«اللعب في الطقس».. دراسات أمريكية لحجب أجزاء من الشمس عن الأرض وأفريقيا أبرز المتضررين.. تجارب إخفاء الأشعة لتقليل الاحتباس الحراري.. باحث في علوم المناخ: عواقب الظاهرة ستكون وخيمة
مع زيادة خطورة الاحتباس الحراري على كوكب الأرض، وارتفاع درجات الحرارة الملحوظ في كل دول العالم، وانصهار الجليد وارتفاع منسوب المحيطات، يسعى العديد من العلماء لإجراء تجارب في محاولة للحد من تأثيره، ولكن في المقابل هناك مخاوف من استخدام تلك الاختبارات العلمية لتحقيق مصالح سياسية للحكومات، والتحكم بالمناخ الذي تقول بعض التقارير إنه تم التلاعب به بالفعل، وهو ما سبب الكوارث التي بدأت تشهدها الدول بشكل واضح مؤخرا.
العلماء بجامعات هارفارد وإكستر وكورنيل الأمريكية حاولوا إجراء تجربة جيولوجية للتقليل من تأثير الاحتباس الحراري، عبر حجب جزء من الشمس من أجل خفض درجة الحرارة الناتجة عنها وتبريد الكوكب، وذلك بعد الفشل في تقليل الانبعاثات الضارة، والتي تسببت في زيادة الآثار الناتجة عن الاحتباس، وجاءت تلك الفكرة من تأثير أحد البراكين التي اندلعت بالفلبين عام1991، ويدعى بركان جبل بيناتوبو، الذي نتج عنه ملايين الأطنان من الرماد وثاني أكسيد الكبريت إلى الغلاف الجوي، وتلك الطبقة من الجسيمات خفضت من درجات الحرارة بشكل نسبي.
وتقوم فكرة تجربة إخفاء جزء من الشمس عبر ملء الغلاف الجوي بمستوى من الجسيمات، وهي مواد نانوية عاكسة مثل التي أطلقها بركان 1991، لعمل غطاء سحابي للغلاف الجوي، وعكس جزء من ضوء الشمس وحرارتها للفضاء، من أجل الحد من ارتفاع درجات الحرارة بالشكل الكافي لوقف وتأخير بعض الآثار الأكثر خطورة الناتجة عن الاحتباس الحراري وأبرزها تغير المناخ، وتسمي "الهندسة الجيولوجية الشمسية".
الخطورة في تلك التجارب تتمثل في أن استخدام الهندسة الجيولوجية الشمسية لتبريد جزء من الأرض قد يؤدي إلى أحداث مناخية متطرفة في أجزاء أخرى، فأي خطأ صغير يمكن أن يدمر بشكل جذري النظم البيئية والمناخ العالمي، وهو ما قد يعجل بنهاية الأرض، كما أنها ستمكن بعض الدول من التحكم في المناخ.
وذكرت دراسة نشرت العام الماضي أن إطلاق تلك الجسيمات في الغلاف الجوي بشكل صناعي، أو عن طريق تحفيز البراكين بالمحيط الأطلسي، من أجل تبريده بما يجعله أكثر اعتدالا وهو ما سيحد من قوة الأعاصير التي تتكون به، قد يسبب الجفاف بالصحراء الغربية بأفريقيا، أو إحداث اضطرابات في هطول الأمطار والمساعدة على اتساع ثقب الأوزون، ورغم ذلك يحاول العلماء التأكيد أن اختباراتهم لن يكون لها تأثير كبير على المناخ، ويسعون لاستخدام غازات أقل ضررا على البيئة، موضحين أن الاختبارات التي يسعون لإجرائها ستتم عبر نشر كربونات الكالسيوم التي تعتبر بديلا أقل ضررا من ثاني أكسيد الكربون الناتج من البراكين، من خلال إطلاق بالون ضخم به تلك الجسيمات في الغلاف الجوي يطير على بعد أميال عديدة من الأرض، والهدف من تلك الاختبارات هو معرفة تأثير تلك المادة على المناخ ونظم الحياة بالمنطقة التي سيتم نشرها بها، حتى يتمكن العلماء من إجراء محاكاة دقيقة لما يمكن أن يتم حال تطبيق التجربة بشكل أوسع.
ومع تجاهل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاتفاقيات البيئية، وأبرزها اتفاقية باريس حول المناخ، وإعلانه انسحابها منها، لأنها لا تصب في مصلحة الولايات المتحدة على حد قوله، يجد العلماء القائمون على تلك التجربة معوقا في تنفيذ اختباراتهم، حيث إن الإدارة الأمريكية تتجاهل تلك المطالب، ولم تتلقى أي رد منها حتى الآن، للدرجة التي دفعت بعض العلماء للدعوة لإجراء تظاهرات من أجل الضغط على ترامب للاهتمام بتلك التجارب، فيقول خبير في علوم المناخ من جامعة إكسيتر، يدعى أنتوني جونز: "من الأهمية أن يأخذ صانعو السياسة الهندسة الجيولوجية الشمسية على محمل الجد ويتصرفوا بسرعة للاستفادة منها في الأغراض السلمية.
وبالرغم من ذلك، فإنه تم إجراء العديد من الأبحاث والدراسات على علم الهندسة الجيولوجية، بالمؤسسات المختصة بالمناخ، ومنها المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي (NCAR)، ومختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني (PNNL)، من أجل التقليل من تأثير الاحتباس الحراري الذي يتزايد يوما بعد يوم، والتي أوضحت أنه يمكن إطلاق جسيمات غاز ثاني أكسيد الكبريت عند خط الاستواء في الجو بدلا من الكالسيوم أو حقنها مباشرة في طبقة الستراتوسفير، باستخدام الطائرات، ولكن لا تزال التجارب قائمة عليه للتعرف على تأثيره.
التحكم في المناخ يتم بالفعل وهناك العديد من الدلائل على ذلك، ونشرت العديد من الوثائق على منظمة "جيو انجينير ووتش" المعنية بالتغيرات المناخية، توضح أن الحكومات تتلاعب بالطقس من فترة طويلة، ومن المحتمل أن يكونوا مسئولين عن تغير المناخ بشكل كبير، كما أوضحت مجلة "جيوفيزيكال ريسيرش" الأمريكية ما يمكن للهندسة الجيولوجية تحقيقه، وتمثل في إطلاق براكين صناعية أو تحفيز الطبيعية منها وتحويل الغازات السامة بالغلاف الجوي لغازات أخرى والعكس، والتسبب بإحداث أعاصير وحرائق بأماكن معينة من الأرض.
الدكتور ياسر عبد الهادي الباحث في معمل أبحاث الشمس التابع للمركز القومي للبحوث، يرى أن هناك صعوبة في تحقيق هذا الأمر وإن كان غير مستحيل، ولكن في حالة التنفيذ فإن العواقب ستكون بيئية في المقام الأول، وذلك يعني إخلالابالنظام البيئي وحدوث ما يسمى «الإزاحة المناخية»، وأضاف أن أبرز المشكلات ما سينتج من مواد سامة ستؤثر على التربة ما يستتبع ذلك من حدوث ما يشبه مجاعة في العالم، بسبب إفساد التربة التي تقوم الشمس بحمايتها في المقام الأول.
الدكتور أشرف تادرس رئيس مركز الفلك بالمعهد القومي للبحوث، يكشف أن السنوات العشر المقبلة ستشهد طفرات كبيرة في قضية المناخ وكيفية التحكم فيه، وهناك بعض الأمثلة التي تدل أننا نسير في هذا المسار مثل «الاستمطار» الذي بات يحدث في مناطق قاحلة، بجانب الصين التي أعلنت منذ أسابيع قليلة صناعة قمر صناعي يعكس ضوء الشمس لينير شوارع الصين ليلًا.
وأوضح أن أي حديث عما سيشهده العالم من قضايا التغير المناخي لا يمكن الجزم أن ذلك لا يحدث، لأنه في الحقيقة تلك الأخبار تظهر بعد إجراءات أولية يتبعها مزيد من الأبحاث التي تؤدي في النهاية إلى النتيجة، أما عن التغيرات التي قد تنتج عن ذلك فسيتم معرفتها في وقتها بل يمكن القول إن ذلك سيحدث انقلابا في النظام البيئي بالكامل.