مستقبل ريادة الأعمال
نستخدم العديد من تطبيقات الموبايل بصورة دائمة، وبعضها خرجت من نطاق الاستخدام الترفيهي لتصبح بمثابة ضرورة معيشية.. مثل عشرات الآلاف من المنازل المصرية التي بات دخلها يعتمد بالأساس على عمل أفراد منها في شركات النقل التشاركي (أوبر وكريم)، ومئات الآلاف ممن يستخدمون هذه التطبيقات في الحصول على خدمة نقل مناسبة وآمنة.
ازداد اعتمادنا كذلك على التطبيقات الطبية التي يمكنك من خلالها أن تحجز موعدا لزيارة الطبيب بسهولة أو حتى تطبيقات أخرى يمكنك عبرها أن تحصل على عامل أو فني لإصلاح ما تريد في منزلك.. وغيرها من تطبيقات الموبايل التي استهدفت تسهيل جوانب مختلفة من حياتنا.
قال لي عامل تصليح الدش إنه يستخدم أحد التطبيقات الإلكترونية لزيادة فرص حصوله على زبائن.. أما ذلك الطبيب الذي ذهبت إليه مؤخرًا فقد وجدت في عيادته لافتة ضخمة بعنوان "فيزيتا" –التطبيق الذي يقدم خدمات الربط بين الأطباء البشريين والمرضى- في إشارة لإمكانية الحجز للكشف عنده من خلال الإنترنت.
منذ أيام، حصل تطبيق إلكتروني جديد على تقييم مالي من إحدى الشركات يُفيد بأن قيمته تتجاوز ثمانية ملايين من الجنيهات.. التطبيق الجديد الذي تعتمد فكرته على الربط بين أصحاب الحيوانات الأليفة والأطباء والعيادات البيطرية، تم إطلاقه منذ أربعة شهور فقط لكنه سرعان ما تحول إلى نموذج عملي جديد على فكرة ريادة الأعمال القادرة على إحداث طفرة اقتصادية لأصحابها والمجتمع، وكيف استطاع أصحاب المشروع من تنفيذ فكرتهم، وتحويلها إلى فرصة عمل لأنفسهم وللآخرين.
ومثلما قامت تطبيقات النقل التشاركي أو التطبيقات الطبية بالمساهمة في تحسين مستوى المعيشة بالنسبة للعاملين بها، وتقديم خدمات مناسبة لمستخدميها فإن هذا التطبيق الجديد قد ينعكس إيجابيًا في زيادة أعمال الأطباء البيطريين والعيادات البيطرية التي من المتوقع أن يزداد عائدها الاقتصادي بسبب سهولة وصول زبائنها إليها عبر التطبيق.
بالرغم من أن البعض قد يرى أن التطبيق واجه مشكلة بسيطة كان يمكن تجاهلها إذا قارناها بمشكلات أخطر أو ملفات حرجة تمس حياة المواطنين، إلا أن هذا لا يمنع أهمية توفير آليات الدعم لرواد الأعمال من أجل طرح مبادراتهم وأفكارهم المختلفة حول استخدام التكنولوجيا في إيجاد حلول عملية لمختلف المشكلات مع إعطاء الأولوية في تقديم الجهات المعنية للدعم الفني والاستشاري والمادي لصالح الأفكار التي تعمل على مواجهة مشكلات اجتماعية حرجة مثل التعليم أو الصحة.
وبشكل عام، فإن الاقتصاديات النامية تحتاج بشدة الاهتمام بدعم رواد الأعمال، وتوفير الخبرات اللازمة وآليات التمويل الضرورية لتنفيذ مشروعاتهم لما يعكسه نجاحهم من دعم للنمو الاقتصادي للدولة.
علينا أن نبدأ في نشر فكر ريادة الأعمال وتضمينه داخل المناهج التعليمية.. وأن نُزيد من عدد المنصات الفاعلة في مجال ربط رواد الأعمال وأصحاب الأفكار المبتكرة مع المستثمرين والخبراء لتوفير مصادر التمويل والاستشارات الفنية القادرة على تحويل أفكارهم إلى مشروعات قائمة لأن هذا يعني ببساطة أن نُعطي الفرصة للشباب لتوفير فرص عمل لأنفسهم ولغيرهم.. وأن نرى يومًا شركة مصرية ناشئة تتحول قيمتها السوقية إلى المليارات وتكون بمثابة فرصة عمل لآلاف المصريين وإضافة حقيقية للاقتصاد القومي.