قانونيون: حكم الإدارية بشأن عزل الموظف المتصالح في جريمة النصب يخالف قانون الخدمة المدنية
أثار الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بعزل الموظف المتصالح في قضايا النصب باعتبارها جريمة مخلة بالشرف، ردود فعل واسعة ما بين مؤيد ومعارض، لأن الأصل في الإنسان البراءة ما لم يثبت العكس، بينما اعتبر البعض أن جرائم النصب تقع تحت جريمة خيانة الأمانة، وأنه أدى ما عليه من أموال، وبالتالى لا تسقط عنه الجريمة التي أدرجت تحت الجرائم المخلة بالسمعة والشرف.
الدكتور شوقى السيد الفقية الدستورى يرى أن التصالح أمام القضاء في بعض الجرائم ومنها النصب لا تسقط الجريمة وتدخل تحت الجرائم المخلة بالشرف، لأن الجريمة قائمة بأنه أدى ما عليه من أموال، ولكن تلك العقوبة هي العزل من الوظيفة تندرج تحت عقيدة المحكمة فإذا ثبت لدى المحكمة خيانته للأمانة، فإنها سلطة تقديرية تقدرها بالعزل، وإذا ثبت بطلان الاتهام من الأساس، فإن ذلك لا تعتبره المحكمة إخلال بواجبات المتهم الوظيفية.
وأضاف أن حكم الإدارية بجواز عزل الموظف إذا تصالح في جريمة ليس نهائيا، ويجوز الطعن عليه بكافة طرق الطعن، فلدى صاحب الحكم الطعن أمام القضاء الإدارى، ثم الإدارية العليا، وفى كل الأحوال ليست قاعدة ثابتة، فكل حالة لها ظروفها وملابساتها وأبعادها.
بينما يرى أسامة أبو ذكرى المحامى، أن الحكم يخالف أحكام الدستور ٢٠١٤ وقانون الخدمة المدنية رقم ٨ لسنة ٢٠١٤ بشأن توافر شروط تولي الوظائف العامة والاستمرار في شغلها، ومن أهمها صدور حكم بات ونهائي لا يقبل الطعن بإدانة الموظف العام باعتباره دليلا على عدم صلاحيته لتولي الوظيفة العامة، فالثابت قضاء وفقها أنه لا يجوز أن يمثل السلطة العامة ويمارس صلاحيتها على المواطنين العاديين، شخص تم إدانته جنائيا نهائيا، خاصة وأن الوظيفة العامة قد تقتضي تقييد وتنظيم الحقوق والحريات والإجراءات العامة لتحقيق الصالح العام.
وشدد أبو ذكرى على أن الحكم الصادر عن دائرة رئاسة الجمهورية بمجلس الدولة يعتبر افتراء على الحقوق والحريات، فالأصل فالإنسان البراءة، ما لم يخالف ذلك بحكم قضائي بات ونهائي بالإدانة في حق هذا الإنسان، مشيرا إلى أن الحكم عنوان الحقيقة ويجوز حجية الأمر المقضي به.
وتابع على ذلك لا يمكن أن ندين الموظف العام على واقعة لم ترق إلى مرتبة وقوة الحكم القضائي والغريب في الأمر، إن القضاء الإداري الموقر يخرج نفسه طواعية من دوره الرقابي على الجهات العامة والإدارية وتعطيل ممارسته لرقابة المشروعية، ويحيل بهذا الحكم النادر أمر الموظفين العموميين إلى جهاتهم الإدارية وتغولها عليهم.
وأوضح أنه لو طبقنا هذا المبدأ وعدم اعتبار الأحكام النهائية هي المعيار في الإدانة من عدمه لأصبح كل موظف مهددا في استقراره الوظيفي لمجرد تقديم بلاغات ضده أو صدور حكم ابتدائي وليس نهائي بالإدانة لخطأ في الإجراءات، والذي يتم تصحيحه بالحكم النهائي، بل ولنفرض فرضا جدليا ومنطقيا وهو هل تقدم أحد الأشخاص ببلاغات ضد أحد القضاة، هل هذه البلاغات تعد قرينة ويحق لجهته فصله من عمله بحجة عدم صلاحيته.
وأكد أبوذكرى أن الأحكام هي عنوان الحقيقة وهي معيار الإدانة من عدمه لما يتوافر في السلطة القضائية النزاهة والدقة، وخاصة لو كانت نهائية في مجال التجريم الجنائي.