«ابن الوز فنان».. عادل خيري أضحك الملايين ومات باكيا وورث عن والده الفن والمرض
عادل خيري كوميديان لا يعوض، وصاحب بصمة لا تزال عالقة بالوجدان منذ عشرات السنين، من خلال ما قدم للفن طوال مسيرته، التي لم تستمر سوى 7 سنوات.
صاحب مواهب متعددة ما بين الغناء والتمثيل وتأليف أبيات الزجل، ورغم ذلك كان مقلا جدًا في الأدوار السينمائية التي لم يقدم خلالها إلا فيلمين وحيدين هما «لقمة العيش» مع صلاح ذو الفقار ومها صبرى و«البنات والصيف» مع كمال الشناوى ومريم فخر الدين.
رغم الأسرة الفنية التي نشأ فيها عادل خيري، إلا أن والده الفنان الراحل بديع خيري لم يرد له أن يسلك طريق الفن، وأراد أن يصبح نجله محاميًا، ولكن كما يرد في المثل الشعبي «ابن الوز عوام»، فحدث الانجذاب بين عادل خيري ومسرح الجامعة للهواة، ليؤهله لاحتراف فن التمثيل بعد التخرج، وبهذا استطاع تغيير المقولة لـ«ابن الوز فنان».
فلم يجد الأب بديع خيري أمامه إلا الرضوخ لرغبة وموهبة نجله، والدفع به برفقة الفنانين حسن فايق وسراج منير لتأدية أدوار نجيب الريحاني بعد وفاته، وكانت أول مسرحية يشترك في تمثيلها بفرقة الريحانى هي (أحب حماتى) أمام مارى منيب وحسن فايق. أدى دور الريحانى في «الشايب لما يدلع، كان غيرك أشطر، لو كنت حليوة، ياماكان في نفسى وقسمتى، استنى بختك».
رغم حرصه على الاحتفاظ برغبة والده في امتهانه للمحاماة بجانب التمثيل إلا أن أداءه الأدوار الكوميدية على المسرح كانت عائقًا، بسبب حالة الضحك التي كان يسببها بديع خيري بمجرد دخوله قاعة المحكمة، قرر الانقطاع عن المحاماة والتفرغ للفن.
قدم عادل خيري على خشبة المسرح الكثير من المسرحيات، منها ما تم تسجيله للتليفزيون وأشهرها، «إلا خمسة، كان غيرك أشطر، حسن ومرقص وكوهين، يا ما كان في نفسى، كنت حليوة، الشايب لما يدلع، 30 يوم في السجن، أحب حماتى، استنى بختك، اوعى تعكر دمك، الستات لبعضهم».
ومن المفارقات المأساوية في حياة الفنان الراحل أنه رغم امتلاكه لروح الدعابة والكوميديا التي أضحك بها الملايين، كانت نهايته محزنة فلم يكن إرثه الوحيد عن والده الموهبة الفنية فقط بل ورث عنه مرض السكر، وفي سن الثلاثين من عمره اشتد عليه المرض، وكان لا يصعد على خشبة المسرح قبل أن يأخذ الأدوية والحقن، وحتى في فترات الراحة وبين فصول العرض المسرحي، ثم أصيب بتليف الكبد، واستمر الحال على هذا النحو حتى توقف نهائيًّا عن العمل في المسرح.
وتقول ابنته في أحد اللقاءات التليفزيونية: «بيت جدي بديع خيري لم يكن سعيدًا، بل على العكس فقد كان البيت كئيبًا جدًا، فجدي كان مريضًا بالسكر ما أدى إلى استئصال أصابع قدميه العشرة وعاش على كرسي متحرك بقية حياته، وكانت جدتى وهي قريبة جدي مريضة هي الأخرى بالسكر وفقدت بصرها قبل وفاتها بثلاث سنوات ثم توفي والدي بعدها وعمره 32 عامًا بعد أن قضى في عالم الفن 7 سنوات فقط.
وتابعت نجلة عادل خيري، أنه بعد اشتداد المرض على الفنان الراحل وهجره للمسرح تمامًا كان الفنان محمد عوض يقوم بدوره على المسرح أثناء فترة مرضه، فقد كان من القلائل الذين صادقهم والدي داخل الوسط الفني.
وتضيف: «حكت لي والدتي أن أبي «زهق» من البقاء طويلًا في المستشفى والابتعاد عن رؤية جمهوره، فقرر الذهاب ذات مرة إلى المسرح وبعد أن انتهى العرض توجه إلى خشبة المسرح من الكواليس فضجت القاعة بالتصفيق طويلًا له، فانهمرت الدموع على وجنتيه متأثرًا بحفاوة الجمهور به وقد توفى بعد هذا المشهد بأيام وكأنه كان يريد أن يلقى نظرة الوداع على المسرح الذي ارتبط به منذ أن كان يذهب إليه وهو طفل بصحبة والده».
ولد عادل بديع خيري في يوم 25 ديسمبر من عام 1931 بالقاهرة، وحفظ أجزاءً كبيرة من القرآن الكريم، ثم التحق بكلية الحقوق تنفيذًا لرغبة والده، وتوفي في 12 مارس 1963 عن عمر ناهز الـ31 عامًا.
وكان يمارس عمله في المحاماة، وكان لديه مكتب شاركته فيه زوجته إيناس حقي، بطلة العالم في السباحة بإيطاليا –آنذاك-، التي تزوجها بعد تخرجهما من كلية الحقوق، وأنجب منها بناته الثلاث.