حكايات «مربع جاهين» وقصة عشقه لـ«عبد الناصر»
التاريخ لا يمكن حذفه أو التحريف فيه، فكل من كتب حرفًا يظل محفورًا في العقول، وعندما تكون الحروف مرسومة بإبداع، تظل بصمة صاحبها مدى الحياة، هكذا عرف الجمهور صلاح جاهين «ملك الرباعيات»، بتاريخه الحافل الذي صنعه لنفسه، لتتحدث عنه الأجيال على مر العصور.
وستظل ذكرى ميلاد "جاهين" لها مذاق خاص لدى عشاقه ومحبيه رغم رحيل جسده، إلا أن روحه لازالت خالده برسوماته الكاريكاتورية الساخرة.
رحلة الأهرام
رحلة جاهين، للأهرام، كان وراءها الصحفى محمد حسنين هيكل، بعدما تولي رئاسة تحرير الجريدة في أواخر خمسينيات القرن الماضي، فاستقدم صلاح جاهين من صباح الخير في عام 1962، ليبدأ رحلة التعليق السياسي اليومي للأهرام عبر فن الكاريكاتير.
مربع صلاح جاهين بالصفحة الخامسة، يظل من معالم الأهرام والصحافة المصرية بشكل عام، لكن مع المربع كان سبب حرب المعركة التي نشبت بين جاهين والشيخ محمد الغزالى، أثناء مناقشة الميثاق في مجلس الأمة في الأيام العشرة الأخيرة من شهر مايو1962
معركة الغزالي
وكانت بداية المعركة، عندما أبدى الغزالى أثناء مناقشة بنود الميثاق تحت قبة البرلمان، آراء اعتبرها "جاهين" غير معبرة عن روح الميثاق وروح العصر، ليبدأ جاهين تخصيص مساحات يومية من الرسوم الكاريكاتورية الساخرة والزجل العامي، موضحًا تلك الآراء في المربع، فكانت أول السلسلة تعليقا ساخرا على مطالبة الغزالي بإلغاء القوانين المستوردة، فرسم جاهين الغزالي مندمجا في الخطابة رافعا ذراعه ورأسه إلى الخلف.
هزيمة يونيو
تُعد حركة الضباط الأحرار، وثورة 23 يوليو 1952، مصدر إلهام "جاهين"، الذي خلّد جمال عبد الناصر بأعماله، بكتابة عشرات الأغاني، لكن هزيمة 5 يونيو 1967م، أصابته بكآبة بعد أن غنت أم كلثوم أغنيته "راجعين بقوة السلاح" عشية النكسة، فكانت هذه النكسة هي الملهم الفعلي لأهم أعماله "الرباعيات" والتي قدمت أطروحات سياسية تحاول كشف الخلل في مسيرة الضباط الأحرار، والتي يعتبرها الكثير أقوى ما أنتجه فنان معاصر.
وفاة عبد الناصر
وكانت وفاة الرئيس عبد الناصر السبب الرئيسي لحالة الحزن، والاكتئاب التي إصابة صلاح جاهين، وكذلك أم كلثوم، حيث لازمهما شعور بالانكسار، لأنه كان الملهم والبطل والرمز لكرامة مصر، ولم يستعِد بعدها جاهين تألقه وتوهجه الفني الشامل.