رئيس التحرير
عصام كامل

«مصير أموال مبارك المهربة للخارج».. سويسرا ترفض تظلم الرئيس الأسبق من تجميد 750 مليون دولار.. مصر تنفق نصف مليار جنيه على تشكيل 7 لجان لاستردادها والحصيلة «صفر».. وخبير قانوني: 

الرئيس الأسبق حسنى
الرئيس الأسبق حسنى مبارك

أكثر من 7 سنوات مرت على محاولات الجانب المصري استرداد الأموال التي هربها الرئيس الأسبق حسنى مبارك ورموز نظامه إلى الخارج، والتي قدرت بنحو 750 مليون دولار، بعدما أعلنت سويسرا تجميد المبلغ، تنفيذا للاتفاقية التي وقعت عليها مع مصر عام 1992 لمكافحة الفساد، والتي تنص على أن استرداد الأموال المنهوبة يتوقف على إصدار حكم قضائي بات يثبت فساد صاحب الأموال.


بذلت مصر الكثير من الجهد لاستعادة الأموال المهربة للخارج، وشكلت ما يقرب من 7 لجان بعضها بقرارات وزارية، وأخرى شعبية، لكن الحصيلة بعد مرور 7 سنوات "صفر" رغم إنفاق ما يزيد على نصف مليار جنيه في محاولات استعادة الأموال، وفق ما كشف عنه النائب مصطفى الجندي، في طلب إحاطة لرئيس الوزراء السابق المهندس شريف إسماعيل في ديسمبر الماضي.

أول لجنة كانت "ما بعد ثورة يناير" برئاسة المستشار عاصم الجوهري رئيس جهاز الكسب غير المشروع الأسبق، و"لجنة الجنزوري" عام 2012، و"لجنة مرسي" في أغسطس 2012، و"لجنة محلب" في نوفمبر 2014، و"لجنة 2015" في يونيو من العام نفسه بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمبادرة الشعبية التي اعتمدت على اللجنة الشعبية برئاسة معتز صلاح الدين، مؤسس ورئيس حركة "صوت مصر في الخارج".

تجميد الأموال
11 نوفمبر 2011، أي بعد خلع الرئيس الأسبق مبارك بنحو 10 أشهر، أعلنت سويسرا تجميد 750 مليون دولار، من أموال مبارك ورجاله، وكذلك جمدت بريطانيا نحو 135 مليون دولار، وظلت هناك مبالغ أخرى غير معلن عنها في إسبانيا، وقبرص، وهونج كونج، وكندا، وفرنسا.

وأعلنت سويسرا وقتها أيضًا، أنها أعدت قائمة شملت 17 اسمًا من رجال مبارك ممن جمدت أموالهم في كل بنوكها، ولم يمر سوى أيام قليلة، حتى أعلنت أن القائمة ارتفعت لتشمل 31 اسمًا.

التعاون القضائي
استمرت مصر لفترة طويلة تخاطب سويسرا والاتحاد الأوروبي من أجل تجميد الأموال لحين الانتهاء من إجراء تحقيقات مع أصحابها، وتقديم الإثباتات التي تفيد بأن هذه الأموال مهربة تمهيدًا لاستردادها بحسب ما تنص عليه القوانين السويسرية.

وعقب لقاءات متبادلة بين المسئولين أثناء فترة حكم المجلس العسكري، وافقت سويسرا على التعاون مع السلطات القضائية المصرية لتسريع استعادة الأموال المجمدة.

وقف التعاون
لكن المحكمة الفيدرالية السويسرية قررت أواخر عام 2012 - عقب إقالة الرئيس الأسبق محمد مرسي للنائب العام الأسبق محمود عبد المجيد من منصبه - وقف التعاون مع السلطات المصرية، بسبب ما اعتبرته تدخلا من السلطة التنفيذية المصرية في عمل السلطة القضائية، وتوقف التعاون بين مصر وسويسرا لاستعادة الأموال المصرية.

وقال جهاز الكسب غير المشروع، في مايو عام 2012، إن الأموال المصرية المجمدة في سويسرا والخاصة بكبار مسئولي النظام السابق بلغت نحو 700 مليون فرنك سويسري، إلا أن سويسرا قالت بعدها: إن حصيلة الأموال المجمدة وصلت إلى 750 مليون دولار.

إعادة التجميد
وفي ديسمبر عام 2013، قررت سويسرا إعادة تجميد 767 مليون دولار من أموال النظام المصري السابق، لمدة 3 سنوات لتنتهي في فبراير 2017، بعدما قالت إن السلطات المصرية فشلت في الوصول إلى الملفات القانونية ذات الصلة بالإجراءات الجنائية السويسرية ضد عائلة الرئيس الأسبق حسني مبارك في ضوء عدم الاستقرار السياسي.

مخاطبات
ظلت مصر على مدى ثلاث سنوات هي "2012 و2013 و2014"، تخاطب سويسرا والاتحاد الأوروبي باستمرار تجميد الأموال لحين إجراء التحقيقات وتقديم الإثباتات التي تفيد أن هذه الأموال منهوبة تمهيدا لاستردادها بحسب ما تنص عليه القوانين السويسرية، حيث ينص القانون السويسري على ضرورة أن يتم تقديم إثبات مبني على تحقيقات قضائية، على أن الأموال الموجودة في الحسابات هي نتيجة "جرائم أموال".

وفي يونيو 2015، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بقانون يختص بإنشاء وتنظيم اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول الموجودة في الخارج برئاسة النائب العام، وكان قسم التشريع بمجلس الدولة وافق، في أوائل مايو من نفس العام، على مشروع قرار بقانون بإنشاء وتنظيم اللجنة.

وفي أواخر 2015، قررت السلطات السويسرية حفظ التحقيق في هذا الخصوص، فطعنت عليه لجنة استرداد الأموال المهربة في أغسطس 2016، وقبلت سويسرا استئناف التحقيق الداخلي.

إلغاء التجميد
وفي ديسمبر عام 2017، قرر المجلس الفيدرالي السويسري، إلغاء التجميد الإداري على الأصول المالية للرئيس الأسبق ورموزه بأثر فوري، وتمديد تجميد الأصول التونسية والأوكرانية لإتاحة الوقت لمزيد من التعاون والتحقيق.

وعن سبب إلغاء سويسرا تجميد أموال رموز مبارك، أكد الخبراء آنذاك أن السبب في ذلك هو عدم إصدار أحكام قضائية ضد هؤلاء المسئولين، وتقديم مستندات واضحة تدينهم بحصولهم على الأموال دون وجه حق أو من خلال قضايا الفساد، وعدم إطلاع سويسرا على التفاصيل الكاملة لتلك الأموال.

وكانت آخر محطات القضية حتى الآن، رفض القضاء الأوروبي تظلم الرئيس الأسبق حسني مبارك أمس بشأن تجميد أرصدته، وقالت محكمة الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج، إنها "ترفض التظلم وتؤكد قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي في 2017 و2018 بتمديد تجميد الأرصدة"، مضيفة أن قرارات التمديد تندرج في إطار سياسة دعم السلطات المصرية القائمة أساسا على أهداف ترسيخ ودعم الديمقراطية، ودولة القانون وحقوق الإنسان، ومبادئ القانون الدولي.

المصير المجهول
وعن المحطة المنتظرة لاحقا، قال أستاذ القانون الدولي نبيل أحمد حلمي: "لا شك أن محكمة الاتحاد الأوروبي سياسية أكثر منها قانونية، كما أنها تابعة للبرلمان الأوروبي ولا علاقة لها بسويسرا التي تحتفظ بالأموال أو مصر صاحبة القضية، وبالتالي ليس لها الحق أن تتحدث باسم أي من الدولتين"، مؤكدا أن الحكم الأخير اعتداء صريح على القضائين السويسري والمصري.

وأشار إلى أن من شروط استيراد الأموال المهربة إلى الخارج صدور حكم قضائي بات ضد مبارك، لكنه لا يوجد أي حكم صدر ضد مبارك في مصر، وبالتالي استيراد الأموال شيء أشبه بالمستحيل.
الجريدة الرسمية