رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية المبنى المهجور.. مأوى أهالي مرضى مستشفى الأطفال بالدمرداش (صور)

فيتو

مع غروب الشمس في كل يوم يتغير المشهد تمامًا في المنطقة المجاورة لمستشفى الأطفال بالدمرداش التابعة لكلية الطب بجامعة عين شمس. السادسة مساء تعلن انتهاء يوم العمل، وتغلق أبواب الزيارة، ويغادر معظم العمال والموظفين، ويصاحب ذلك خطوات متثاقلة لأهالي الأطفال المنومين على أسرة المرض داخل المستشفى، يجمع الأهالي متعلقاتهم ويغادرون حجرات المرضى بأجسادهم وقلوبهم تظل معلقة بفلذات أكبادهم.


الخوف والقلق يتشبث بقلوب هؤلاء الذين جاءوا من جميع النواحي على أمل أن يتم المراد ويشفى أبناءهم، وفي المساء إذا تحركت خطوات قليلة بجوار المستشفى ستصادف بعضهم افترشوا مكانًا منزويًا للمبيت بقرب الأحباب، في حين يحتمى البعض الآخر منهم داخل مبنى متهدم من بعض جوانبه بجوار المستشفى لعلهم يجدون فيما تبقى من جدران بعضًا من الدفء المفقود.

بطانية وشبشب
"بطانية وشبشب وبعض الملابس كانت كافية بالنسبة لهم"، هكذا تحدث أحد عمال المستشفى لـ"فيتو"، وأضاف -بعد أن طلب عدم ذكر اسمه-: "الناس بتيجي تبات في مبنى الإدارة الهندسية اللي جنب مستشفى أطفال الدمرداش، والمبنى معظمه متهدم ويتم تجديده، والناس اللي جاية من الصعيد أو الأرياف بتنام فيه".


مرافق واحد
"مرافق واحد مع الطفل، هو ده اللي بتسمح بيه المستشفى"، هكذا أخبرتنا الحاجة زينب التي قدمت إلى المستشفى بصحبة حفيدها، وقالت: "المستشفى سمح بوجود الأم فقط كمرافق مع الطفل". وتابعت أن سبب مجيئها المستشفى هو حدوث نزيف مفاجئ لحفيدها أحمد دون أن يعرفوا له سببًا.

مفيش فلوس

تستكمل الحاجة زينب قصتها قائلة: "دفعت فلوس أدوية كتيرة، ودخلت طوارئ واتحولت فوق لمستشفي الأطفال، ومفيش فلوس ادفعها تاني عشان أبات في فندق". 
وأصبح كل متاع الحاجة زينب في هذه الليلة الشتوية عبارة عن "بطانية وشبشب وبعض الطعام المجفف، وبعض الملابس في هذا البرد القارص". الحاجة زينب التي قدمت إلى المستشفى من بعيد - على حد وصفها- وجدت نفسها هي وابنها وحفيدتها الصغيرة يبيتون في العراء في شهر ديسمبر.

ولم يشفع لها كبر السن أو ضعف قواها في توفير مكان في أي استراحة داخل المستشفي لأن التعليمات هي التعليمات. وتعلق هي على حالها بقولها : " مقدرش امشي، دي فيها ست ساعات عقبال ما أوصل البلد، الواد ممكن يحتاج حاجة أو دواء مين هيجيبه له غيري".

ولم تكن فاطمة أفضل حالًا من الحاجة زينب، حيث قالت فاطمة: "هو دور برد قلب بحمي ونزلة رئوية وسخونية.. بنتي حياة عمرها أربع سنوات، وهي مضطرة للتواجد بالقرب منها لأن إدارة المستشفى رفضت تواجدها كمرافق مع نجلتها منعا لنقل العدوي. وتابعت فاطمة : " جيت على موعد الزيارة، غيرت لها هدومها واطمنت عليها ".

مستشفى مش فندق

من جانبه، قال مصدر مسئول بالمستشفي، إن إدارة المستشفى تسمح بمرافق واحد فقط منعا للتزاحم داخل المستشفي، وهذه لوائح وقوانين معمول بها في كافة المستشفيات منعا لانتقال العدوى، مضيفا أن وحدات الرعاية المتوسطة والمركزة تكون بدون مرافقين لخطورة الحالة الصحية للأطفال.

ومن جهته، قال الدكتور أيمن صالح مدير مستشفيات جامعة عين شمس إن المستشفيات تسمح بمرافق واحد مع الطفل وهي الأم فقط؛ لأن المستشفي لا تتسع لاستقبال الأهل والأقارب. وتابع : "دي مستشفى مش فندق"، موكدا أن دور المستشفى هو علاج الأطفال فقط ولا يوجد مستشفى في العالم تسمح بأكثر من مرافق.

وأضاف " صالح"، في تصريحات لـ " فيتو"، أن الأطفال الذين يأتون ليوم واحد لإجراء أشعة أو فحصوصات تخدمهم المستشفى وتوفر استراحة للطفل والأم، كما توفر ثلاث وجبات للأم المرافقة مع الطفل، مضيفا أن المستشفى هدمت مبني الإدارة الهندسية لإحلاله وتطوير وإنشاء مبنى جراحات الأطفال لخدمة أطفال أكثر.
الجريدة الرسمية