الهروب إلى الانتخابات.. صفقات خفية وراء حل الكنيست الإسرائيلي
رغم محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحفاظ على بقاء حكومته عقب زلزال استقالة وزير دفاعه افيجدور ليبرمان، الشهر الماضي في ضوء خلافات بينهما حول غزة، إلا أن ثباته لم يدم طويلًا لتعلن تل أبيب، اليوم الإثنين، في بيان مشترك عن رؤساء الائتلاف الحكومي، حل البرلمان الإسرائيلي "الكنيست"، والتوجه لانتخابات برلمانية مبكرة في 19 أبريل المقبل.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو من الذي سيقوم بتشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، وهو سؤال يصعب الإجابة عليه في ظل الحديث داخل الاحتلال، عن مؤامرات ليقوم نتنياهو بتشكيل الحكومة المقبلة، وفي الوقت نفسه ظهور شخصيات بدأت تحظى بشعبية داخل المجتمع الإسرائيلي.
تحالف المتشددين
وتشير التقارير العبرية أن الاتهامات الموجهة لـ نتنياهو هو أنه ربما سعى لإجراء انتخابات مبكرة للخروج من مأزق المصادقة على قانون التجنيد الذي يرفضه المتشددون دينيًا في إسرائيل والذين لا يعترفون بالخدمة العسكرية في الجيش، وذلك من أجل عقد صفقة معهم تشمل التحالف بينهما لتشكيل الحكومة المقبلة مقابل عدم تمرير قانون التجنيد ومنحهم امتيازات أخرى، وكان من المفترض المصادقة على قانون تجنيد المتدينين اليهود في الجيش، لكن شركاء نتنياهو أوضحوا أنهم باتوا يجدون صعوبة في تمرير قوانين في الكنيست نظرا للحكومة الضيقة التي يقودها نتنياهو منذ استقالة ليبرمان من الحكومة وخروج حزبه "إسرائيل اليوم" من الائتلاف الذي أصبح يضم 61 عضوا من أصل 120، في المقابل ينفي نتنياهو وشركاؤه هذه الرواية لكن الأيام القادمة سوف تجيب.
صفقة روسيا
وفي الخلفية تأتي رسالة بعث بها نواب المعارضة الإسرائيلية إلى رئيس لجنة الشئون الخارجية والدفاع بالكنيست المنحل، مطالبين فيها بالكشف عن رسالة قدمت إلى إسرائيل من روسيا تضمنت صفقة مرفوضة كان من شأنها إزالة القوات المدعومة من إيران في سوريا.
وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" اليوم الإثنين، أن الصفقة قدمها سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف لنظيره الإسرائيلي، مئير بن شبات، في سبتمبر الماضي، وكانت تهدف إلى تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا من خلال اتفاق حول إيران وسوريا، صفقة كانت ستجعل القوات الأمريكية تغادر سوريا وتنسحب كذلك بمقتضاها القوات الإيرانية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض ذلك لأن الأمر كان سيشمل أيضًا تخفيف العقوبات ضد طهران.
وطالب أعضاء الكنيست الثلاثة، بأن يقدم الرئيس آفي ديختر (الليكود) الرسالة إلى لجنة الكنيست العليا وأن يتم استدعاء نتنياهو لتظهر أمام المشرعين للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالصفقة المرفوضة، ولم تمر ساعات عن الكشف عن رفض نتنياهو لهذه الصفقة وتم إعلان الكنيست برمته، إذ أنه ربما تكون هذه الصفقة التي رفضها نتنياهو وضعت المسمار الأخير في نعش حكومته، وخاصة أن الإدارة الأمريكية أعلنت الانسحاب الأمريكي من سوريا بالفعل ولكن من دون تحقيق أي مصالح لإسرائيل.
بيني جانتس
أيا كان السبب وراء قرار الذهاب للانتخابات المبكرة اليوم فإن فرضية أن يشكل نتنياهو للحكومة المقبلة بدعم من المتطرفين دينيًا الذين يساندهم في مسألة التجنيد أمر وارد، ولكن يجب أيضًا الاخذ في الحسبان الشخصيات التي ظهرت في الصورة السياسية خلال الأونة الأخيرة والتي تعتبر مرشحة ايضًا لمنصب رئيس الحكومة المقبل، والتي من بينها رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، بيني جانتس، وأوضح أحدث استطلاع للرأي ارتفاع شعبيته وتزايد احتمالات فوزه بمنصب رئيس الوزراء الذي يشغله نتنياهو منذ نحو 10 أعوام، وأظهر الاستطلاع أن أكثر من ثلث الإسرائيليين، 33% منهم، يرغبون في رؤية رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق رئيسًا للحكومة بعد رحيل نتنياهو، بينما يرى 41 % أن الأخير لا بد أن يظل في منصبه بولاية جديدة.
ساحة حرب
في الوقت نفسه لا ينبغي أن يغب ليبرمان عن المشهد، فغالبية التحليلات أكدت أن قرار استقالته لم ينبع من مجرد خلافات مع نتنياهو وإنما لكونه يطمح في غنيمة أكبر وهى تشكيل الحكومة المقبلة، ومن أجل ذلك سيحاول كسب أصوات اليمين المتطرف الذي يتعارك نتنياهو من أجل جرهم ناحيته أيضًا ما يعني أن الساحة السياسية في إسرائيل ستكون ساحة حرب خلال الفترة المقبلة، لأن هناك أصوات كثيرة طامعة في المنصب.
كما يدخل على خط المارثون السياسي الإسرائيلي، رئيس حزب العمل «آفي جاباي» الذي أعلن قبل يومين أنه سيكون الرئيس القادم للحكومة الإسرائيلية خلفا لبنيامين نتنياهو، وذلك على الرغم من استطلاعات الرأي التي قللت من حظوظ حزبه في أي انتخابات قادمة.
وستتطرح الحكومة خلال الأسابيع القادمة قانون حل الكنيست وأن يصادق عليه أغلبية أعضاء البرلمان، ومن المتوقع أن تتوقف إجراءات التشريع لمشاريع قانون، بعضها كان مثير للجدل مثل: طرد عائلات فلسطينية من الضفة، إضافة إلى ذلك لن تستطيع الحكومة تعيين رئيس جديد للشرطة.