فريد الأطرش: الرقص الشرقي فن راقى
صوته عاطفي يفيض بالحنان التقت به مجلة الإذاعة عام 1955، وهو عائد لتوه من رحلة علاج في فرنسا، وظهرت شائعة أن الأطباء منعوه من الغناء نهائيا، وأجرت معه حوارا:
قال المطرب فريد الأطرش - الذي رحل في مثل هذا اليوم 26 ديسمبر عام 1974- لمحرر المجلة: "الأطباء يريدون أن امتنع عن العمل سنتين على الأقل حتى استرد صحتي تماما، ولكني وقد نشأت قوي الإيمان بالله أعتقد أنني لن أموت قبل أن تحين ساعتي".
وأضاف:" أنا لم أستطع تنفيذ أوامر الأطباء، لأن هذا كان يتطلب مني أن أكون عديم الشعور ميت الوجدان".
سألته المجلة عن سر الإيمان، فقال: "إنني عربي، والعرب عندهم إيمان قوي بالله، وبالرغم من أنني نشأت بين الصالات والكباريهات والراقصات، فإن الإغراءات المختلفة لم تتمكن من التأثير على إيماني وشخصيتي، فأنا لم أشرب الخمر مطلقا".
كما وجهت المجلة سؤالا عن بدايته الفنية، فقال: "كنت وأنا صغير أحاول أن أقلد كل أغنية أسمعها، وكان أصدقائي يشجعوني مما دفعني إلى الالتحاق بمعهد الموسيقى، وبدأت أعمل بالفن في صالة بديعة مصابني".
وتابع فريد الأطرش: "لم يكن إنتاجي في يوم من الأيام على حساب صحتي ومستواي الفني، وأنا لا أنتج كثيرا، لأن العبرة ليست بكثرة الإنتاج، وإنما العبرة بالجودة، حتى لا يمل الناس وينصرفون عني".
وعن أفضل وقت لميلاد ألحانه استطرد: "ليس للألحان مواعيد معينة تولد فيها، وأحيانا أضع اللحن في خمس دقائق، وأحيانا أمضي شهرا دون أن أنجح في وضعه.. إنني عاطفي بطبعي أميل إلى أغاني الحب، وأختار الروايات التي تمتاز بهذا اللون من العاطفة، لأنها تمس حياة كل إنسان، وتتيح فرصة للتعبير عنها بالغناء".
أما عن أخبار الحب والزواج، فقال: "لي قصص حب معروفة بفضلكم أنتم أيها الصحفيون، الذين تحبون أن تكون لكم علاقة بكل شيء، لكن في اعتقادي أن الفنان لا يصلح للزواج، لأنه لا يستطيع أن يوفق بين عمله وفنه وواجباته نحو أسرته، لكن كلما وجدت أن الحب يضيق علي الخناق ويكاد يوقعني في فخ الزواج، أهرب منه".
سأله المحرر عن مشاهد الرقص السائدة في أفلامنا حتى أصبحت تضم بذاءات كثيرة، فقال: "أين هذا الابتذال في أفلامنا التي تتحدث عنها من تلك الخلاعة المكشوفة في الأفلام الأجنبية.. هذه الأفلام التي تظهر فيها مارلين مونرو، وتعتمد على كل أنواع المجون".
وواصل في حواره: "البعض يعيب على الأفلام المصرية اعتمادها على الرقص الشرقي، الذي يسمونه أحيانا هز البطون تهكما وسخرية، والحقيقة أن هذا الرقص فن شرقي راقٍ ورائع، يمتاز بخفة روحه وبساطته وتعبيراته، ولا يمكن للغرب أن يقلده".
وأضاف: "هناك في أوروبا صالات تقوم فيها الراقصات بحركات يندى لها الجبين خجلا، وبالطبع لا يمكن أن يقدم هذا عندنا، ولا يمكن أن يدعو إليه أحد، لكننا نطالب بتضييق الخناق الشديد على أفلامنا، لأن الجمهور يذهب إلى السينما للترويح عن نفسه، أما المواعظ فلها أماكن أخرى".