ضربة ألمانيا لـ«الإخوان» تهدد مستقبل التنظيم في العالم.. استخبارات برلين تقود حملة لاستئصال «أبناء البنا» من أوروبا.. توطن «أنصار الإسلام الليبرالي» بديلا للمتطرفين.. باح
بخطى ثابتة تسير ألمانيا إلى حظر جماعة الإخوان الإرهابية، وتشير برلين عبر جهاز الاستخبارات الألماني إلى خطورة «الجماعة» على أمن ألمانيا، وذلك عبر نبرة حاسمة ومتقدمة على كل الدول الأوروبية، التي لا تزال تتحسس مواقفها من مواجهة الإخوان، خوفا من تفشي الإرهاب، وانتقاله إلى الغرب.
ماذا حدث.. وكيف؟
حتى تصل الاستخبارات الألمانية، وهي أعلى وأقوى جهاز أمني ليس فقط في ألمانيا بل في أوروبا بأكملها، إلى اعتبار «الإخوان» أخطر من تنظيم «داعش» الإرهابي، بما يهدد قواعد الحياة الديمقراطية في ألمانية، فهذا يعني أن القضية لم تأت اعتباطا، ولا هي نتاج بروباجندا إعلامية فقط، كما يروج الإخوان دائما عن أي إجراء تصعيدي يتم بحقهم، بل يعني استنادا واضحا إلى مصادر موثقة، استمدت منها الاستخبارات الألمانية، ما يفيد وجود أعمال مناهضة للدولة، من المنظمات الدينية المقربة من الإخوان، خاصة في ولاية «فيستفاليا».
كانت أجهزة الأمن، بدأت تستشعر الخطورة من نفوذ الإخوان المتزايد، والأنشطة المريبة لما يسمى بـ«المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا»، التابع للإخوان، ورصدت سعيه بشكل مثير للقلق نحو الانتشار، وتكوين بؤر قد لا يمكن السيطرة عليها مستقبلا، بما يشكل خطرا أكبر على الديمقراطية الألمانية، وقد تدفع البلاد ثمنا باهظا إذا توسع الإخوان أكثر من ذلك، واتبعوا أساليب تنظيمات إرهابية مثل «القاعدة أو داعش»، تجاه أي محاولة للتضييق عليهم.
توسيع شبكات الجماعة
سعت الإخوان منذ حظرها في مصر للعمل بشكل هستيري على توسيع شبكتها في أوروبا، وضمت الجمعيات الدينية المقربة منها، بجانب استقطاب اللاجئين العرب وإدماجهم في أنشطة الاتحاد، بما وسع الشبكة الدينية التي أصبحت تشكل دولة داخل الدولة في شرق ألمانيا، سواء في افتتاح المزيد من الجمعيات التابعة للاتحاد، أو التوسع في تشييد المساجد والأبنية الواسعة، التي تهدف من خلالها إلى تربية أجيال جديدة من أبناء اللاجئين، أو اللاجئين أنفسهم على أفكار وأهداف الإخوان.
ضربة الاستخبارات سارات جنبا إلى جنب مع الانتشار القوى لـ«المسلمين الليبراليين» وهي مجموعة تدعمها الحكومة الألمانية منذ فترة، وظهرت مؤخرًا بقوة مهاجمة التيارات الإسلامية، وتسعى لعزلها وإبعادها عن الفعاليات التي تقام تحت رعاية الدولة الألمانية حتى لا يشكل ذلك شرعية إضافية لها، والزج بنفسها في كل ما له علاقة بالإسلام طوال العقود الماضية.
يقود الليبراليون الجدد في ألمانيا، جيم أوزديمير، وهو ألماني من أصل تركي، والزعيم السابق لحزب الخضر، وحامد عبد الصمد، الباحث والروائي المصري الألماني الشهير، ويسعيان بشكل شرس، لوقف هيمنة التيارات الدينية وفي القلب منها الإخوان على منظمات المجتمع المدني.
وهو ما ظهر واضحا في مؤتمر الإسلام الألماني، الذي انعقد بداية الشهر الحالي، وشارك فيه التيار الليبرالي للمرة الأولى، بعدما كانت الإخوان وأتباعها يسيطرون عليه سنويا، وكانت تلك بمثابة خطوة أولية لسحب الاعتراف الحكومي من الجمعيات الإسلامية ككيانات معترف بها في القانون العام الألماني، وهو ما يتحقق حاليا بأقوى أعنف ضربة للجماعة، من الاستخبارات الألمانية، بما سيقضي على مستقبلها لاحقا في أوروبا بأكملها.
الأدلة واضحة
يرى الدكتور حازم سعيد، الباحث المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن ألمانيا أصبحت ترى بوضوح أن جماعة الإخوان الإرهابية أهم مورد للأيديولوجيا المتطرفة التي تنتج الجماعات الإرهابية، موضحا أن هناك إدراكا ولو كان متأخرا من أوروبا بخطورة التهديدات التي يشكلها وجود التنظيم الإخواني داخل البلدان الغربية.
ويوضح سعيد أن تهديدات الإخوان للثقافة الأوروبية أصبحت تؤخذ على محمل الجد، لا سيما في ظل محاولاتها المكشوفة لخلق كيان اجتماعي مواز ينافس أركان المجتمع الأوروبي في المبادئ والقيم، لافتا إلى أن التنظيم يعتمد فقط على سياسة النفس الطويل، لإيجاد موطئ قدم له داخل هذه البلدان، بما يهدد القيم الأوروبية.
وأشار الباحث إلى وضوح الأدلة التي ستقود في وقت قريب إلى حظر التنظيم، لافتا إلى إمكانية استنتاج ذلك من الرقابة المشددة المفروضة على سلوك وتحركات الإخوان وأنشطتهم، وليس فقط على مصادر تمويل الجمعيات الخيرية، وعلاقاتهم بالتنظيم الدولي للإخوان والجماعات الدينية، بل حتى على طلبات استخراج التأشيرات على حد قوله.