المسئولية الوطنية في نشر الخبر الصحفي
وقف الكاتب الصحفي اليساري، في دورة تدريبية عن معيار تقييم الخبر الصحفي خضع لها مجموعة من الصحفيين، وطرح سؤالا حير المتدربين، بشأن حادث هام وقع وكيفية تغطيته، فبدأ كل زميل يستعد للرد وتناقضت الإجابات فقال زميل: نبحث عن مصدر، ورد آخر: نركز على الصورة وأجاب ثالث: نركز على جميع جوانب الخبر.. فابتسم الكاتب الصحفي قائلا: الرد المنطقي بشأن مثل هذه الأخبار عدم النشر نهائيا تقديرا للمسئولية الوطنية وللحس القومي تجاه بلادي.
وأذكر لقاء تليفزيونا للزميل الكاتب الصحفي عصام كامل رئيس تحرير "فيتو" تناول فيه معايير النشر الصحفي وقال نصا: "ليس كل ما يرد للصحف يتم نشره، فقد يكون مرسل الخبر يتصوره انفراد بينما الخبر لا يرقي للنشر أصلا"، وهكذا يكون التقييم المهني والعلمي للأخبار والمواد المنشورة في مختلف الصحف والمواقع الإلكترونية قبل نشرها.
تذكرت تلك المعايير جيدا، حينما أجد من يتطوع سعيا لكسب ملايين القراءات لمحاولة نشر أي خبر والسلام، الأمر الذي تظهر معه الحاجة الماسة إلى إعادة صياغة لمعايير النشر اللازمة للخبر الصحفي، لمعرفة ما يجوز نشره وما لا يجوز، في ظل كم التدفق الخبري اليومي، وانتشار مئات المواقع الإخبارية الباحثة عن السبق الصحفي ومعدل القراءات العالية مهما كان الثمن.
وطالما كنت أشدد مرارا على عدم تقييد النشر الصحفي تحت أي ظرف إلى أن وقعت هدفا لكاتب جفَّ فكرة أو ربما لم يجد ما يكتبه، فتفرغ لتخصيص مقال بشأني وصفني تلميحا دون ذكر اسمي بما لا أعلمه أنا عن نفسي، وراح يشرح ويحلل، لأكتشف كما اكتشف المقربون لي أنني أصبحت حالة رهن الدراسة للكاتب الكبير والباحث الألمعي، والحقيقة لم أكن أعلم مدى أهميتي السياسية، وقتئذ، لتلك الدرجة كي يتم تخصيص مقال كامل عني.. عندها علمت معنى قيمة المعيار الأخلاقي والمهني للنشر ليس فقط في نشر الأخبار بل والمقالات أيضا.
وحينما تتعرض البلاد إلى عمليات إرهابية ومخططات بغيضة وحينما تصبح الأعراض مضغة في أفواه مجتمع يشتهي الكلام أكثر من الطعام لابد من وقفة فاعلة، ومزيد من التفعيل لدور نقابتنا الموقرة (نقابة الصحفيين) في حقها في محاسبة أبنائها.
وخلاصة القول: "إن للخبر مسئولية وطنية في النشر، فحامل القلم شأنه شأن حامل السلاح على جبهات القتال، فهذا يقاتل الجهل وذاك يقاتل العدوان، فليعلم كل حامل قلم أنه حامل لسلاح من نوع خاص.. فعليه أولا أن يتأهل لحمله واستخدامه ويعي المسئولية الأخلاقية والوطنية في رسالته".
وبخصوص الاعتداء الذي استهدف حافلة سياحية بالمريوطية، يجب التأكيد مجددا على أن الإرهاب ومدبري مخططات الشر الآثمة باتت بضاعتهم كاسدة، فلم يعد لديهم ما يطعنون به مصر، اللهم إلا بعض النباح المارق في خرابات: الجزيرة والشرق ومكملين، لذلك فإن اليأس حليفهم والفشل رفيقهم والإحباط ديدنهم، فلينبح النباحون ويخرج الشتامون ألسنتهم المحملة بكل الفيروسات.
لأنه لم يعد هناك ما يجدي لديهم أمام قوة ذلك الشعب الأبي الصبور.. لأن فجرة الإرهاب ظنوا أن لديهم قدرة على اختبار صبر المصريين، وتلك كارثتهم ومرضهم العضال.. فليعيشوا الوهم كما يشاءون.. لأن لمصر رب يحميها وجيش قوي فلا خوف عليها أبد الدهر.. والله من وراء القصد.