تمَرُّد.. وتجَرُّد..ودومينو!
أن تتعطر الكفوف بحبر الحراك السلمى، خير ألف مرة من أن تلطخها دماء العنف.
نتابع الآن وبشغف شديد إحداثية حركة "تمرُّد"، بالحوارى والشوارع والقرى والميادين، لجمع توقيعات المؤيدين لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى، والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
حركة جمع التوقيعات حققت نتائج سريعة ومؤثرة، أجبرت المراقبين على تسليط الضوء عليها بمزيد من التركيز لسببين رئيسيين.. الأول أنها أول حراك سلمى هادئ منظم دون صخب وعنف.. والثانى أنها وبحسب الأرقام المعلنة حققت ما لم تتمكن المعارضة من تحقيقه على مدى عام ونصف العام، بعد أن تحسست مواضع التأييد على سطح الشارع، بحصيلة بلغت عدة ملايين من التوقيعات خلال فترة وجيزة.
ومما لاشك فيه أن حركة جمع توقيعات سحب الثقة ــ مجردة في حد ذاتها ــ هى ترجمة واقعية لأحلام المتطلعين للاستقرار، من خلال إحداثيات هادئة ومنظمة ومسئولة، حتى لو أشارت بعض التحليلات إلى أنها تدخل في تصنيف استطلاعات الرأى، لكنها عملياً تظل نموذجاً يحتذى به وينبغى تطويره بإبداعات متجددة، حتى لا تظل مساحة التعبير مسكونة بالصخب والعنف.
كانت النتائج مبشرة وباعثة على الطمأنينة بأسرع مما نتصور.. ذلك أن ردود فعل مؤيدى النظام والرئيس ولدت هادئة بصورة تستحق التوقف.. طارق الزمر القيادى المعروف بالجماعة الإسلامية، وأحد حمائم الجماعة في"طَبْعَتِه الجديدة" وصف حملة تمرد بأنها عمل إيجابى وديمقراطى ويدخل في إطار العمل السلمى.
في السياق نفسه كان رد فعل أحد أهم صقور الجماعة الإسلامية الذي لم يبتعد كثيراً عن موقف الزمر، وأعنى المهندس عاصم عبدالماجد.. فرغم هجومه على حركة تمرد ووصف من قام بها بأنه يقتدى بإبليس عندما تمرد على طاعة الله، إلا أنه "وربما لأول مرة" لا تشعر في تصريحاته بطعم الحِدَّة، ولم تتجاوز تهديداته مواجهة التوقيعات بالتوقيعات من خلال ما أطلق عليها حملة "تجرُّد" أو"مؤيِّد"، وتهدف إلى جمع توقيعات توافق على استمرار الرئيس مرسى حتى نهاية مدته.
في تقديرى أننا أمام نقلة نوعية لم يكن يحلم بها أكثر المتفائلين وسط غيوم الحجارة والمولوتوف والخرطوش والرصاص والغاز ودخان الحرائق وسيول السباب والمهاترات.. وأن نتراشق بالتوقيعات خير ألف مرة من أن نتراشق بما يخَلِّف القتلى وأصحاب العاهات.
لنلعبها "تمرُّد" و"تجرُّد" بكل الوِد، والخاسر يهنئ الفائز، ولو تعادلنا نكَمِّلها دومينو!