درس خصوصي لوزير التربية والتعليم
نستعرض اليوم درسًا خصوصيًا للدكتور طارق شوقي - وزير التربية والتعليم -الذي طالما التفت عن أحكام القانون واللوائح، واليوم نُذكره بضرورة أن يتسم شاغلو الوظائف القيادية بحسن السمعة والسيرة المحمودة التي يفتقر إليها بعض أعوانه ممن اختارهم بنفسه أو أبقى عليهم في مناصبهم.
وحين نتحدث عن وزارة تقوم في عملها على التربية فقد صار لزامًا على متخذ القرار أن ينتقي قياداتها ممن لم يصدر بشأنهم قرارات بإحالتهم للمحاكمات أو ممن لم يصدر ضدهم أحكاما تأديبية، تجعلهم محل استهجان مرءوسيهم لا سيما أن الإصرار على اختيار قيادات دارت حولها الشبهات، وعُرف عنها انحرافها الإداري عن الطريق القويم له دلالة واضحة على أنه ليس مجرد خطأ أو سهو، بل هو اتجاه مقصود.
واليوم نؤكد للوزير أن المادة الأولى من مواد إصدار قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 تنص على أن يعمل بأحكام القانون المرافق، في شأن الخدمة المدنية وتسري أحكامه على الوظائف في الوزارات ومصالحها والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة، وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك.
كما تنص المادة 17 من القانون ذاته على أنه يكون التعيين في الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية عن طريق مسابقة يعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية أو النشر في جريدتين واسعتي الانتشار متضمنًا البيانات المتعلقة بالوظيفة، ويكون التعيين من خلال لجنة للاختيار لمدة أقصاها ثلاث سنوات، ويجوز تحديدها بحد أقصى ثلاث سنوات وبناء على تقارير تقويم الأداء، وذلك دون الإخلال بباقي الشروط اللازمة لشغل هذه الوظائف، ويشترط للتعيين في هذه الوظائف التأكد من توافر صفات النزاهة.
وتنص المادة رقم 20 من ذات القانون على أنه تنتهي مدة شغل الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بانقضاء المدة المحددة في قرار شغلها ما لم يصدر قرار بتجديدها وبانتهاء هذه المدة، يشغل الموظف وظيفة أخرى لا يقل مستواها عن مستوى الوظيفة التي كان يشغلها إذا كان من موظفي الدولة قبل شغله هذه الوظائف، كما نصت المادة 65 من القانون ذاته على أنه لا يجوز ترقية الموظف المحال إلى المحاكمة التاديبية أو الجنائية أو الموقوف عن العمل مدة الاحالة أو الوقف.
وقد تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة على أنه يتعين لصحة ترشيح لجنة الوظائف القيادية، وبالتالي صحة قرار السلطة المختصة بالتعيين أن يتوافر في المتقدم لشغل الوظيفة المعلن شروط شغلها، وهذه الشروط لا تقتصر على الشروط التي تتطلبها بطاقة وصف الوظيفة، إنما يوجد إلى جانبها ما يشترط بصفة عامة وجوب التحلي بحسن السلوك وطيب السمعة، وهذا الشرط يعد من الشروط الجوهرية بالنسبة لشغل الوظائف القيادية، ويتخلف هذا الشرط بالإحالة إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو بالوقف عن العمل.
ونعلم جميعًا أن إحالة شاغل الوظيفة القيادية للمحاكمة التاديبية أو الجنائية مما يجب النظر إليه بعين الاعتبار عند تجديد شغل تلك الوظيفة القيادية، ذلك أن الإحالة إلى المحاكمة في حد ذاتها قد تلقى ظلالا من الشك على الصلاحية للتجديد لشغل الوظيفة القيادية وبصفة خاصة حين تكون هذه الإحالة بسبب أو بمناسبة مباشرة أعمال الوظيفة القيادية، إذ يحمل ذلك في طياته عدم نجاح شاغل الوظيفة في تحقيق الإنجازات المطلوبة في الوظيفة القيادية التي يشغلها في ضوء ما سبق، وأن أورده في اقتراحاته عند تقدمه لشغل الوظيفة للمرة الأولى.
ومقتضى ذلك ولازمه أن تصبح مسألة الإحالة إلى المحاكمة في هذه الحالة عنصرًا فاصلًا في المفاضلة بين تجديد شغله للوظيفة القيادية من عدمه، إذ تتوقف هذه المفاضلة على بحث طبيعة الواقعة المحال بشأنها شاغل الوظيفة القيادية للمحاكمة التاديبية أو الجنائية، وبيان مدى ارتباطها بواجبات الوظيفة ومدى جدوى التجديد له للاستمرار في شغلها في ظل هذه الإحالة، وما إذا كان التحوط والتصون للوظيفة القيادية التي يشغلها المحال تقتضي كف يده عنها حتى تظهر الحقيقة في أمر الاتهام الموجه إليه.
ولعل هذا الدرس الخصوصي يفلح ــ رغم قسوته ــ في لفت نظر الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم ويدفعه لتحريك المياه الراكدة التي تجتذب الطفيليات التي تدمر العملية التعليمية، وأن يتحرك سريعًا لإبعاد تلك القيادات التي يتعارض وجودها مع القانون وأحكام القضاء.. وللحديث بقية.