«أصلح بوابير الجاز».. عم عتمان أقدم سمكري بالمحلة يروي رحلة الـ 60 عاما مع المهنة
في محل صغير متهالك بمنطقة سوق الليمون بمدينة المحلة الكبرى، يجلس عم عتمان أقدم سمكري تخصص في إصلاح بوابير الجاز قضى 60 عاما في المهنة التي ورثها من أجداده، وأمامه أطلال من الزمن الماضي لم يتخطَ عددها أصابع اليد الواحدة، ينحني عليهم لكي يصلح واحدا تلو الآخر لعودته جديدا صالح للاستخدام مرة أخرى.
فعلى الرغم من أن عمره تعدى الـ٧٥ عاما إلا أنه يمارس عمله بشغف وحب، وأعطاه من عمره وصحته الكثير، حتى وإن كان يرى أن المهنة انقرضت وأصبحت "ما بتأكلش عيش"، خاصة بعد اختفاء بوابير الجاز التي كان يعتمد عليها في المكسب، وما استحدث في الكثير من الخامات والأدوات المستخدمة في هذا الشأن.
وبدأ حديث عم عتمان باسترجاع الذكريات عن الماضي، قائلا: "زمان كنت ملك"، بدأت المهنة في سن 15 عاما، وهي في عز توهجها عندما كان السمكري ذو شأن في المنطقة، ورافقت والدي في البداية، ثم أصبحت متقنا لها حتى تحولت إلى مقصد لمئات الأسر التي تحتاج إلى صيانة أجهزتها المنزلية، ومنها بوابير الجاز والأقماع وكوز الكنافة، ورغم ما كنت أتقاضاه من قروش حينها إلا أن المكاسب كانت كثيرة".
وتابع، أشهر أنواع بوابير الجاز في السبعينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي: "بريمس - بنس - النجمة"، وكانت أغلبية الأسر تستخدم الأجهزة والمعدات القديمة في منازلها، ولذا كانوا يحتاجوني كثيرا حتى وصل بي الحال إلى أن الزبائن ينتظرون على الدور حتى أنهي إصلاح أجهزتهم، مما جعل الكثير منهم يوفرون أدوات احتياطية منها.
ويضيف، بدأت المهنة تنقرض شيئا فشيئا بعد استحداث الأدوات المنزلية واختفاء معظم القديم منها، وفي التسعينيات كانت بعض الأسر المتوسطة الحال ما زالت حريصة على استخدام بوابير الجاز في الشتاء للتدفئة حتى ارتفعت أسعار قطع الغيار، بالإضافة إلى عدم توافرها في الخمس سنوات الأخيرة، وعلى سبيل المثال "ماكينة البابور أصبحت بـ ٤٠ جنيها، الفونيا ٥ جنيهات، الغطاء ١٥ جنيها، الكباس ١٥ جنيها، ماسورة الكباس ٤٥ جنيها"، حتى وصل سعر بوابير الجاز الجديد إلى ٢٠٠ جنيه، وفضلت الأسر الاستغناء عنه.
وقال: «أنا فخور بمهنتي، لأنها أصبحت صورة معبرة عن الزمن الجميل، وسبب في تربية أبنائه، وحصولهم على شهادات علمية ومراكز عالية، وهم يعملون في وظائف مختلفة، ولم يختر أحدهم هذه المهنة بسبب مواكبتهم التطور الحديث».