الرئيس الطفل!
من يتابع ما يُكتب على مواقع التواصل الاجتماعى بخصوص الأحداث والاحتجاجات التي تشهدها فرنسا حاليا سوف يلاحظ أن هناك من يطلق على الرئيس "ماكرون" لقب الرئيس الطفل، ربما لصغر سنه، وربما أيضا لأن زوجته كانت مدرسته.. ولكن الملفت أكثر للانتباه أن هؤلاء كانوا من قبل يتباهون بصغر إعمار بعض المسئولين والحكام في بلاد أخرى ويشيدون بذلك ويدعوننا لمحاكاته، أي أن تحتذى بهم ونمكن الشباب من تولى مواقع المسئولية.
وهذا يعنى أن المواقف المسبقة تطغى على البعض وتجعله يناقض نفسه ويأتى بمواقف تتعارض وتتناقض مع ما سبق أن أعلن تمسكه به أو طالب به.. أو قد يعنى أن حديثهم عن تمكين الشباب هو من قبيل اللغو، ولا يعبر عن موقف حقيقى وصادق لهم.. أي إنهم يدعون ذلك، وإلا ما كانوا تهكموا على الرئيس الفرنسي وعايروه بصغر سنه!
مواقف الإنسان لا تتجزأ.. والمفترض أن هذه المواقف تتسم بالتوافق والانسجام فيما بينها، لأنها تعبر عن معتقدات ورؤى وأفكار يؤمن بها الإنسان ويترجمها في سلوكه وأعماله.. ولذلك لا يصح ولا يستقيم أن يدعو أحد لتمكين الشباب ثم ينتقد تولى شاب الحكم، حتى في دولة أخرى..
وذات الشيء ينطبق على من لا يكفون عن الحديث عن حقوق النساء، ثم لا يترجم سلوكهم ذلك عمليا، أو من يبدون التعاطف مع ذوى القدرات الخاصة، ويتعاملون معهم بطريقة تخلو من أي تعاطف، أو من يتحدثون عن حقوق المواطنة والمساواة للجميع ويخترقون عمليا هذه الحقوق.
الإنسان مواقف متسقة يترجمها سلوكه في كل الأوقات والأماكن.