رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة تخدع نفسها ذاتيًا أم تخدع الرأي العام؟!.. تقارير رسمية تكشف زيادة الصادرات والواردات أيضًا.. الصين والهند تستوردان البترول من القاهرة وتعيدان تصديره لها.. و2.6 مليار دولار فاتورة أطراف الطيور

فيتو

ليس كل ما يلمع ذهبًا، هذا ينطبق حرفيًا على التقارير الصادرة عن الجهات الحكومية التي تفتقد أحيانًا كثيرة إلى الموضوعية، وتبدو كما لو أنها إحدى أدوات مراوغة الرأى العام.


ففي واحدٍ من التقارير التي صدرت مؤخرا،ً تقرير أصدره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تحت عنوان: " التبادل التجارى بين مصر وأهم دول شرق آسيا لعام 2017"، وبحسب التقرير، أو ما أسماه الجهاز: "النشرة السنوية"، فإنها قدمت تحليلًا رقميًا عن حجم التجارة الخارجية " صادرات/ واردات" مع أهم دول شرق آسيا وتضم: ماليزيا، الصين، الهنــد، أندونيسيا، باكستان، تايــلانـد، سنغافورة وبنجلاديش.

في شأن الصادرات.. نوهت النشرة إلى أنها بلغت 41.8 مليار جنيه خلال العـام 2017 مقابــل 18،5 مليار جنيه خلال العـام 2016 بنسبة زيادة قـدرها 126٪. وبالنسبة للواردات فقد بلغت 300.7 مليــار جـنيــه خلال العـــام 2017 مقـابــل 182.8 مليـار جنيه خلال العام 2016 بنسبة زيــادة قـدرها 64،5٪.

النشرة رصدت قيمة إجمالى صادرات وواردات كل دولة من دول شرق آسيا على حدة، غير أن اللافت للنظر هو طبيعة ما تصدره مصر وما تستورده من بلدان ينتمى معظمها إلى قائمة دول العالم الثالث.

الهند والصين جاءتا على رأس الدول التي حصلت على صادرات مصرية، حيث استوردت الأولى ما قيمته 16 مليار جنيـه، فيما استوردت الثانية ما قيمته 5 مليارات جنيه، ولكن القاسم المشترك في وارداتهما من مصر هو: خام البترول، ما يطرح أسئلة تبدو منطقية عن السبب الذي يجعل الحكومة المصرية تصدر خام البترول في وقت لم تتمكن فيه من حل أزمات الطاقة، فيما تلوح بين الحين والآخر برفع سعر الوقود بوتيرة صارت تلقى بأعبائها الثقيلة على قطاعات غير محدودة من المصريين.

الدولتان المذكورتان تبادلتا المراكز عند الحديث عن الواردات، حيث كشفت النشرة عن أن الصين حلت في المرتبة الأولى برصيد 144.2 مليار جنيه، مقابل 41.6 مليار جنيه للهند.

ومن الغرائب.. أن مصر تستورد من الدولتين السولار ولحوم وأحشاء وأطرافًا صالحة للأكل، وهى مرافقة أخرى تعكس الحالة الرخوة والمرتبكة التي تحكم عمليتى الصادرات والواردات في السوق المصرية، فالدولة التي تعانى عجزًا في الطاقة تصدر خام البترول ثم تستورد السولار، والدولة التي كانت يومًا ما رائدة في الزراعة والثروة الداجنة تستورد أحشاء وأطرافًا للدواجن!

قائمة واردات مصر من دول شرق أفريقيا شملت أيضًا: أجهزة كهربية وأجزاءها ومراجل وأجهزة آلية ومكوناتها.

وفيما جاءت مجموعـة الوقـود والمنتجـات البتـروليـة ومنتجـات الصناعـات الاستخراجـيــة فـى المرتبة الأولى للصادرات خلال عامى 2016، 2017، بحسب النشرة السنوية، فإن مجموعـة الآلات والأجهـزة الآليـة والكهربائيــة ومعــدات النقـل وأجـزاءهــا حلَّت فـى المرتبـة الأولى أيضًا ولكن بالنسبة للواردات عن نفس الفترة.

ويبقى السؤال الأهم: كم وبكم تُصدِّر مصر منتجات بترولية للأسواق الخارجية ولماذا؟
بحسب خبراء بتروليين، تحدثت معهم "فيتو"، فإنهم أرجعوا تصدير مصر أنواعًا من النفط والمنتجات البترولية للخارج إلى أمرين لا ثالث لهما، الأول: أن تلك المنتجات المُصدرة لا تتناسب مع معامل التكرير المتاحة بسبب طبيعتها الثقيلة جدًا مثل التي ينتجها حقل "رأس غارب"، والثانى: وجود فائض عن الاحتياجات الأساسية مثل: وقود السفن والنفاثات، فضلًا عن وقود "البروبان" الذي تنتجه شركة "العامرية" بالإسكندرية!!

ووفقًا لتقارير متعددة فإن إجمالى ما تقوم مصر بتصديره من المواد البترولية يتجاوز 600 مليون دولار في العام الواحد.

حقول البترول
ورغم ما أعلنته حكومة الدكتور "مصطفى مدبولى" خلال العام الماضى، من وضع خطط وبرامج وآليات حديثة لإنجاز مشروعات تنمية حقول البترول والإسراع بوتيرة العمل فيها من أجل وضعها على خريطة الإنتاج، لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وتحقيق الاكتفاء الذاتى من البترول، على غرار ما يحدث الآن مع حقول الغاز الطبيعى، إلا أن الواقع يؤكد أن تلك الطموحات لم تبصرْ النور بعد.

وبالنسبة لأحشاء الطيور وأطرافها.. فإن تقريرًا حكوميًا حديثًا كشف عن أن مصر استوردت خلال العام المنقضى منذ أيام لحومًا وأحشاءً وطيورًا ودهونًا بما قيمته 2.650 مليار دولار، ما يكشف عجز الحكومات المتعاقبة عن توفير التدابير والاحتياجات الأساسية وتحقيق الاكتفاء الذاتى منها، بدلًا من إهدار العملة الصعبة على بعض المنتجات التي يمكن توفيرها بسهولة.

وفى شأن الأجهزة الكهربية والمنزلية والآلية فإن فاتورة استيراد مصر منها سنويًا تكسر حاجز الـ10 مليارات دولار، في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن توسعات صناعية كبيرة في جميع المجالات، ولكن يبدو أنها لم تحقق بعدُ المرجو منها، وهو ما يعنى أن استنزاف العملة الصعبة سوف يبقى مستمرًا حتى إشعار آخر..

"نقلا عن العدد الورقي...."
الجريدة الرسمية