ما يحقق الردع!
طالعتُ في أحد المواقع الإلكترونية الشهيرة منذ عدة أيام تحقيقًا صحفيًّا مصورًا عن جريمة اغتصاب بشعة ارتكبها ثلاثة من الشباب "الأنطاع" تجاه فتاة صغيرة في عمر الزهور (14 عاما)، حيث قام الجبناء الثلاثة باحتجازها في أحد المنازل والاعتداء عليها لمدة 20 يومًا متواصلة بمنتهى الخسة والندالة دون أدنى شفقة أو رحمة أو وازع من دين أو ضمير أو أخلاق..
والمصيبة الأكبر التي حلت على أهل هذه الفتاة المسكينة أن ذلك الجرم البشع الذي تقشعر له الأبدان قد تسبب في حملها، ويرى كل الأطباء الذين عرضت الحالة عليهم أن عملية إجهاضها في هذه السن الصغيرة محفوفة بالمخاطر وتشكل خطرًا داهمًا على حياتها.
أرجو أن تنتبه الحكومة إلى أن التكرار المضطرد لمثل هذه النوعية الخسيسة من الجرائم في السنوات الأخيرة لتراجع الوازع الديني والأخلاقي، الذي نتج عن انهيار منظومتي التعليم والثقافة، مما يتطلب تطويرًا شاملًا لمنظومة التقاضى لكي يكون صدور الأحكام الرادعة في مثل هذه الحالات بأسرع مما يمكن أن يتخيله أي إنسان، لأن العدل البطيء الذي يتحقق بعد فترة طويلة لا يمكن أن يحقق أبدًا عامل "الردع"، بل على العكس هو يسهم حينئذ في استمرار تفشي وتفاقم الجريمة في المجتمع.. عديم الأخلاق والشهامة والمروءة لا يردعه إلا أن يعلم أنه سيدفع حياته كلها ثمنًا لخسته وندالته قبل أن يرتد إليه طرفه.
وقد لفت نظري بشدة في تعليقات القراء على هذه الجريمة النكراء أن بعضهم ألقى وراء ظهره كل ما ارتكبه هؤلاء "الأنطاع الثلاثة" في حق هذه الفتاة البريئة من موبقات يهتز لها عرش الرحمن من فرط بشاعتها، وألقوا (بمنتهى الصفاقة) بكل اللوم على والدتها لأنها تركتها تخرج بمفردها، وكأننا في غابة نجيز فيها أن يفترس الكبير الصغير إن لم يحتطَ لنفسه بإجراءات حماية مشددة.
أرجو أن تكون هذه الجريمة البشعة جرس إنذار مدوي يجعلنا ننتفض كلنا (حكومة ومواطنين) لإصلاح العوار الأخلاقي الرهيب الذي أصاب المجتمع قبل أن يجرفنا الطوفان جميعًا.