غضب مشروع
يحق للإخوة الأقباط أن يغضبوا مما يلاقونه من معاناة في معظم مدن وقرى المنيا، بينما تبدو سلطات المحافظة عاجزة لا تتحرك إلا عند حدوث اعتداء على كنيسة أو ارتكاب جريمة قتل، كما حدث منذ أيام، عندما أطلق أمين شرطة الرصاص على المقدس عماد كامل وابنه ديفيد.
حدث ذلك في غياب شبه كامل للقيادات السياسية من برلمانيين وأعضاء أحزاب وجمعيات حقوقية أصابها الخرس، فلم تدن تلك الجريمة البشعة التي هزت مصر، وإن لم تكن الجريمة الطائفية الوحيدة التي تحدث في المنيا التي أصبحت محافظة موبوءة بالتطرف والاعتداء على المصريين الأقباط، خاصة عندما يقيمون كنيسة يؤدون فيها صلواتهم، هنا تتحرك قوافل التطرف لتحرق وتنهب وتعتدي على مواطنين كل جريمتهم أنهم يؤدون صلواتهم كما يؤدي إخوتهم المسلمين صلواتهم في المساجد.
والحجة التي تقدم من جانب هؤلاء المتطرفين أن الكنيسة لم تحصل على ترخيص، غالبًا ما يتأخر صدوره سنوات إذا كانت هناك نوايا حسنة لإصداره، ولا يجد الإخوة الأقباط أمامهم سوى تحمل تلك الاعتداءات الوحشية أو الصلاة في الشوارع، ليشهد العالم على معاناتهم، في بلد يتغنى بالمواطنة، ويحرص رئيسه في كل مناسبة على إعلان أن مصر لا تفرق بين مواطنيها على أساس الدين، ويتبنى شعار «الدين لله والوطن للجميع».
لكن يبدو أن هناك كيانات داخل الدولة لا يرضيها هذا التوجه، وتقف حجر عثرة أمام أية خطوة تتخذها الدولة لحماية الوحدة الوطنية، والسؤال.. الذي يفرض نفسه.. لماذا تتكرر تلك الحوادث في محافظة المنيا بالذات؟
حاول الأنبا مكاريوس أن يجد الإجابة بقوله إن المنيا تواجه مشكلات عديدة في التعليم، والصحة،، والبطالة وإن الحكومات تتغير.. والوضع كما هو من سيئ إلى أسوأ.. ونحن نعاني مسيحيين ومسلمين هذه الأوضاع ما يحتاج إلى تدخل قيادات الدولة لإعادة النظر فيما يحدث في المحافظة.
وتلك وجهة نظر صحيحة تماما، فقد تجاهلت الدولة محافظات الصعيد سنوات طويلة، وتركت المجال للسلفيين وقوي التخلف لتحل محلها وتنشر أفكارها المتعصبة دون أن تجد من يتصدى لها، ولتتحول تلك الأفكار إلى ممارسات عملية ضد الإخوة الأقباط، بينما القانون يكاد يكون غائبا ويحل محله جلسات عرفية، ثبت أنها لا تقدم أي حلول عملية ولا تردع المعتدين وتمنعهم من تكرار عدوانهم.
لا حل سوى إصدار قانون يتضمن مواد رادعة، وأن تراجع المواد الدراسية وتراقب الزوايا والمساجد التي يديرها التيار السلفي.