محمود أبو زيد وزير الرى الأسبق: السادات تجاهل أفريقيا ومبارك أهملها والسيسي يحاول إعادتها لمصر
- توشكى أكبر إنجاز في حياتى و"رئيس حكومة مبارك" دمره تماما
- قابلت نادية مكرم عبيد أثناء ترشيحها لمنصب وزيرة البيئة فقالت لى "ماليش خبرة خالص لا في الإدارة ولا الوزارة"
- عبدالناصر له بصمات في كل الدول الأفريقية وصوره في البيوت والأماكن العامة والرسمية
- كثيرون من أبناء دفعتى تولوا مناصب مهمة
- حسين صبور قال بحفل تكريمى: "أبوزيد كان الأول على الدفعة وأنا كنت الأخيب والأخير"
- أفريقيا هي مستقبل مصر
- سد النهضة يعانى من مشكلات فنية وتمويلية رغم انتهاء 65% منه
- دراسات مصر عن سد النهضة متوقفة منذ سنة ونصف السنة
- رفع سعة سد النهضة من 14 إلى 74 مترا مكعبا يثير الشكوك والريبة
- 18 مليار متر مكعب يمكن توفيرها بالتعاون مع جنوب السودان
- توشكى المشروع الوحيد الذي تضافرت جهود كل الوزارات بأسلوب علمى
- مبارك كان يذهب كل ستة أشهر لمتابعة إنجازات توشكى
- الجنزورى كان يؤمن بمشروع توشكى وحسب الله الكفراوى اعترض عليه
- عبدالعظيم أبوالعطا وزير فذ ولا يمكن تكراره..ترك موقعه لأفكاره السياسية الوطنية
- وزارة الرى عمرها 150 سنة ومليئة بالخبرات والكوادر وأنجح الوزراء من أبنائها
- رفضت البقاء في أمريكا بعد حصولى على الدكتوراه من أجل خدمة بلدى
هو عراب مشروع توشكى، ويعتبره أكبر إنجازات حياته، لم يكن هذا المشروع القومى العملاق الذي تم إهماله هو السبب الذي أبعده عن منصبه كوزير للرى بشكل مفاجئ أيام مبارك، ولكن –كما يقول- كان هناك خلافات مع أحمد نظيف، بسبب مشروعات تطوير شبكة الرى لم تصل إلى مبارك، بل رفعها أحمد نظيف إلى جمال مبارك، وتم إبلاغ مبارك – وكان في السعودية - أنه غير متعاون، فاتصل به وقال: نحن نقدر دورك وسأكرمك عندما أعود للقاهرة، وبالفعل تم تكريمه بقلادة النيل بعد عودته.
في حين ذكرت تقارير صحفية وقتها أن الإقالة تمت إثر النزاع الذي حدث بين مصر ودول منبع النيل، وأن السبب الحقيقي لعزله كان تقرير قدمه لمجلس الشعب حول العقود الموقعة بين وزارة الزراعة وشركة المملكة للتنمية الزراعية المملوكة للوليد بن طلال.
لم يعمل في أي منصب حزبى أو سياسي ورفض إنشاء حزب سياسي، لأنه يعتبر نفسه ليس سياسيا بالرغم من أنه كان وزيرا للموارد المائية والري منذ عام 1997 حتى عام 2009، ثم برلمانيا لمدة تسع سنوات عن دائرة زفتى.
يرى أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف هو من تسبب في موت مشروع توشكى تماما بإهماله وعدم الاهتمام به مطلقا، بزعم أنه ليس له الأولوية، وعن سد النهضة الإثيوبى يرى أنه يعانى من مشكلات فنية وتمويلية رغم انتهاء 65 % منه وأن رفع سعته من 14 إلى 74 مترا مكعبا يثير الشكوك والريبة، ويؤكد أن عبدالناصر له بصمات في كل الدول الأفريقية، ويكفى أن تجد صوره في البيوت والأماكن العامة والرسمية، والسادات تجاهل أو أهمل أفريقيا، وفى عصر مبارك زاد الإهمال للأسف، وحاليا السيسي يحاول إعادة أفريقيا لمكانتها من منطلق أنها مستقبل مصر.
إنه خبير المياه ووزير الرى الأسبق الدكتور محمود أبو زيد الذي يفتح لـ"فيتو" خزائن أسراره عن نشأته وعلاقاته برجال مبارك ورحلته مع النبوغ والتفوق والمياه والحياة.
*بداية كيف كانت نشأتك؟
ولدت في أبوحمص بحيرة حيث كان يعمل والدى، نحن أصلا من قرية زفتى غربية، ولكنى كنت محظوظا، لأننى تقريبا طفت كل محافظات مصر، مع كل نقل لوالدى الذي كان يعمل في سلك الشرطة، كان يحمل ليسانس حقوق، وكان يتم تعيين خريجى الحقوق مأمورى مركز حتى وصل لمنصب وكيل وزارة الداخلية، وكان هناك مطالبات في ذلك الوقت بتعيين خريجي الحقوق ضباطا للشرطة، وبسبب الانتقال من محافظة أو مدينة أو قرية إلى أخرى، تعلمت الكثير من طبائع وعادات هذه الأماكن المختلفة، ومن المناخ شديد البرودة في شمال مصر إلى شدة الحرارة في الصعيد، وكان والدى بحكم عمله وتعامله مع المجرمين والقضايا المختلفة شديدا بدون قسوة، في نفس الوقت كانت الوالدة الطيبة والصدر الحنون، ونظرا لانشغال الوالد تحملت العبء الأكبر في تربيتنا نحن الستة من الأبناء، ثلاثة أولاد وثلاثة بنات، ساعدها على هذا أنها كانت متعلمة، وهذا ساهم في تجاوز كل المشكلات التي كانت تواجه الأسرة.
وحصلت على الابتدائية والإعدادية من المنصورة، الثقافية والتوجيهية من أسيوط والمنيا، أما التحاقى بكلية الهندسة فكان في القاهرة، وقضيت العام الأول مع زملاء في سكن طلاب، ومن حسن الحظ تم نقل والدى للقاهرة بعد ذلك، فكانت الحياة العادية لى أثناء الجامعة، فتفوقت وكنت الأول على الكلية.
*لماذا اخترت كلية الهندسة تحديدا للدراسة بها، ومن هم أشهر خريجى دفعتك؟
اختيارى لكلية الهندسة عن حب، كنت أحلم أن أكون مهندس مبانى ومشاريع كبيرة وإنشاءات، لهذا دخلت قسم مدنى، وخلال الدراسة الجامعية، كنت أمارس الرياضة من السباحة، الجوالة، كما أننى كنت أكتب دائما في مجلات الحائط للتعبير عن آرائنا في القضايا المختلفة، وهناك كثير من دفعتى تولوا مناصب منها وزارية، ولكن من أشهر هؤلاء المهندس حسين صبور، الطريف أنه أقيم حفل تكريم في الكلية، وعندما جاء صبور قال للحاضرين: "محمود أبوزيد كان أشطرنا والأول على الدفعة وأنا كنت الأخيب وكنت الأخير"، هو شخصية جميلة وعشرة عمر ودائما يذكرنى بحكاية التفوق كلما التقينا.
*كيف كان مسارك الوظيفى بعد تخرجك؟
تخرجت عام 1957 وتم تعيينى معيدا في مارس 1958، ولمدة عام حتى تقدمت لإدارة البعثات للسفر للحصول على الدكتوراه، في ذلك الوقت كانت الوزارة التي ترغب في إرسال من يحصل على الدكتوراه تنشر إعلانا في الصحف، ثم يتقدم من يريد وينطبق عليه الشروط، وتقدمت في ثلاث مسابقات، والمفاجأة أنني نجحت في الثلاث مسابقات، الأولى منحة الدكتوراه إلى روسيا في السكك الحديدية، الثانية في هولندا في المساحة وأنا أساسا كنت معيد مساحة، الثالثة الولايات المتحدة ماجستير فقط، سألت د.إبراهيم أدهم الدمرداش عميد كلية الهندسة، نصحنى بالسفر إلى أمريكا وهى تابعة لوزارة الرى، ونبهنى إلى أننى لو أنهيت الماجستير في وقت مبكر فإن من حقى تمديد المنحة للحصول على الدكتوراه، وبالفعل حصلت على الماجستير في عشرة أشهر فقط وبدرجات ممتازة، بدلا من ثمانية عشر شهرا وكان ذلك رقما قياسا، وفعلا حصلت على الدكتوراه في سبتمبر 1962، وحدث أننى التقيت زميلة كانت تدرس في أمريكا وتزوجنا، وأنتظرت عاما حتى تنهى هي الدكتوراه، عملت خلاله مدرسا في الجامعة، ورفضت البقاء بعد انتهاء دراسة زوجتى، ورفضى الاستمرار لحبى لتراب مصر ورغبتى في خدمة بلدى بما درسته في أمريكا، ورفض آخرون البقاء، واستمر اثنان أو ثلاثة من مجموعتنا لا أستطيع أن أنسى منهم د.نبيل عبدالعال الذي كانت يدرس الذرة، ولكن ممن عادوا د.إسماعيل مبارك، ود.محمد حسن عامر مدير مركز البحوث المائية.
*ولماذا تركت مجال الهندسة واتجهت للرى؟
تسلمت عملى بوزارة الرى بعد عودتى من أمريكا، لأن حصولى على البعثة جعلنى أترك كلية الهندسة والمنحة تابعة لوزارة الرى، ولكن كان أستاذى عميدا لهندسة عين شمس، وعرض على الانتداب للتدريس بها، وأنه سيحصل على موافقة وزير التعليم العالى، وحدث بالفعل وتسلمت العمل بكلية هندسة عين شمس لمدة شهر، ولكن هذا أغضب د.عباس زكى وزير الرى الذي قال لى إن رئيس الوزراء معترض على أن وزارة الرى تتكلف بإرسال المبعوثين ثم يعودون إلى أماكن أخرى، وفعلا أنهى عملى بهندسة عين شمس وعدت حزينا بالطبع لأننى كنت أتمنى مواصلة حياتى الأكاديمية، خاصة أن الحاصل على دكتوراه في وزارة الرى كان يحصل على لقب باحث، ولم يكن هناك أبحاث مطلقا بالإضافة إلى علاوة عشرة جنيهات.
*ما قصة إنشاء أكبر مركز لأبحاث المياه في الشرق الأوسط؟
الطفرة الحقيقية عندما تبنانى د.أحمد على كمال وكيل الوزارة، الذي اعتبره أبى الروحى الذي كان شخصية فذة علميا وأخلاقيا، وتنقلت معه في كل المواقع التي تولاها حتى وصل لمنصب وزير الرى ونقيب المهندسين، بعد رحيل د.أحمد على كمال، جاء د.عبدالعظيم أبو العطا وزيرا للرى، وجعلنى مديرا لمكتبه، وهو قيادة قوية لها فكر ورؤية ووطنى بلا حدود، واهتمامه بأفكاره السياسية كان وراء ابتعاده عن الوزارة ثم رحيله إلى السجن عام 1981، طلب منى إعداد تصور لإنشاء مركز بحوث للمياه، واستعنت بزميلى في الدراسة بأمريكا د.عثمان الغمرى وكان معى بالوزارة، وبالفعل جهزنا التصور حتى فوجئت به في منتصف إحدى الليالى من عام 1975 حيث كنا نعمل إلى أوقات متأخرة، يطلب التصور وذهب ووقعه من رئيس الوزراء، وتلك كانت البداية الحقيقية لإنشاء أكبر مركز لأبحاث المياه في الشرق الأوسط، وأصبح يضم اثنى عشر معهدا، وأصبح مديره بدرجة وزير، وأصبح مصدرا مهما للأبحاث وقدم المركز أول تطوير للرى في مصر والقيادات منهم على سبيل المثال د.عبدالهادى راضى الذي اخترته مديرا لأحد المعاهد ثم أصبح وزيرا بعد ذلك.
* ماحكاية سفرك إلى أمريكا للاختبار بوظيفة بالبنك الأهلي؟
أثناء عملى مديرا لمكتب الوزير عبدالعظيم أبوالعطا أتيحت لى فرصة التقديم في العمل بالبنك الأهلي، عرضت الأمر عليه، فوافق على سفرى للاختبار في واشنطن، ونجحت في الاختبار، وأرسل البنك الأهلي يطلب من الوزير استلامى للعمل في أمريكا، ففوجئت بعدم موافقة د.أبوالعطا قائلا: هو إحنا بنعلمك عشان تروح للبنك الأهلي، قلت: لماذا اذن تركتنى أسافر ويتم الاختبار، قال د.أبوالعطا: حتى تتفسح لك يومين.
*لماذا تعتبر أن توشكى هي أكبر إنجاز في حياتك؟
بالفعل توشكى أكبر إنجاز في حياتى، هذا المشروع بدأ قبل أن أتولى وزارة الرى، الفكرة بدأت عند الدكتور عبدالهادى راضى وعرضها على د. كمال الجنزورى رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الجنزورى فرح جدا واقتنع بالفكرة، وقرر تكليف مركز البحوث المائية الذي كنت أتولى رئاسته بإجراء الدراسات الخاصة بالمشروع، وقمنا بإعداد الكثير من الدراسات، وكنت أذهب إلى د. الجنزورى لعرض ما توصلنا إليه من النتائج، وتم تجهيز ماكيت يشمل كل كبيرة وصغيرة، جميع الوزارات شاركت وحددت ماذا ستقدم، البترول حدد أماكن محطات بترول سينشئها، الكهرباء حددت مواقع المحطات، كل وزارة حددت مواقعها بعد الدراسات وهذا تم تنفيذه على الماكيت، ولابد من الإشارة إلى أن اقتناع د.كمال الجنزورى كان من أهم عوامل الجدية التي سرت في جميع العاملين عند الإعداد للمشروع، الذي تم عرضه على الرئيس حسنى مبارك ووافق عليه وتم الإعلان عنه.
*ما الملابسات التي سبقت اختيارك لمنصب وزير الرى؟
عندما كنت رئيسا لمركز البحوث المائية، كانت لى رحلة علمية لمدة شهر لأحاضر في أحد معاهد مدينة بارى الإيطالية، في فبراير 1997، وصلت الفندق في العاشرة مساء في بداية رحلتى العلمية، لأفاجأ برسالة لى بالعودة فورا إلى القاهرة، والرسالة من مكتب د.كمال الجنزورى، حدث لى ارتباك كيف أعود ولم أفتح شنطى؟ عن طريق السفارة تم تدبير مكان على طائرة وعدت إلى القاهرة، وكنت متوقعا خبر إسناد منصب الوزارة، وبالفعل ذهبت في اليوم التالى إلى مكتب الجنزوري الذي أبلغنى بتكليفى بالوزارة، ويومها التقيت لأول مرة الدكتورة نادية مكرم عبيد، التي أصبحت أول امرأة تتولى منصب وزيرة البيئة في نفس التشكيل الوزارى، والطريف أنها لم تكن تعرف لماذا تم استدعاؤها، وعندما أبلغتها بأنها أكيد مرشحة لتولى منصب وزارى قالت: ولكن ليس لدى خبرة خالص لا في الإدارة ولا الوزارة.
واختيارى لوزارة الرى كان بمثابة دفعة لتنفيذ مشروع توشكى، وكانت إنجازاته قوية، كان الرئيس مبارك يذهب مرة كل ستة أشهر ويتابع بنفسه، بالإضافة إلى قناعة د.كمال الجنزورى ومتابعته الدائمة، ويوجد أكبر محطات طلمبات في الشرق الأوسط، شق الترع، الزراعات، الأمير طلال..إلخ وبدأت منتجات الأمير طلال تظهر، مزرعته كانت عشرة آلاف فدان، ثم حصل على مائة ألف فدان أخرى، وبدأنا نوزع الأراضي، وفجأة ترك الجنزورى رئاسة الوزارة، بالرغم من اهتمام د.عاطف عبيد ولكن كان الاهتمام أقل إلى أن جاء أحمد نظيف الذي تسبب في موت المشروع تماما، بإهماله وعدم الاهتمام به مطلقا، بزعم أن المشروع ليس له الأولوية، وتم سحب أراض من الأمير طلال، ولم يعد هناك صرف، وأهملت أكبر محطة طلمبات في الشرق الأوسط، وللعلم أراضي المليون ونصف المليون فدان التي أعلن عنها مؤخرا سيكون من بينها 170 ألف فدان من أراضي توشكى ستروى من مياه النيل مباشرة، وهذا يؤكد صحة دراساتنا واختياراتنا السابقة.
*لماذا اعترض المهندس حسب الله الكفراوى على مشروع توشكى؟
نعم.. المهندس حسب الله الكفراوى اعترض على مشروع توشكى من منطلق ترتيب الأولويات، وتناقشت معه بكل حب واحترام متبادل بيننا حتى الآن.
*لماذا تم إقالتك من وزارة الرى بشكل مفاجئ بعد ذلك، وهل كان مشروع توشكى هو السبب؟
لم يكن مشروع توشكى هو السبب الذي أبعدنى عن الوزارة بشكل مفاجئ بالنسبة للناس، ولكن كان هناك خلافات مع د.أحمد نظيف بسبب مشروعات تطوير شبكة الرى، والخلاف لم يصل إلى مبارك بل رفعه أحمد نظيف إلى جمال مبارك الذي كان له تأثير بلاشك وتم إبلاغ الرئيس أننى غير متعاون، وكان الرئيس في السعودية فاتصل بى وقال: نحن نقدر دورك وسأكرمك عندما أعود للقاهرة، وبالفعل تم تكريمى بقلادة النيل بعد عودته، ولم أنتظر أن أتولى منصبا بعد الوزارة كما أشيع، ولكن الرئيس مبارك أبلغنى أن التقى مع أحمد نظيف من أجل الاستفادة من خبرتى في موقع آخر، وبالفعل التقيت نظيف ولم أرشح لأى مكان آخر.
ووزارة الرى عمرها أكثر من مائة وخمسين سنة، مليئة بالكفاءات والكوادر القادرة على تحمل المسئولية في أي وقت،أبرز الوزراء الناجحين من أبناء الوزارة مثل المهندس عبدالعظيم أبوالعطا، المهندس عصام راضى، المهندس عبدالهادى راضى، منظومة الرى معقدة ولابد على من يتولى مسئولية الوزارة أن يكون على معرفة ووعى بها، أحيانا نشعر بأنها تسير لوحدها بالبركة.
*بصفتك وزير رى سابقا، هل كان إهمال مبارك لملف أفريقيا وراء إمعان إثيوبيا في بناء سد النهضة؟
حكاية سد إثيوبيا المعروف باسم النهضة بدأت في عام 1994، عندما أطلقت مبادرة حوض النيل، وكان يومها د. يوسف والى قائما بعمل وزارة الرى، وكانت المبادرة تؤكد التعاون بين دول حوض النيل في اتفاقية وقع عليها الدول الست باستثناء مصر، وتم تشكيل لجنة قانونية لوضع الاتفاقية وبنودها، وذلك بإشراف لجنة من الوزراء، وكان من ضمن بنود الاتفاق كل دولة تقدم مشروعين لسكرتارية اللجنة لدراستهما، فقدمت إثيوبيا مشروعين أحدهما مشروع السد، فطلبنا بيانات عن هذا المشروع فلم ترد إثيوبيا علينا ولم يرسلوا أي بيانات، وفى الوقت الذي نسينا المشروع ذهبوا إلى مسالك أخرى، حتى جاءت 25 يناير 2011، وأعلن رئيس الوزراء زيناوى أن إثيوبيا ستبنى السد بسعة 74 مليار متر مكعب بدلا من 14 مليار متر مكعب كما كان مقررا من قبل، وكان هذا مفاجأة غير سارة، ارتفاع سعة السد من 14 إلى 74 مليار جعل هناك علامات استفهام حول الهدف من السد، خاصة أنه ليس من أجل الزراعة والمياه، ولكنه من أجل الكهرباء،وكثرة التكهنات جعلت من الصعب الحكم على الأسباب الحقيقية عن هذا التغيير المريب، خاصة أن الوضع الجديد للسد يعطى لإثيوبيا إمكانية التحكم في النيل الأزرق، بعدما كان التحكم من السد العالى، وبلا شك هذا هدف سياسي يسعى إليه الآخرون.. وسد النهضة لم يتوقف العمل فيه، ولكنه يسير ببطء شديد، والسبب المشكلات الفنية والتمويلية، وطبيعى هناك مشكلة مائية تهدد الجميع بسبب هذا السد، ولكن مستقبل مياه النيل في جنوب السودان، حيث جونجلى ومشروعات بحر الغزال، فهناك مشروعات مدروسة بالتفاصيل توفر 18 مليار متر مكعب من المياه، ومن هنا أهمية علاقاتنا مع جنوب السودان والعمل على توفير الاستقرار لها، كما لابد من إقناع الشمال بأولويات المياه التي يجب وضعها في المقام الأول، كما يجب الاهتمام بتحلية المياه، وهي بالطبع ليست حلا ولكنها تساهم بقدر ولو بسيط، بالإضافة إلى إعادة تدوير مياه الصرف الصحى والزراعى، وهناك مشاريع كثيرة في الخليج والساحل الشمالى تقوم على تحلية المياه.
*ما الوضع الفنى لسد النهضة الآن؟
تم إنشاء نحو 65% منه ولكنه متعثر، والأمل في الدراسات التي ستقدمها مصر لإثبات الآثار الجانبية التي ستعود على مصر، ولكن للأسف وزير الرى أبلغنى منذ فترة طويلة أن المفاوضات متوقفة مع إثيوبيا، واللجان التفاوضية تؤكد أنه لا نتائج إيجابية منها، كما أن الدراسات التي كان يجب أن تنتهى منذ عام ونصف العام متوقفة ولم تنته من خلال المكاتب الدولية المنوط بها تقديمها، والإيجابي في الأمر اتفاق مايو 2015 بين الرؤساء الثلاثة الذي يؤكد عدم المساس بمصالح أي من الدول الثلاثة.
*لماذا لم نرك في أي منصب حزبى أو سياسي؟
رفضت عمل حزب سياسي، لأننى أعتبر نفسى لست سياسيا بالرغم من أننى كنت وزيرا ثم برلمانيا لمدة تسع سنوات عن دائرة زفتى وهى تجربة فريدة وناجحة، قمت خلالها بخدمة أهل دائرتى، والعمل البرلمانى عمل قومى كبير ولكنه يحتاج إلى دعم الحكومة لتستطيع خدمة الناس.
* كيف ترى رؤساء مصر السابقين؟
عبدالناصر له بصمات في كل الدول الأفريقية، ويكفى أن تجد صوره في البيوت والأماكن العامة والرسمية، ولكن السادات تجاهل أو أهمل أفريقيا، وفى عصر مبارك الإهمال زاد للأسف لأفريقيا، وحاليا السيسي يحاول إعادة أفريقيا لمكانتها، من منطلق "أفريقيا هي مستقبل مصر".