رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

هل عادت دمشق إلى حضن العرب؟


أصبح الرئيس السوداني "عمر البشير" أول رئيس لدولة عربية يزور دمشق منذ أن بدأت الحرب السورية قبل نحو ثماني سنوات. 

وهذه الزيارة في حد ذاتها تاريخية، فدولة السودان تعتبر دولة ذات قيادة تابعة لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي.



ومسألة القيام بمثل هذه الزيارة في ذلك التوقيت لها دلالات كثيرة.. ليست على مستوى العلاقات الثنائية بين السودان وسوريا كما أكد "بشار الأسد" أثناء وداعه للبشير قائلا: "أن الزيارة ستعطي دفعة قوية لاستعادة العلاقات بين البلدين كما كانت قبل الحرب في سوريا".. وإنما لها دلالات تتبلور في تغير الموقف التركي والقطري تجاه مسألة بقاء بشار الأسد في الحكم.

فبعد سيطرة تركيا على أجزاء مهمة من الشمال السوري، يهمها أن لا تظهر العداوة بين دمشق وأنقرة في هذا التوقيت، بسبب احتلال تركيا لأراض سورية، فاختارت تركيا وبمساعدة قطرية الرئيس "عمر البشير" لكي يقوم بهذه الزيارة، والتي ستفتح الطريق لعودة دمشق لحضن العرب.

فقد قال وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو"، في منتدى الدوحة "إن بلاده قد تتعاون مع الرئيس السوري "بشار الأسد" في حال أعيد انتخابه عبر انتخابات ديمقراطية وذات مصداقية، تجرى تحت إشراف أممي". وهذه التصريحات أطلقت في نفس يوم الزيارة أول أمس الأحد، مما يعني أن تركيا وقطر قد دفعتا "عمر البشير" للقيام بهذه الزيارة.

ويبدو في هذه الحالة أن هناك توافقا غير مقصود بين المملكة العربية السعودية ومصر من جانب وبين تركيا وقطر من جانب آخر حول توقيت الزيارة. فالانتصارات الكثيرة التي حققها الجيش السوري بمساعدة الجيش الروسي واستعادته لأكثر من 90% من الأراضي السورية جعلت مواقف العديد من الدول تتغير تجاه مسألة بقاء "بشار الأسد" في السلطة. وعلى رأس هذه الدول المملكة السعودية وقطر.

إلا أن بالتوازي مع الترتيبات التركية-القطرية لهذه الزيارة، كانت هناك إرهاصات عديدة لإتمامها، ففي أكتوبر الماضي قال "بشار الأسد" في مقابلة مع رئيس مجموعة "الدار" الكويتية للإعلام، صباح المحمد، نشرتها صحيفة "الشاهد" أن "دولًا غربيةً بدأت تخطط وتجهز لفتح سفاراتها في دمشق، وهناك وفود غربية وعربية بدأت بالقدوم لترتيب العودة"، وذلك على أكثر من صعيد.

بالإضافه أنه كشف عن تفاهم كبير بين بلاده والكثير من الدول العربية، ويؤكد أن دمشق عائدة إلى دورها العروبي المحوري الداعم لقضايا الأمة. والجدير بالذكر أن هذا الحوار الأول من نوعه منذ بدء الحرب السورية. في حين في نهاية سبتمبر الماضي وعلى هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فاجأ وزير خارجية البحرين الكل بلقاء نظيره السوري مما أعطى إنطباع بأن الدول الخليجية على استعداد لإعادة النظر في علاقاتها مع دمشق.

وبالرغم من أن زيارة "البشير" في الظاهر تفيد الموقف التركي، إلا أن يجب على الدول العربية الكبرى أن تستخدم هذه الزيارة التاريخية لإعادة سوريا للموقف العربي، إلا أن سيناريوهات عودة سوريا لجامعة الدول العربية، تقف في طريقها العديد من الصعوبات، التي تتمثل في الوجود الإيراني في سوريا وتتمثل في علاقات دمشق مع حزب الله اللبناني، أما أهم عقبة تقف أمام عودة سوريا للجامعة العربية فتتمحور في عدم جدوى وجود الجامعة العربية في الأساس.

فالجامعة العربية معطلة منذ فترة طويلة وحلت مكانها علاقات ثنائية بين الدول العربية تقودها المملكة السعودية والإمارات المتحدة. 

لكن الأمل في إقامة نظام عربي جديد موجود، خصوصا بعد المحاولات التي ترمي لعودة سوريا مرة أخرى للحضن العربي، فعودة سوريا لا يجب أن تتم في وجود جامعة الدول العربية بل يجب أن تتم وفق نظام عربي إقليمي جديد.

وهذا النظام العربي نتمنى أن يسمى "الاتحاد العربي" وليس "جامعة الدول العربية" فالأخطار التي تحيط بالوطن العربي كثيرة ويجب لمواجهتها أن يتم استحداث نظام عربي سياسي-اقتصادي-ثقافي-عسكري.
Advertisements
الجريدة الرسمية