رئيس التحرير
عصام كامل

شهادة مبارك


قبل تناول بعض الملاحظات على شهادة مبارك في قضية اختراق الحدود واقتحام السجون، لا بد من الإشادة بالتغطية الصحفية للزميلة "نيرة عبدالعزيز" في موقع "فيتو" لما دار في هذه الجلسة، لأنها قدمت أفضل تقرير صحفى عن شهادة مبارك. 


أما أولى الملاحظات فإننى أقول لمن اندهشوا أو استنكروا استدعاء مبارك للشهادة في هذه القضية، أن هذا رغم أنه كان طلبا للدفاع عن المتهمين، إلا أنه هو قرار المحكمة وحدها برئاسة المستشار محمد شيرين، الذي قال لى أنه اتخذ قراره هذا لأنه يقوم بالتحقيق في القضية.

وبذلك لا مجال للقول بإن استدعاء مبارك للشهادة في القضية هي محاولة لتجميل وجه نظامه أو لتشويه ثورة ٢٥ يناير.. إننا إزاء قرار لقاض اتخذه دون التنسيق مع أية جهة وفى مقدمتها الجهات الأمنية حتى يكمل تحقيقه في قصية مهمة وخطيرة، تتناول وقائع اختراق حدود مصر واستباحة أرضها من قبل نحو ألف عنصر مسلح، استغلوا الإنفاق السرية، وغفلة أمنية، وشاركوا في اقتحام السجون. 

وهذا لا يتضمن تقييما لما شهدته مصر في ٢٥ يناير ٢٠١١، وإنما يكشف أن انتفاضة الجماهير صاحبها في ذات الوقت مؤامرة خارجية اشتركت فيها عناصر غير مصرية مسلحة، مثلما اشتركت فيها أيضا عناصر مصرية..

وكما كانت الظروف مهيأة للانتفاضة الجماهيرية، فإنها كانت أيضا مهيأة لتنفيذ المؤامرة الخارجية.

أما ثانى الملاحظات فهى تتعلق بالحالة الصحية والذهنية التي ظهر بها الرئيس الأسبق، وهو يلقى بشهادته في تلك القضية، والتي تختلف عن الحالة التي ظهر بها من قبل وهو يحاكم في بعض القضايا.. فضلا عن رفضه الإجابة عن بعض الأسئلة ومطالبته بالحصول عن إذن من قيادة القوات المسلحة، رغم أن إجاباته عن بقية الأسئلة تضمنت إجابات على هذه الأسئلة التي رفض الإجابة عليها.

وثالث الملاحظات يتعلق بإجابة مبارك على السؤال الخاص الذي وجهته المحكمة له حول، علمه بوجود مؤامرة أمريكية إخوانية.. فقد نفى الرئيس الأسبق ذلك.. وهذا أمر يدعو للدهشة، لأن ملفات القضية تتضمن العديد من الدلائل والشواهد على تلك المؤامرة، كانت متوفرة لدى جهات الأمن.. فهل كان الرئيس الأسبق لا علم له بها، أو كانت تلك الجهات الأمنية تحجبها عنه؟!

ورابع الملاحظات فهو يتعلق بأمر ذلك التقرير الذي كتبه وأعده اللواء حسن عبد الرحمن قبيل ٢٥ يناير، كما قال ذلك أمام المحكمة، وطلب فيه اتخاذ مجموعة من الإجراءات الضرورية بعد ثورة تونس، فقد قال مبارك أنه لم يطّلع عليه ولا علم له به.. وهذا يكشف كيف كانت تدار الأمور في البلاد، وكيف كان الكثير من المعلومات المهمة لا يعلمها الرئيس وقتها، في ظل حالة العزوف التي انتابته من الحكم بعد وفاة حفيده.

يبقى خامس الملاحظات وهى تتمثل في أن شهادة مبارك لأسباب شتى لم تقدم ما كنّا ننتظره حول دور جماعة الإخوان خلال حكمه والتطورات التي طرأت على هذه العلاقة، وكيف ومتى قرر الإخوان التحرك من أجل الوصول إلى الحكم.. ربما الأسئلة التي وجهت له لم تساعد على ذلك، وربما أيضا رغبته في عدم الخوض في بعض الأمور.. المهم أن النتيجة كانت إفلات فرصة أتيحت لنا لمعرفة الكثير، وانتهى الأمر بمعرفة القليل فقط.
الجريدة الرسمية