مصريون في القارة السمراء
منتدى أفريقيا واحد من الأفكار النبيلة التي كان لزامًا علينا أن نتحرك فيها منذ سنوات طويلة عندما أغفل نظام مبارك هذا الامتداد الحيوي واتجه صوب ضفة المتوسط وعاش أسيرا للنموذج الأمريكي.. أفريقيا هي مستقبل الاقتصاد العالمي والدليل على ذلك هذا الصراع الذي تقوم به جميع القوى العظمى في دول أفريقيا كافة.. هناك صراع أوروبي صيني أمريكي دون إغفال الدور الهندي.. العالم كله يتجه صوب الأرض العذراء.
الأفارقة أنفسهم يدركون حجم هذا الصراع بعد أن ظهرت على السطح تجارب تنموية واعدة في ظل استقرار سياسي بدأت تشهده عدة دول بعد أن آمنت بالتداول السلمي للسلطة، وباتت الانتخابات وصناديق الاقتراع هي المحك بعد عصور من الانقلابات العسكرية.. عدد كبير من الدول الأفريقية بات على المحك من تجارب تنموية قدمت نماذج مبهرة في رواندا وجنوب أفريقيا ونيجيريا وغانا وغيرها من دول الاقتصاد الواعد في القارة السمراء.
بعد عدة زيارات آخرها إلى دولة غانا رأيت بأم عيني عددًا من التجارب الواعدة، على رأسها تجربة غانا، التي يقدم فيها المصريون واحدة من تجاربنا الناضجة بالاستثمار في عدد من المجالات الحيوية التي تحظى بدعم أحزاب الحكم والمعارضة، على رأسهم رجل الأعمال المصري محمد السويدي.
قال لي الدكتور سعيد دراز - أحد أهم المستثمرين المصريين في غانا بعدد من المشروعات القومية في مجالات الصحة وتصفية الذهب إضافة إلى مشروع زراعي واعد تهتم به النخبة الغانية-: الحصول على تراخيص الشركات هنا تجري جميع إجراءاته في ثلاثة أيام، ويمكنك استلام الأرض خلال عشرة أيام ومن ثم البدء في العمل الفوري مع دعم كامل من جميع أجهزة الدولة.
وأضاف: الصينيون يعملون هنا بكثافة وهمة ضمن مشروع صيني كبير يتضمن زرع أفريقيا بعدد كبير من سكان الصين وفق أجندة مشروعات صينية مهمة والأوروبيون أيضًا يتمددون بشكل متسارع.. الصراع على أفريقيا بدأ منذ زمن طويل، والمصريون يتواجدون بشكل فردي ويقومون بأعمال مهمة في مجالات الزراعة والصناعة والمشاركة في عدد من المشروعات القومية في مجالات الصحة والتعليم وغيرها.
طارق عثمان شاب مصري جاء إلى غانا منذ عام ونصف العام، وقرر الاستثمار في المجال الزراعي وتسلم أرضه بعد أيام قليلة من الحصول على التراخيص اللازمة.. بدأ طارق مشروعه الزراعي وقرر إنشاء مزرعة نموذجية للأرز، وبدأ بالفعل في حصاد أول إنتاج له منذ أيام ومن المقرر أن يبدأ مشروعه الأكبر في الموسم الجديد لينضم إلى قافلة من شباب المصريين قرروا العمل في مجال زراعة الأرز.
إبراهيم حسبو واحد من شباب المصريين الذين قرروا العمل في مجال الاستثمار الزراعي، منطلقًا إلى منطقة تمالى شمال البلاد وحصل مع عدد من زملائه على ٥٠ ألف فدان، وبدأوا نموذجًا تنمويًّا مدهشًا بالعمل مع السكان المحليين في إنشاء قرى بديلة لهم والاعتماد على شبابهم في خلق نموذج زراعي حديث، وقد بدأت مزرعتهم النموذجية في إنتاج بوادر محصول الأرز لهذا العام مع التوسع في مزارع ملحقة تمتد على مساحة أكثر من عشرين قرية.
عماد دراز.. شاب مصري قرر الانتقال إلى غانا والعمل هناك كعضو مجلس إدارة بمجموعة إيروجيت التي تستثمر في مجال تصفية الذهب بعد أن أنشأت ثاني أكبر مصفاة للذهب بأفريقيا بطاقة إنتاجية تصل إلى ١٨٠ طن ذهب في العام، كما يشرف "عماد" على مشروع زراعي واحد على مقربة من العاصمة الغانية أكرا بمنطقة فولتا.. يرى "عماد" أن فرص الاستثمار بغانا واعدة وأن القوانين تتضمن حوافز استثمارية مهمة مع التزام الدولة بجميع تعاقداتها ودعم البرلمان والأحزاب لكل من يعمل على الأرض الغانية؛ ملتزمًا بالقوانين والتعليمات الصادرة عن الجهات الحكومية.
محمد القليوبي مستثمر شاب مصري يعمل في عدد من مجالات التصدير والاستيراد، وأيضًا يعمل بالمجال الزراعي.. قرر القليوبي إنشاء مصنع للأدوية النباتية والبيطرية، ليكون أول مصنع في هذا المجال استجابة لحاجة السوق الغاني المتعطش لهذا النوع من الصناعة، إضافة إلى عمله في مجال استيراد المعدات الطبية، مع توقيعه على عقد صيانة أجهزة المستشفيات الحكومية مؤخرًا بعد أن قدم عرضًا نموذجيًّا لوزارة الصحة الغانية.