم تعمل أكثر من شهر، وهى الصفقة التي حصلت عليها الهيئة القومية للسكك الحديدية من شركة جنرال الأمريكية، وفشلت الصفقة مع أول تشغيل لها بسبب عدم توافق المواصفات الخاصة بالجرارات مع القضبان والبنية التحتية.

لم تكتف الهيئة بما تجرعته من قبل واختارت بإرادتها الحرة أن تشرب من نفس الكأس، وتعاقدت مع نفس الشركة، ولكنها قررت التعديل في مواصفات الجرارات ونص العرض الأمريكى، الذي وافقت عليه الهيئة، على أن يكون الجرارات أقل في الأوزان وأقل من قوة الشد، والسرعة وقدرة الماكينة الخاصة بالديزل، بالإضافة إلى العديد من المواصفات الفنية الخاصة بجرارات السكك الحديدية.

أما سعر صفقة الجرارات فقد جاءت بسعر 2.7 مليون دولار للجرار الواحد، بزيادة نحو 200 ألف دولار في الجرار عن أقرب عرض، ولم يكن السعر فقط هو الصادم، ولكن المواصفات أيضا والتي جاءت أقل من مواصفات غيرها من الجرارات من حيث إمكانيات الجرار.

الصادم أيضا في صفقة الجرارات الجديدة للسكك الحديدية هو فترة الضمان، حيث أعطت الشركة فترة ضمان للجرارات الجديدة المقرر توريدها يصل لنحو 10 سنوات تبدأ من تاريخ الإنتاج، مع العلم أن تاريخ الإنتاج هو تاريخ توقيع الصفقة وتفعيلها، وبالتالى فإن فترة الضمان ستنتهى قبل دخول الجرارات للخدمة، خاصة أن الجرارات يستغرق تصنيعها ما يقرب من 5 سنوات، ويتم تجربة وتدشين القطار في أكثر من عامين، وبالتالى يضيع من فترة الضمان أكثر من 7 سنوات، ولن تتمكن من الحصول على كافة فترة الضمان الخاصة بالجرارات.

وإزاء هذه المعلومات الصادمة، تواصلت "فيتو" مع مسئول بالهيئة القومية للسكك الحديدية، لاستجلاء حقيقة هذا الأمر، والذي أكد أن الهيئة كانت مضطرة للتعاقد على الصفقة مع الشركة الأمريكية، لإحياء نحو 80 جرارا قديما موجودة بالهيئة، وفي سياق دفاعه عن الصفقة، أوضح المصدر – الذي طلب عدم ذكر اسمه - أن الهيئة تمكنت من خلال هذه الصفقة من التعاقد على صيانة وتطوير وإصلاح الجرارات القديمة بدلًا من كونها متهالكة ولا تعمل، مشيرا إلى أن الهيئة تعانى كثيرا بسبب الصفقة القديمة لعدم وجود قطع غيار والاتفاق الذي تم مؤخرا يقضى بإلزام الشركة بإصلاح الجرارات القديمة البالغ عددها 80 جرارا، بخلاف توريد 200 جرار جديد، وقد تعهدت الشركة الأمريكية بتنفيذ ذلك بشكل متتابع خلال الفترة المقبلة مع توفير قطع الغيار اللازمة.

من جهته، دافع المهندس حسين زكريا، الرئيس الأسبق لهيئة السكك الحديدية، عن الهيئة، مؤكدا أنها تعمل على توفير أكبر عدد من الجرارات خلال الفترة المقبلة، لإعادة الانضباط لمواعيد القطارات، وفى الوقت ذاته عودة الروح للعديد من الخطوط، وقال إن مواصفات الجرارات من اختصاص السكك الحديدية، وإذا كانت الهيئة تعاقدت على جرارات بقدرات شد ومواصفات خاصة فهذا يعنى أن الهيئة هي التي اختارت المواصفات ولم يكن هناك أي خداع من الشركة للهيئة، واختتم زكريا قائلا: إن المواصفات تتم بناء على قدرة البنية التحتية الخاصة بالسكك الحديدية، والتي تشمل القضبان والفلنكات وغيرها والتي بناء عليها يتم تحديد أقصى وزن للقطار وأقصى سرعة تتحملها القضبان، بالإضافة لكافة المواصفات الفنية بما يتناسب مع تشغيل السكك الحديدية.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية