رئيس التحرير
عصام كامل

«أميرة».. رحلة كفاح من محو الأمية إلى التعليم العالي (فيديو)

فيتو

عاشت حياة مريرة ولم تكمل تعليمها الأساسي وتزوجت وأنجبت، لكنها لم تيأس وقررت أن تكون عضوا عاملا ونشطا في المجتمع بالعودة مرة أخرى للتعليم بعد مرور 35 عاما.


عانت أميرة حسب السيد جودة، 57 سنة، والمقيمة بمدينة جمصة في محافظة الدقهلية، من عدم استكمال تعليمها، إلى أن قررت أن تمحو أميتها، وهي في منتصف العقد الرابع من عمرها، ونجحت في أن تتحدى الصعاب إلى أن حصلت على المؤهل العالي وحازت على لقب الطالبة المثالية بالجامعة العمالية، تزامنا مع تطويرها لمهنة الخياطة وقص وتطريز الملايات وأطقم الأسرة مع زوجها الذي يعمل "قمَّاشًا"، وابنتها الطالبة بالفرقة الرابعة بكلية الصيدلة.

حرَّكتها الإعلانات التوعوية عن ضرورة محو الأمية بعد أن دمرت حياتها بالزواج المبكر، وعمرها 19 عامًا وهى راسبة بالشهادة الإعدادية لعدم تمكنها من قواعد اللغة العربية.

وقالت أميرة: "أكثر من 11 عاما كانت ظلاما وحياة بلا جدوى.. لم أجد من يعلمنى ويقف بجواري إلى أن بلغت 35 عاما وتمكنت من إقناع زوجي بأن التحق بفصول محو الأمية والتي كان الفضل في تلك المرحلة لمعلمي مربى الأجيال (جرجس) من رجال القوات المسلحة وقف بجوارى ودعمنى وعلمنى أصول اللغة العربية".

عادت "أميرة" بذاكرتها 25 عاما لتبدأ حياتها وابنتها سويا قائلة: "كنت أذهب لفصول محو الأمية ومعى ابنتي الصغيرة دنيا على يدي.. مشينا سويا مشوار العلم إلى أن أصبحت ابنتي طالبة بكلية الصيدلة ومتفوقة في مهنة القماش والتطريز لنكمل معًا رحلتى التعليم والعمل".

وتابعت أميرة: "لم تكن معاناتى مع فصول محو الأمية واجتيازها هي الوحيدة، بل امتلأت مراحل حياتى التعليمية بالمخاطر والصعوبات بسبب الروتين".

وأشارت إلى أن معلمها "جرجس" اقتصر دوره عند المرحلة الابتدائية فقد كان السند والدافع الأساسى لاجتياز تلك المرحلة لتنتقل للمرحلة الإعدادية ولم يعنيها ما كان يتردد عن كونها في سن متقدم وتصر على التعليم؛ من قبيل "بعد ما شاب راح الكتاب"، وغيرها، ولكنها حرصت على التواجد بالفصول المدرسية بين الطلاب الأصغر منها سنا بكثير.

وأكدت أميرة التحاقها بالمدرسة الفنية الصناعية "قسم ملابس" لعشقها العمل بالقماش ولرغبتها في تطوير خبراتها ومساندة زوجها.

وقالت: "كنت أواجه مشكلات بسبب الروتين.. كان من المفترض أن يتم التأمين عليّ.. طرقت أبواب المسئولين جميعا حتى حصلت على إعفاء لي وبعض زملائي، وامتحنا التيرمين في آخر العام في الصف الأول الصناعي، واجتزت المرحلة الثانوية الفنية، وكان يراودنى حب وحلم الالتحاق بالجامعة إلى أن تقدمت بالجامعة العمالية قسم ميكانيكا وروجت منتجاتى في الجامعة بين العمال والموظفين وأعضاء هيئة التدريس، وكنت حريصة على حضور المحاضرات، وحصلت على لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعة".

ووجهت أميرة رسالة للمجتمع النسائي وخاصة الأرامل والمطلقات، ومن هم متزوجون وغير متعلمين بالإسراع في تدارك الخطأ والالتحاق بفصول محو الأمية قبل فوات الأوان والندم في مشوار الحياة لتحقيق الذات، مؤكدة أن من لديه الرغبة حتما سيحقق ما يريده ويحلم به، وأشارت إلى فخرها بنفسها وزوجها وابنتها، وتسعى لأن تكون متواجدة بين الجمعيات والمجتمع المدنى لتحقيق ذاتها وإشباع احتياجاتها بالعلم الذي حصلت عليه.

وعن حياتها العملية قالت أميرة: "بعد أن حصلت على التعليم العالى بدأت في التطوير الذاتي لمهنتى ولم تتركنى ابنتى، بل فاقتنى في المهنة والتدريب وتقدمت لصندوق تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للحصول على قرض للتوسع في مجال العمل".

وتناشد "أميرة" الرئيس عبد الفتاح السيسي ومحافظ الدقهلية الدكتور كمال جاد شاروبيم بتخصيص قطعة أرض بمدينة جمصة لكي تكون مجمع مصانع وأنشطة خيرية، ومأوى للأطفال الأولى بالرعاية والأرامل والمطلقات تمكنهم من التعليم والعمل في كل المهن والأنشطة الرياضية.
الجريدة الرسمية