صعيديات يواجهن الصعاب.. «مرزوقة وسيدة» زرعتا الجبل.. و«سناء» تتحدى بـ«ميكروباص»
تضم محافظات الصعيد العديد من النماذج النسائية المضيئة التي استطاعت أن تواجه متاعب الحياة سواء في تربية أبنائها أو خدمة مجتمعها، وحظي بعضهن على تسليط الضوء عليهن من خلال وسائل الإعلام، واهتمام الدولة بهم بشكل مباشر، وأخريات سطروا قصص نجاح يحتذى بها لكنهم ظلوا مغمورين.
وخلال السطور التالية تسرد "فيتو"، قصص نجاح 4 سيدات تحدين الصعاب لمواجهة الحياة الاقتصادية الصعبة وتربية أولادهم بكرامة وعزة نفس..
"سيدة" تتحدى الصحراء
سيدة فرغلي عمرها 40 عاما من مركز إدفو بمحافظة أسوان، تزوجت وعمرها 15 عاما تركت مدرستها بعد الصف الثالث الإعدادي بناءً على رغبة عائلتها لتتزوج، وبعد 22 سنة وإنجاب طفلتين طلقها زوجها، لتجد نفسها في مواجهة متاعب الحياة خاصة أنها مسئولة عن تربية بنتيها، وبما أن المثل الشعبي يقول "المضطر يركب الصعب"، سعت "سيدة" للحصول على قطعة أرض زراعية مساحتها 6 أفدنة ومنزل في قرية السماحة بمشروع وادي الصعايدة التي تقدمها الدولة للأرامل والمطلقات، وتحقق ما كانت تسعى إليه.
انتقلت "سيدة" من بيت عائلتها في مدينة إدفو لتسكن الجبل بجوار أرضها مع بنتيها، رغم اعتراضات العائلة الشديدة لكنها أصرت على تأسيس حياة أفضل تمكنها من تربية بنتيها اللذين كان عمرهما في ذلك الوقت "4، و6 سنوات"، وتعلمت أن تحرث أرضها بنفسها وتعمل على الماكينات الزراعية الضخمة.
وبعزيمة صلبة استطاعت "سيدة" استصلاح أرضها وزراعتها بالقمح، واجهت خلالها العديد من الصعوبات في كونها امرأة تعمل في أرض زراعية بالجبل فضلًا عن قيادتها للمعدات الثقيلة مثل اللودر أو استخدام ماكينات الري، وبالإصرار والعمل نجحت "سيدة" في المهمة الشاقة ورات بنتيها يكبرن أمام عينها حيث تدرس الابنة الكبرى بكلية الزراعة والأخرى دبلوم الزراعة، دون الاعتماد على الغير، لتكون الأم في نظر بنتيها قدوة ومثال للتحدي، ويقررا السير في طريق والدهتما ومساعدتها فخورين ما قدمت من أجلهما.
"سناء" سائقة الميكروباص
والقصة الثانية لـ"سناء غريب محمود" من محافظة قنا عمرها 55 عاما توفي زوجها وترك لها 3 أولاد في عمر الزهور ولا يوجد لديهم مصدر دخل ثابت، وواجهتها العديد من المتاعب في حياتها، حتى هداها تفكيرها لشراء "ميكروباص" بالتقسيط والعمل عليه سائقة، وتحدت العادات والتقاليد في الصعيد التي لا تسمح لعمل المرأة خاصة في تلك المهنة الشاقة.
وعن هذه التجربة قالت "سناء" إنها عملت سائق ميكروباص منذ عام 2008، تخرج من منزلها فجرا وتعود قبل غروب الشمس، وتعمل على الخطوط الخارجية بالطريق الصحراوي "نجع حمادي - قنا" والعكس، موضحة أنها واجهت العديد من الانتقادات من أهلها وأهل البلد، فضلا عن المضايقات من السائقين لكن لا يوجد أي حل أمامها حتى تعول أبناءها سوى تلك المهنة المرفوضة في الصعيد، وتمر عليها ساعات صعبة يوميا في انتظار دورها في الموقف وسط السائقين وتتحمل خلالها الكثير من الصعوبات التي لا تتحملها أي سيدة.
وعن الصعوبات التي تواجها "سناء" يوميًا أوضحت أنها لا تستطيع ترك سيارتها لأي شخص يعمل عليها ويأتي لها بالدخل في آخر اليوم، كما انتظار دورها في الموقف وسط السائقين شيء صعب بالنسبة لها، لكنها تتحمل وتصبر وتتخطى تلك الصعاب من أجل أولادها.
وأشارت إلى أنها استطاعت أن تعلم أبناءها تعليما عاليا وتزوج بناتها ولديها إصرار على استكمال مشوارها حتى تكون سندًا وفخرًا لأبنائها، متمنية أن تؤدي فريضة الحج بعد أن تكمل رسالتها مع أولادها.
"نجاح" تتحدى الإعاقة
ومن النماذج المشرفة في إحدى قرى محافظة قنا "نجاح ياسين"، أول سيدة قنائية من متحدي الإعاقة، حاصلة على بكالوريوس تجارة تحدت عادات وتقاليد قريتها لتتعلم وتحصل على أعلى وتحقق نجاحا في حياتها العلمية والعملية، واستكملت دراسات النوع عن المرأة "بلا إعاقة أو معاقة" بجامعة المنيا، وحصلت على دبلومة عامة تربوي، وماجستير في إدارة الأعمال.
تزوجت نجاح وعمرها 18 عاما بناءً على رغبة أسرتها حيث كان لديها 7 شقيقات وشقيق واحد رفض أن يُكمل أخواته دراستهن وفضل زواجهن، ووافق والدها على ذلك لأن عادة العائلات في احترام كلمة الابن، ثم عملت مشرفة في هيئة محو الأمية، وحصلت على الشهادة الجامعية، وعملت محاسبة في أحد مشروعات مؤسسة "تير دي زوم".
وانتقلت للعمل في مجال ذوي الإعاقة من مؤسسة لأخرى واستطاعت فهم ومعرفة جميع ما يخص هذه الفئة، كما أسست جمعية ترعى هذه الفئة، ليتم إشهار جمعية النور للمكفوفين وذوي الإعاقة في 22 يناير 2011، وفي 2017 رشحت للسفر للدنمارك من قِبل مركز قضايا المرأة ممثلة عن الجمهورية، لفهم ومعرفة تجربة المحليات بالدولة.
وعن قصة كفاحها قالت "نجاح" إن بدأت التحديات مبكرًا، وكان أول تحدٍ إصرار والدها على نجاحهن تعليميًا ومهنيًا ليكون لهم أهمية وقيمة في المجتمع الذي ينظر للفتيات أنهم عار، والتحدي الثاني هو إقناع أهالي قريتها "الجبلاو" بعمل المرأة والخروج والسفر الكثير، حتى اكتسبت ثقتهم ونتج منه تدريب وتعليم وعمل فتيات القرية معها في عدة مشروعات.
"مرزوقة" الشقيانة
ومن بلاد الذهب قصة كفاح أخرى بطلتها مرزوقة عكاشة أحمد وهب الله، "48 عاما"، من مركز نصر النوبة بمحافظة أسوان استطاعت أن تحافظ على أسرتها وتوفر حياة كريمة لهم بعد أن أغلقت جميع أبواب العمل أمام زوجها، حيث أصرت على أن يكون لها دور في توفير حياة كريمة لأسرتها، ونقلت حياتها من بلدتها إلى مدينة أبو سمبل لاستصلاح الأرض وزراعتها مساحتها خمس أفدنة، لديها ولد وبنت كانا في ذلك الوقت في المرحلة الإعدادية، عملت في الأرض مع زوجها وأولادها ولم يستأجروا عمالا من الخارج فقامت بجميع الأعمال الشاقة.
وكانت "مرزوقة" تخرج من بيتها فجرا وتعود مساء مع أسرتها بعد انتهاء عملهم في الأرض، وبجانب ذلك حافظت على رعايتها وتعليمها لأولادها، يعمل ابنها مهندسا وبينتها في التدريس، وكرمها محافظ أسوان مسبقا لأنها نموذج يحتذى به.
وقالت "مرزوقة" إنه كان لديها إصرار على مساندة زوجها حتى لا يستسلم لليأس بعد فشله في الحصول على أي فرصة عمل، وعندما علمت بمشروع الخريجين في قرية المستقبل أبو سمبل فكرت في أن يكون لهم عمل خاص من خلال الحصول على الأرض وزراعتها، ولم تتردد في مواجهة أي صعوبات في المكان الذي انتقلوا له حتى تصل لهدفها، وما زالت تعمل في الأرض والزراعة منذ عشرين عامًا تقريبا وتشارك زوجها في جميع الأعمال.