مشوار عازف كمان مصري من الكونسرفتوار إلى العالمية (صور)
وحدها الموسيقى يمكن أن تأخذك بعيدا خارج حدود الزمان والمكان، فمنذ أن كان في السابعة من عمره تذوقها، وطرب لسماعها، فبيئته الفنية التي كان ينتمي إليها جعلت الموسيقى تسري بدمه، فأخذت من حواسه وتفكيره، كيف لا، فوالده هو الدكتور نبيل منيب، أستاذ بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ومخرج مسرحي تعلم على يديه الكثير من المشاهير الموجودين حاليا على الساحة، ووالدته من خريجات كلية التربية الموسيقية، وعمته أستاذة بيانو بالكونسرفتوار، وكانت عميدة المعهد في الثمانينيات.
بدأ أحمد منيب تعُلم عزف الكمان باحترافية منذ أن كان في الصف الثاني الابتدائي، فهو يعتبر نفسه محظوظا أنه فرد من عائلة فنية اكتشفت موهبته منذ الصغر واهتمت بها، وعملت على تطويرها وتعزيزها، فكانت والدته تعده وتجهزه لاختبارات القبول بالكونسرفتوار منذ الطفولة، وبالفعل تم قبوله بالمعهد العالي لتعليم الموسيقى، وكان يدرس مواد وزارة التربية والتعليم صباحا، وبعد الظهر يدرس المواد الموسيقية حتى وصل لمرحلة الثانوية العامة والثانوية الموسيقية.
كان من الصعب أن يصل أحد إلى تلك المرحلة من قبل، فالدراسة في الكونسرفتوار تحتاج إلى الموهبة، والتدريب الشاق جدا حتى يتمكن الدارس من استيعاب البرامج الكلاسيكية الصعبة، من باخ لموتسارت لبيتهوفن لتشايكوفسكي، وبعد مرحلة الثانوية يقرر الشخص ما إذا كان يريد أن يكمل تعليم الموسيقى أو يلتحق بأي جامعة مصرية كأي طالب ثانوية عامة، لكن بالنسبة لأحد كان طريقه واضحا جدا، فالموسيقى هي كل حياته وهي الشىء الوحيد الذي يجد نفسه فيه.
أكمل أحمد منيب 4 سنوات أخرى دراسة عليا في الكونسرفتوار، وتخرج بتقدير امتياز، وعمل بعدها لمدة 3 سنوات في أوركسترا القاهرة السيمفوني، قبل أن يقرر أن يزيد من معرفته للموسيقى، ويسافر إلى أوروبا لتحضير الماجيستير في الموسيقى، وبعد اختبارات شديدة الصعوبة تم قبوله في جامعة ميونخ للموسيقى، وهي من أهم وأصعب الجامعات الموسيقية في الدراسة.
بالفعل حصل أحمد منيب على درجة الماجستير في الموسيقى الكلاسيكية، وقرر عمل ماجستير آخر في موسيقى الجاز من نفس الجامعة، ليصبح أول مصري يحصل على درجتين ماجستير في نوعين مختلفين من الموسيقى من جامعة أوروبية، وخلال فترة دراسته عمل لمدة سنة في أوركسترا ألماني، وفي فترة إجازته في مصر كون فريق مع عازف البيانو الشهير محمد فؤاد، وأصبح هذا الفريق حاليا معروف بشكل كبير في مصر تحت اسم "فؤاد ومنيب".
كانت فكرة الفريق قائمة على موسيقى الكمان والبيانو، وتقديم مؤلفاتهما الخاصة، وبالفعل قاموا بعمل العديد من الحفلات في أماكن مهمة مثل أوبرا القاهرة، وأوبرا الإسكندرية، ومكتبة الإسكندرية، والقلعة، وتوسعت شهرتهم في فترة قصيرة جدا منذ بداية الفريق عام منذ ثلاث سنوات حتى الآن، فمعظم حفلاتهم كانت كاملة العدد، ومعظم جمهورهم من الشباب على الرغم من أن نوع الموسيقى الذي يقدماه ليس دارجا.
نجح أحمد منيب في أن يجعل له جمهورا يعتاد أن يسمع الموسيقى فقط، وتمكن كذلك في أن يقدم نموذجا عن عازف موسيقى أصبح نجما في مجاله، يحب الناس أن يستمعون إلى عزفه، بدون أن تكون تلك الموسيقى مصحوبة بكلمات ومغني، فأحيانا تكون الموسيقى المجردة أكثر تعبيرا وإحساسا من الكلمات.