جرائم المدن الجديدة.. أبرزها السرقة والقتل والدعارة.. 6 أسباب وراء ارتفاع معدلات الجريمة في الأحياء الراقية.. وخبراء: التوسع في إنشاء أقسام ونقاط الشرطة وتكثيف التواجد الأمني لمواجهة لصوص «الأثري
القاهرة الجديدة.. الرحاب.. التجمع الخامس.. حدائق أكتوبر.. الشيخ زايد.. حدائق الأهرام.. بدر.. العبور.. الشروق.. كلها مدن ومجتمعات عمرانية جديدة، يقصدها الباحثون عن الخصوصية والهدوء، ليتخذوا من شققها وفيلاتها الفاخرة سكنا لهم، بعيدا عن زحام وضجيج المدن والمناطق المزدحمة.. ومؤخرا وقعت في بعض تلك المدن الجديدة مجموعة من الجرائم البشعة، وبدأ اللصوص وتجار المخدرات والنصابون يتسللون إليها، ليمارسوا أعمالهم الإجرامية بها، ظنا منهم أنهم بعيدون عن أعين رجال الشرطة، وأنهم سيرتكبون جرائمهم دون أن يردعهم أحد.. ترى ما نوعية الجرائم التي تقع في المدن الجديدة.. ولماذا يختارها الخارجون على القانون لممارسة أنشطتهم.. وكيف يتعامل رجال الأمن مع تلك الجرائم؟.. هذه التساؤلات وغيرها، يجيب عنها محقق "فيتو" في السطور التالية من خلال المصادر الأمنية وخبراء الأمن.
معدلات مرتفعة
في البداية، كشف مصدر أمني رفض الإفصاح عن هويته، عن أن معدلات الجريمة الجنائية ارتفعت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، خصوصا في المناطق والمدن الجديدة، وذلك لعدة أسباب أولها: وجود ظهير صحراوي لمعظم المدن الجديدة، ما يسهل هروب الجناة عقب تنفيذ جريمتهم أو إخفاء الجثث فيها في حالة جرائم القتل.. وثانيها: ارتفاع المستوى المادي لقاطني تلك المناطق، وهو ما يغري اللصوص لاقتحام مساكنهم الفاخرة والاستيلاء على مقتنياتها غالية الثمن.
والسبب الثالث يتمثل في اتساع النطاق الجغرافي للمدينة، فيصعب تأمينها بشكل كامل، والرابع: إهمال بعض السكان تأمين ممتلكاتهم الخاصة، ومن ثم يتمكن اللصوص أو المجرمون من اقتحامها بسهولة وتنفيذ جرائمهم المتنوعة.. أما السبب الخامس فهو قلة عدد السكان مقارنة بالمناطق الشعبية، وكثرة المباني الخالية من السكان والتي يتخذها الخارجون على القانون مأوى لهم، والسبب السادس هو بعد تلك المدن وتطرفها عن المناطق كثيفة السكان، وبالتالي تستغرق قوات الأمن وقتا في الوصول إلى مكان الحادث، وتواجه صعوبات في مطاردة الجناة.
وأشار المصدر إلى أن الجرائم في المدن الجديدة تتنوع ما بين القتل والسرقة والاختطاف وتجارة المخدرات، وممارسة الأعمال المنافية للآداب وسرقة السيارات، ونادرا ما تحدث أعمال بلطجة أو سرقة بالإكراه.. وأضاف: "في مدينة الرحاب وقعت العديد من جرائم القتل التي شغلت الرأي العام لفترات طويلة، لعل أبرزها واقعة مقتل طالب جامعي على أيدي والد خطيبته وبمساعدة منها، حيث استدرج المجنى عليه إلى شقة مستأجرة بالرحاب وقُتل، ثم دفن الجثة داخل حفرة عميقة بمطبخ الشقة.
الرحاب
وفي الرحاب أيضا وقعت جريمة غريبة وغامضة فيها، حيث أقدم مهندس في العقد السادس من عمره على قتل زوجته وأولادهما الثلاثة ثم انتحر، وذلك وفقا لتحقيقات الجهات المختصة، وفي ذات المدينة قتل عامل شقيقه بعد أن اكتشف وجود علاقة آثمة بينه وبين زوجته. أما بالنسبة لمدينة العبور فيضيف المصدر: "في العبور تكررت جرائم خطف الأطفال خصوصا وإخفائهم داخل منازل خالية من السكان، وأبرز هذه الوقائع اختطاف طفل عمره 8 سنوات من أمام نادي القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس، واحتجازه في شقة بمنطقة العبور وطلب فدية من أسرته".
ونجحت الأجهزة الأمنية في تحريره وإعادته سالما لأسرته، وذلك أيضا نظرا لوجود العديد من المصانع والشركات الكبرى بالعبور، فإن عصابات السرقة تنشط بها، ومؤخرا ضبط رجال الأمن عددا من اللصوص استولوا على أموال ومقتنيات بعض المصانع والشركات، من بينها واقعة سرقة 60 ألف دولار أمريكي من محاسب في مصنع ملابس شهير، وكذلك ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات الملاكي بذات المدينة". وأكد المصدر أن العديد من المدن الجديدة الأخرى مثل امتدادات 6 أكتوبر وبدر والشروق وغيرها، تشهد أنواعا كثيرة من الجرائم، فمثلا في أكتوبر تزداد معدلات السرقة بالإكراه وسرقة السيارات، والأعمال المنافية للآداب والنصب.
وفي الشروق تنشط عصابات الأجانب التي تعمل في مجال الدجل والشعوذة وتوليد الدولارات". وأثار المصدر نقطة مهمة متعلقة بالأجانب الوافدين إلى مصر من مختلف دول العالم، موضحا أن معظمهم يتخذ من المناطق الجديدة مقرا لهم، ويعمل في مهن ووظائف مختلفة، ومع الوقت يبدءون في ممارسة أعمال خارجة عن القانون مثل ممارسة الدعارة، سواء في شقق خاصة أو من خلال مراكز التدليلك والمساج الموجودة بتلك المناطق، وهناك من يتجه إلى السرقة أو النصب.
زيادة التواجد الأمني
من جانبه، يرى اللواء جمال أبو ذكري مساعد وزير الداخلية سابقا، أن وزارة الداخلية تولي اهتماما كبيرا بالمدن الجديدة، وتعمل على زيادة التواجد الأمني بها من خلال افتتاح أقسام شرطة، وتدعيم الارتكازات الأمنية هنا وتكثيف الحملات عليها ليلا ونهارا. وأكد أن الوزارة خلال السنوات الأخيرة حققت معدلات أداء وإنجاز مرتفعة في ملف الأمن الجنائي، وأشار إلى أن نسبة نجاح الداخلية في الكشف عن تفاصيل وملابسات الجرائم الجنائية تتراوح بين 90 و95%، وهي نسبة ممتازة، خصوصا وأنه لا توجد دولة في العالم تحقق نسبة نجاح 100%، وأضاف أنه لا بد خلال الفترة القادمة أن يكون هناك تعاون أو تحالف بين الإعلام والشعب من جهة، والأجهزة الأمنية من الجهة الأخرى، لكي يستطيع رجال الأمن تحقيق أكبر قدر من النجاح في ملف الأمن الجنائي، مطالبًا الشعب المصري بأن يكون أكثر وعيًا بخطورة الأمر، فعلى على سبيل المثال إذا علم مواطن إنه «يوجد حرامي في شارعه يقوم بالإبلاغ عنه الفور، ولا يقف موقف المتفرج».
حرب ممنهجة
وفي ذات الإطار يقول اللواء مجدى السمري مساعد وزير الداخلية لمكافحة المخدرات: إن الدولة تواجه حربا ممنهجة لتدمير عقول الشباب عبر جلب وتهريب المواد المخدرة وظهور بؤر لتجارة العقاقير والمواد التخليقية والمخدرة في بعض المناطق والمدن الجديدة، ظنا من القائمين على تلك التجارة أنهم بعيدون عن أعين رجال الأمن. وأضاف أن رجال الشرطة نجحوا في القبض على العديد من تجار المخدرات في الشروق وبدر والعبور و6 أكتوبر وغيرها من المدن الجديدة خلال الفترة الأخيرة.
على جانب آخر، كشف مصدر أمني مطلع عن أن الأجهزة الأمنية المختلفة وخصوصا قطاع الأمن العام، تولي أهمية كبرى للمناطق الجديدة، وتحرص على التواجد الأمني المكثف بها، وذلك في إطار توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية الذي شدد على أن المرحلة الحالية تتطلب بذل أقصى الطاقات من الخبرات والعلم لتحديث آليات العمل، وملاحقة وتعقب العناصر الجنائية الخطرة ومرتكبى الجرائم، واقتحام البؤر الإجرامية التي تؤوى تلك العناصر وضبطهم، وتوجيه حملات مكبرة لضبط التشكيلات العصابية وتنفيذ الأحكام القضائية، واتخاذ كل الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة للحد من انتشار الجرائم عبر تفعيل منظومة الأمن الوقائى وتوسيع دوائر الاشتباه الجنائى، وزيادة الدوريات والأكمنة المتحركة في كل الشوارع والمناطق، وسرعة الاستجابة لاستغاثات المواطنين، خصوصا في المناطق والمدن الجديدة، وفى هذا الصدد أنشئت العديد من أقسام ونقاط الشرطة الجديدة وتكثيف الحملات ودوريات الانتشار السريع.
الأجانب
وعن الأجانب المتواجدين في المناطق المشار إليها، قال المصدر: "قطاعات الأمن العام والوطنى ومكافحة المخدرات والجريمة المنظمة ومباحث الآداب والأموال العامة وتكنولوجيا المعلومات ونظم الاتصالات والجوازات والهجرة، تشارك جميعًا في مهمة المواجهة كل في نطاق اختصاصه على حسب نوع الجريمة وظروفها، وهناك رؤية أمنية للمواجهة تمثلت في تشديد الإجراءات بداية من وصول العناصر الأجنبية إلى المطارات، والمراجعة الدقيقة للبيانات مع سلطات الإنتربول الدولي للكشف عليهم جنائيًا في بلدانهم، وتكثيف الحملات الأمنية والأكمنة الثابتة المتحركة في المدن الجديدة، تعزيز تركيب كاميرات المراقبة في الشوارع الخالية، وتجنيد المصادر السرية، وشن الحملات التفتيشية، والتواصل مع السفارات والقنصليات للبحث والتحري عن الأجانب المنتهية إقامتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة قبلهم، إجراء حملات موسعة لفحص الشقق المفروشة والتأكد من هوية قاطنيها، ومدى سلامة أوراقهم القانونية لدخول البلاد.
"نقلا عن العدد الورقي..."