زهور «محمد عبد الله نصر»!
بينما ينشغل بعض رجال الدين بمشروعية تهنئة غير المسلمين بأعيادهم ومناسباتهم، وهو الجدل المدهش الذي يتكرر بمناسبة غالبا وبغير مناسبة، أحيانا نقول أنه أثناء ذلك قرر الشيخ "محمد عبد الله نصر" أن يتصرف بشكل مختلف.. ففي رأس العام حمل الكثير من الحلوي والزهور وذهب إلى كنيسة "قصر الدوبارة" الشهيرة القريبة من التحرير، ووقف على أبوابها يقدم هداياه للمصلين أثناء دخولهم إلى الكنيسة!
كان المشهد لافتا.. فالرجل بالزي الأزهري وهذا أجمل ما في المشهد الذي تحولت فيه تعاليم الإسلام بالبر مع الآخرين إلى سلوك عملي حقيقي، لم يأمر الشيخ نصر غيره بالبر ونسي نفسه، بل بدأ بها! وكان المشهد سارا مبهجا إلى أقصى درجات السرور والبهجة!
الشيخ "نصر" العائد من السجن لخلاف في الاجتهاد، رغم أن الإسلام يبشر المخطئ بأجر والمصيب بأجرين.. لكن هذا للأسف ما جرى!، قد يقول قائل إن الرجل يقول كلاما خطيرا ولابد من عقابه! وللأمانة فقد كان الرجل وهو يقول هذا الكلام "الخطير" الذي عوقب بسببه كان يرغب في نفي التطرف عن الإسلام، ونفي أنه يدعو للقتل والتفجير والتدمير وأنه دين الحق والعدل والحرية!
بينما نترك خارج السجن وبعيدا عن أي عقاب كل من يقول العكس في تناقض عجيب، ساهم فيه منتمون إلى ما يسمى النخبة!
إن كان البعض استطاع في الإعلام - بغباء أو بخبث- تحويل الأمر إلى تهريج، ومن فقرة تليفزيونية جادة إلى فقرة للسخرية والاستهزاء.
إلا أن سلوك "محمد عبد الله نصر" مهما بلغ ومهما فعل لن يصل إلى سلوك من أذى الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بانفعاله عليه، وهو يطالبه بالعدل فيما يظن أنه حقه ويرد "عمر ابن الخطاب" كعادته على الانفعال بانفعال ويبلغ حد التهديد بقطع الرقاب، فماذا فعل الرسول؟، هل ضحك وتغاضى عن فعل "عمر"؟.. هل التمس له العذر وقد كاد أن يفتك بالرجل؟، العكس تماما.. طالبه بالاعتذار للرجل عمليا قائلا "أنا وهو أولى من ذلك منك يا عمر.. أن تأمرني بحسن الأداء وأن تأمره بحسن الطلب.. اذهب واعطه حقه وزد عليه عشرين صاعا من التمر"!
ورغم النص القرآني الصريح "ولا تنابزوا بالألقاب"، إلا أننا مع الشيخ "نصر" فعلنا عكسه!، ورغم أن قوله "يا أيها الناس لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم"، إلا أننا فعلنا عكس الآية!، ورغم قوله "وأن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين"، ومع ذلك لم نتعظ من تحذير القرآن ولا من رسوله الذي نصح بقوله "إن الله يحب الرفق في الأمر كله"!
ومع ذلك فعلنا العكس!
للأسف أصبحنا لا نلتمس العذر لمن يريد الخير بالإسلام، حتى لو أخطأ في التعبير عن رأيه، ونتساهل مع من يشوه شكل الإسلام وصورته ونلتمس له عذرا بعد عذر!، وبين هذا وذاك نظلم الإسلام العظيم.. إلا أن "محمد عبد الله نصر" يحرجنا جميعا، ويقدم درسا عمليا أبرز من خلاله صورة الإسلام الحقيقية والصحيحة، واستطاع بها إسعاد مئات القلوب!