«أم المدمنين».. أفغانية تكرس حياتها لإنقاذ ضحايا عاصمة المخدرات
ليلى حيدري، أفغانية تبلغ من العمر40 عامًا، درست السينما، كاتبة أفلام وثائقية، عرفت في وطنها بـ "أم المدمنين"، ليس لترددها على المواد المخدرة، ولكن لاحتوائها للمدمنين ومحاولة مساعدتهم في الإقلاع عن الإدمان.
تزوجت ليلي في الـ 12 من عمرها، ثم أنجبت طفلها الأول بعد عام واحد من زواجها، عاشت حياتها المليئة بالفظائع والقهر، بعدما أجبرتها أمها على الزواج المبكر، وتحمل مسئولية لا يستطيع الأطفال في عمرها تحملها.
بعد زواجها بفترة قليلة هربت عائلة ليلى من العنف في أفغانستان وتركوها بين يدي زوج حاقد، تمكنت في نهاية المطاف من الحصول على الطلاق بعد 13 عامًا، ومن ثم قررت مساعدة مدمني المخدرات، الذين يجدون في طريق الإدمان وسيلة للهروب من العنف الأسري والإرهاب في كابول.
عقاب عائلي
بعد طلاقها تعرضت للنبذ من عائلتها، بعدما تجرأت على الانفصال من رجل دين، كما تم حرمانها من رؤية أولادها الثلاثة، فقررت أن تكرس طاقتها لمن هم بحاجة إليها، خاصة مدمني المخدرات في شوارع كابول، دون استسلام، كنوع من التعويض عن فقدان أبنائها، خاصة بعدما نالت شهادة بكالوريوس وأنشأت مدرسة للشبان الأفغان كان النظام يرفضها.
لم يفارق الحظ السيئ "ليلى" حتى عامها الـ35، عندما عاشت تجربة السجن لمدة شهرين، من ضمنها 40 يومًا في الحبس الانفرادي، بسبب تظاهرها من أجل المطالبة بحقوق مواطنيها.
عاصمة المدمنين
تشهد أفغانستان التي تنتج 90% من الأفيون في العالم ارتفاعًا خطرًا في نسبة إدمان المخدرات، علمًا أن وزارة مكافحة المخدرات أحصت نحو مليوني مدمن، يعيشون في ظروف بائسة، ويتجمع كثيرون تحت أحد الجسور، وهم محرومون من الرعاية ويعانون سوء التغذية والعنف، كما توفي العشرات منهم بسبب المرض في الشتاء الماضي نتيجة البرد القارس.
ماما ليلى
بدأت ليلى منذ يومها الأول لإنشاء مركز التأهيل الوحيد في أفغانستان لعلاج المدمنين، بالذهاب لأماكن تجمعهم تحت الجسور والحديث معهم بهدف احتوائهم، وعرفت بـ "ماما ليلى" داخل مركز التأهيل، وأصبح كل من يعرفها يطلق عليها نفس الاسم، بسبب حنانها والبسمة التي لا تفارق وجهها.
منزل صغير
بدأت "ليلى" المشروع في منزل صغير في العاصمة الأفغانية "كابول"، مؤلف من ثلاث غرف ضم نحو عشرين شخصًا من المدمنين، لعلاجهم عن طريق الحوار للتخفيف عن أنفسهم بما أن الدواء ليس متوافرًا، واستوحت أسلوبها العلاجي من المنظمة الأمريكية «ناركوتيكس أنونيموس»، التي تعتمد العمل الجماعي وسيلة للتغلب على الإدمان.
على الرغم من التهديدات التي تعرضت لها والتي وصلت لحد الموت، إلا أنها تخطت كل ذلك، وافتتحت مركز إعادة التأهيل الخاص الوحيد بالمخدرات في المدينة، والذي ساعد حتى الآن ما يقرب من 5000 أفغاني كان سينتهي بهم المطاف في الشوارع أو الموت.