رئيس التحرير
عصام كامل

عيد الميلاد المجيد وشهداء الكنيسة


تزامن صوم الميلاد وأعياد الكريسماس مع فرحة تدشين الكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الجديدة هذا العام، وهذا العيد يحمل ما بداخلنا محبة كبيرة للشهداء الذين سقطوا على اسم المسيح منذ العصور الأولى للمسيحية حتى مذبحة دير الأنبا صموئيل المعترف الثانية بمغاغة بمحافظة المنيا، التي وقعت منذ شهرين..


ونحن نتذكر ما قيل بإرميا النبى القائل بعد مذبحته الشنيعة التي قام بها الملك هيرودس بقتل 144 ألف طفل من سن عامين من أطفال بيت لحم، بسبب ارتباطهم بوليد بيت لحم يسوع المسيح له المجد، "صوت سمع في الرامى نوح وبكاء وعويل كثير وراحيل تبكى على أولادها ولا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين".

ولكن سرعان ما تبدلت مشاعر الضيقة والحزن إلى مشاعر الفرح، وهنا تدخل التعزية إلى كل أسرة زف أحد أفرادها إلى أعلى درجة من درجات الملكوت.. ما أعظم مركز الشهداء في الكنيسة فإننا نذكرهم قبل القديسين والأنبياء والمعترفين والسواح والبطاركة، وقبل آباء الرهبنة هم بعد ست الطهر مريم العذراء، وملائكة الله، ومن عظمة هؤلاء الشهداء الأبرار أن الله يرسل بعضهم بعد موتهم إلى هذا العالم لإنقاذ بعض الناس، أو لإجراء معجزة معينة لإثبات أن حياتهم لا تزال باقية حية بعد موتهم، ويقول القديس يوحنا "رايت تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله والشهادة التي كانت عندهم"..

إن الله يمنحهم هؤلاء كرامة معينة بإرسالهم وإجراء معجزات كثيرة بأسمائهم وما أكثر ما حدث ذلك مع شهداء الإيمان، مثل أمير الشهداء مارجرجس، وأبى سيفين، وأول الشهداء إستفانوس، والقديسة العفيفة دميانة....إلخ، ومعجزات كثيرة تحدث هذه الأيام من بعض شهداء مذبحة ليبيا بقرية العور بالمنيا وشهداء طنطا..إلخ، والكنيسة تكرم هؤلاء الشهداء إكرامًا شديدًا وتقيم لهم مزارات وتحتفل بذكراهم وتنشر لهم المدائح وترسم لهم الأيقونات، وتوقد أمامهم الشموع، وتذكرهم في القداسات، وتستشفع بهم في صلواتها، وتذكرهم بالمواعيد الإلهية التي أعدها الله للذين يحبونه..

نصلى إلى الله ملك السلام كل حين إن يحل سلامه على مصر الحبيبة بكل الخير والبركات والتقدم، هذه هي رسالة المسيح وليد بيت لحم التي نذكرها في عيد ميلاده لكى يعطينا السلام، وندعو الجميع إليه متذكريين أيضا أنه قال لتلاميذه الأطهار "وأى بيت دخلتموا فقولوا سلاما لأهل هذا البيت فإن كان ابنا للسلام يحل سلامكم عليه".

على أن يكون السلام من عمق القلب والنية أيضا وليس مظهرًا خارجيًا، لا بد أن يكون سلامًا يعود فيه الحب إلى القلوب والصفاء ويعيش الجميع في جو صحى طبيعى برضاه الله، فاحص القلوب لهم ونريد أن يكون السلام بين الناس مستمر ومبنيًا على أسس سليمة، هذه هي الوطنية التي منحها ملك السلام للعالم في ميلاده العجيب وقدمها لتلاميذه بقوله "سلامى أترك لكم.. سلامى أنا أعطيكم ليس كما يعطى العالم أنا" يو 21:10.

تأكد أن سلام الله يفوق كل عقل ويحفظ قلبك وفكرك وعقلك ويحفظك من الشيطان وينوع عنك الخوف والقلق.. فليتنا نتذكر وعود الله لنا، أنك تجد سلامًا داخل قلبك إن تذكرت قول الرب لك "هوذا على كفى نقشتك" أش 49، وأيضًا قوله "أم أنتم شعر من رؤوسكم جميعها محصا".

فالأشرار فقد سلامهم مع بعضهم البعض، بسبب البعد عن محبة الله الحقيقة لأن سلامهم كان زائفًا أضلوا الكثيرين وانتشر الشر في الأرض "وقال الله لهم لا سلام للأشرار" أش57.

بدون سلام الله لا يستقر أي مجتمع في المسكونة، والسلام هو شهوة كل دول وشعوب العالم حتى تعمل في هدوء واستقرار، دون سلام الله تعيش الناس في شريعة الغاب.. فنحن نفرح اليوم في عيدك المجيد مع ملائكة السماء التي رنمت بأنشودة الفرح والسلام. 

"المجد لله في الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة".. وكل عام وأنتم في ملء النعمة والبركة والسلام.

الجريدة الرسمية