«الشمس».. فرقة مسرحية تنير حياة ذوي القدرات الخاصة (صور)
رحمة ممدوح.. فتاة جميلة، لم يتخطَ عمرها الخمسة عشر عامًا، مصابة بمرض التوحد، إذا نظرت لها تشعر كأنها تعيش في عالم آخر غير الذي نعيشه، تجري وتنطلق في الأرجاء، تغنى بصوت عالٍ كل ما يحلو لها من أغنيات، تدندن "أيوة أقدر اعمل اللى قالوا عنه مستحيل"، وكأنها لا ترى أحدًا، غير عابئة بشيء، تمامًا كفراشة تتنقل بين الورود بخفة، لا تتحدث كثيرًا، وقد تتعثر في كلماتها عند محادثتها، ولكنك إذا رأيتها على خشبة المسرح بالتأكيد ستُصاب بالدهشة، وقد تتشكك للحظة أنها الشخص ذاته الذي رأيته من قبل، وكأنما الخشبة بها سحر ما، فتردد حوار العرض المسرحي كاملًا دون أي خطأ أو تلعثم، تقوله بأريحية وبكل ثقة، بل وتصدح بالغناء وترقص مع الممثلين وكأنما تمتلك الدنيا بما فيها، تتحرك هنا وهناك دون أي خطأ غير عابئة بالعشرات الذين يصطفون أمامها فوق كراسي المسرح.
رحمة ممدوح.. فنانة مسرحية مصابة بالتوحد
الخشبة التي تقف عليها رحمة لتتألق وتُطلق مواهبها الفنية، قد تكون خشبة مسرح فرقة الشمس بالحديقة الدولية بمدينة نصر، أو مسارح عدة تتجول الفرقة بينها على امتداد محافظات مصر، ولكنَّ الأكيد أنه مهما اختلفت خشبة المسرح، فإنَّ رحمة تقف بثقة بين عدد من الممثلين مثل إيناس نور ووائل أبو السعود وماهر محمود ويوسف أبو زيد، لأداء دورها "شمس"، البطلة في عرض "الحكاية روح" من تأليف مصطفى زيكو، وإخراج محمد متولي.
ويدور العرض حول سيرة مبدعين تمكنوا من تخطي صعاب الإعاقة ليحققوا نجاحات وإنجازات، مثل طه حسين وسيد مكاوي وعمار الشريعي، ويُعد هذا العرض هو ثاني عروض فرقة الشمس التي تُعد رحمة أحد أعضائها، والتي صدر قرار بإنشائها في مارس الماضي كمبادرة من وزارة الثقافة ممثلة في البيت الفني للمسرح لتكون أول فرقة مسرحية لذوي القدرات الخاصة، وبمثابة خطوة حقيقية لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة طبيعية في المجتمع من خلال الأعمال الفنية.
وبالفعل أصبحت في فترة قصيرة مركزًا لتأهيل ذوي القدرات الخاصة، فهم يشكلون قلب وروح هذه الفرقة، وبفضل ما يقومون به من أنشطة فنية من خلال الفرقة تطورت حالات عدد كثير منهم.
ويدور العرض حول سيرة مبدعين تمكنوا من تخطي صعاب الإعاقة ليحققوا نجاحات وإنجازات، مثل طه حسين وسيد مكاوي وعمار الشريعي، ويُعد هذا العرض هو ثاني عروض فرقة الشمس التي تُعد رحمة أحد أعضائها، والتي صدر قرار بإنشائها في مارس الماضي كمبادرة من وزارة الثقافة ممثلة في البيت الفني للمسرح لتكون أول فرقة مسرحية لذوي القدرات الخاصة، وبمثابة خطوة حقيقية لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة طبيعية في المجتمع من خلال الأعمال الفنية.
وبالفعل أصبحت في فترة قصيرة مركزًا لتأهيل ذوي القدرات الخاصة، فهم يشكلون قلب وروح هذه الفرقة، وبفضل ما يقومون به من أنشطة فنية من خلال الفرقة تطورت حالات عدد كثير منهم.
ذوو القدرات الخاصة.. قلب وروح فرقة الشمس
وكغيرها من أبطال الإرادة، لم تكن "رحمة" قبل انضمامها لفرقة الشمس المسرحية، على هذا الحال، هكذا تؤكد والدتها، التي سارت مع ابنتها مشوارًا طويلًا حتى وصلت إلى الحال الذي أصبحت عليه الآن، والتي تحكي عن نتيجته، قائلة: "احنا كنا فين وبقينا فين، بنتي فضلت لحد عمر الست سنين ما كانتش بتتكلم خالص، كنت ممكن ألاقيها طالعة على الحيطة، أو لو غفلت عنها شوية ألاقيها ماسكة فرخة نية وهتاكلها، لكن دلوقتى أنا كأم سعيدة بكل اللى بنتى وصلت ليه حاسة إني ما تعبتش، ولا جه عليَّا وقت وسهرت طول الليل أو اترعبت من الخوف عليها بسبب ضعف إدراكها وعدم قدرتها على الكلام".
رحمة على خشبة المسرح
وتستكمل الأم بصوت مختنق بالدموع: "فرقة الشمس ضافت لها كتير بدمجها مع الناس، بنتى دلوقتي بقت بتقف على المسرح ومش بتخاف، حابة أوى الجمهور، وحفظت دورها كله في 3 أيام وحفظت كمان أدوار الممثلين، ولو واحد قال جملة غير اللى المفروض يقولها تبصله، لأنها بتكون عارفة إمتى كل ممثل هيقف وإمتى هيكمل وإمتى غير النص، وبدأت مع الوقت تدخل إفيهات كمان على حوارها ودي حاجة جديدة، أنا فخورة بيها لما بشوفها على المسرح بتغنى وبتمثل، كنت دايمًا ببقى خايفة عليها لو جرالى حاجة.. بس دلوقتي لقيت الناس كلها حباها وبتسأل عليها، وده بيخليني دايمًا أقول: ربنا كبير أوي".
رحمة ترقص وتغنى مع الممثلين
بفضل فرقة الشمس، أصبحت رحمة الآن ممثلة مسرح محترفة وليست مجرد هاوية، فقد قامت بتوقيع عقد، وتحصل على أجر كامل، نظير ما تقدمه من جهود في العروض المسرحية التي تشارك فيها، وتعلق والدتها على هذا الأمر قائلة: "أنا كنت على استعداد إني أديهم فلوس نظير إن بنتي تندمج في المجتمع، بس دلوقتي رحمة بقت حاجة تانية".
وتؤكد الأم أنه بالرغم من نجاحها المهني فإنها متفوقة أيضًا في الدراسة؛ فهي الآن في الصف الأول الثانوي، وتتمنى الأم لابنتها، أن تلتحق بمعهد الموسيقى العربية، وأن تصبح معيدة به: "هي بتعشق الموسيقى والغنا من صغرها، ونفسي تكمل نجاح فيهم بناء على دراسة، والسنة دى المعهد سمح بدخول اتنين من ذوى القدرات الخاصة، وإن شاء الله رحمة لما تخلص ثانوية تدخله هو أو كلية التربية الموسيقية".
رحمة تُحيي جمهورها
وتؤكد الأم أنه بالرغم من نجاحها المهني فإنها متفوقة أيضًا في الدراسة؛ فهي الآن في الصف الأول الثانوي، وتتمنى الأم لابنتها، أن تلتحق بمعهد الموسيقى العربية، وأن تصبح معيدة به: "هي بتعشق الموسيقى والغنا من صغرها، ونفسي تكمل نجاح فيهم بناء على دراسة، والسنة دى المعهد سمح بدخول اتنين من ذوى القدرات الخاصة، وإن شاء الله رحمة لما تخلص ثانوية تدخله هو أو كلية التربية الموسيقية".
رحمة تُحيي جمهورها
وكما أن وراء نجاح رحمة، جنديًّا مجهولًا وهو الأم، فوراء نجاح فرقة الشمس جندي مجهول أيضًا، وهي الفنانة وفاء الحكيم، مديرة الفرقة، التي تم تكليفها للقيام بهذا العمل من قبل الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة.
ولم تكن فرقة الشمس هي أول تعاملات الفنانة مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فأول مسرحية قامت بتأليفها كانت تدور حول ثلاثة من المكفوفين، وقامت أيضًا هي بالحصول على دورة تدريبية في لغة الصم والبكم، بالإضافة إلى حصولها على عدد من الدبلومات في كيفية التعامل معهم.
وعن فرقة الشمس تقول وفاء الحكيم: "احنا بنسعى من خلال فرقتنا أن يكون في حالة دمج لذوى القدرات الخاصة، إن الناس تحس إنهم طبيعيين، وإنهم ممكن يعاملوهم، لأنهم لازم ينزلوا الشارع والناس ما تبصش ليهم من فوق لتحت ولا تخاف منهم، وتعاملهم على أنهم بنى آدمين طبيعيين، هما مش محتاجين نساعدهم هم محتاجين نمهد لهم الطريق، وده اللى بنحاول نعمله عندنا، وعشان كدة أهلنا مسرحنا لأنه يكون مناسب لكل أنواع الإعاقات، فيه رامبات وسماعات وكل السبل المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، وفيه كمان مترجمي إشارة".
ولم تكن فرقة الشمس هي أول تعاملات الفنانة مع ذوي الاحتياجات الخاصة، فأول مسرحية قامت بتأليفها كانت تدور حول ثلاثة من المكفوفين، وقامت أيضًا هي بالحصول على دورة تدريبية في لغة الصم والبكم، بالإضافة إلى حصولها على عدد من الدبلومات في كيفية التعامل معهم.
وعن فرقة الشمس تقول وفاء الحكيم: "احنا بنسعى من خلال فرقتنا أن يكون في حالة دمج لذوى القدرات الخاصة، إن الناس تحس إنهم طبيعيين، وإنهم ممكن يعاملوهم، لأنهم لازم ينزلوا الشارع والناس ما تبصش ليهم من فوق لتحت ولا تخاف منهم، وتعاملهم على أنهم بنى آدمين طبيعيين، هما مش محتاجين نساعدهم هم محتاجين نمهد لهم الطريق، وده اللى بنحاول نعمله عندنا، وعشان كدة أهلنا مسرحنا لأنه يكون مناسب لكل أنواع الإعاقات، فيه رامبات وسماعات وكل السبل المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، وفيه كمان مترجمي إشارة".
الفنانة وفاء الحكيم وسط أعضاء "فرقة الشمس"
وتستكمل: "الفرقة فيها كل أنواع الإعاقات، سواء صم وبكم أو توحد أو داون أو شلل دماغي أو صعوبات تعلم أو حتى الإعاقات نتيجة الحوادث وغيرها وغيرها، بالإضافة إلى بعض الأعضاء ممن ليسوا من ذوي الاحتياجات الخاصة، يعني مثلًا عرض الحكاية روح اللي بتقدمه الفرقة حاليًا بيشارك فيه 27 فنانًا، الثلثين من ذوي الاحتياجات الخاصة".
"الشمس" تضم كل أنواع الإعاقات
كان العمل في فرقة الشمس بالنسبة لـ "وفاء الحكيم" في البداية مسئولية ثم تحول إلى اهتمام وحب، وعن ذلك تقول: "أنا باشتغل معاهم بكل الحب وبكل طاقة وناسية نفسي خالص، والفرقة بتحاول تضع ذوي الاحتياجات الخاصة على عتبة المهنية، وبتستهدف إنهم يمتهنوا الفنون زي الرسم والتمثيل والغناء"، ويتم ذلك عن طريق توقيع عقود مع من يتم اختيارهم بعد النجاح في اجتياز عدد من الورش الفنية، وعن السر وراء هذا الهدف تؤكد وفاء: "لأن كتير بيعتبروهم عالة، عشان كده إحنا عايزينهم لما يسيبوا المسرح يكونوا بيتطلبوا في كل حتة ويشتغلوا ويعيلوا أهلهم".
الاحتراف ووضع ذوي القدرات الخاصة على طريق المهنية.. هدف فرقة الشمس
الاحتراف ووضع ذوي القدرات الخاصة على طريق المهنية.. هدف فرقة الشمس
وإلى جانب الدور الإداري الناجح للفنانة وفاء الحكيم، فإن للفنانين المشاركين في العروض المسرحية إلى جانب الأبطال من ذوي القدرات الخاصة، دورًا كبيرًا في نجاح العروض والفرقة على حد سواء، وعلى رأسهم الفنان وائل أبو السعود الذي شارك في العرضين اللذين قدمتهما الفرقة حتى اليوم، وهما "أنتيكا" و"الحكاية روح".
وعن الفرقة يقول وائل: "الشمس مش بس فرقة متخصصة في المسرح، هي معنية بالفنون بصفة عامة لذوى القدرات الخاصة، وتتضمن ورش فنية تانية زي الرسم اللى قائم عليها الفنان شادى قطامش والموسيقى".
وعن الفرقة يقول وائل: "الشمس مش بس فرقة متخصصة في المسرح، هي معنية بالفنون بصفة عامة لذوى القدرات الخاصة، وتتضمن ورش فنية تانية زي الرسم اللى قائم عليها الفنان شادى قطامش والموسيقى".
ويؤكد أن هذه الفرقة تحمل رسالة عظيمة ولها دور في تحسن حالة كثير من أعضائها.
الفنان وائل أبو السعود في عرض "الحكاية روح"
وعن سر التحاقه بـ"الشمس"، يوضح وائل: "أنا موظف في البيت الفنى للمسرح، ربنا كرمنى ببتر في القدم بسبب مرض السكر، فأُحسب شئت أم أبيت على ذوي الاحتياجات الخاصة، والمسألة إنى جالي دور المسحراتي.. اتعرض عليَّا في عرض أنتيكا، عجبني جيت عملته".
ولكن الأمر، لم يتوقف عند هذا الحد، بل تعلق وائل بالأطفال من ذوى القدرات الخاصة وبقلوبهم النقية وبإحساسهم البكر، فيقول عنهم: "لو أي حد جه هيحب المكان جدا وهيحب التعامل معاهم لأن قلوبهم صافية وابتسامتهم تدخل القلب وبيوحشونى جدًا لما بنوقف عرض كام يوم".
وائل أبو السعود مع إيناس وماهر ورحمة
يؤمن "وائل" بأن الدمج أثر بصورة إيجابية على حالة الأطفال المشاركين في الفرقة، وعن هذا يوضح: "الدمج فرق مع الأولاد جدا، على الأقل فهموا يعنى إيه مسرح، خاصة إننا مش بنتعامل معاهم على أنهم معاقين، مش بنطبطب، بالعكس بنتعامل معاهم بشكل جاد وكأنهم أسوياء تمامًا، يعني لازم يلتزموا بمواعيد البروفة وما يتأخروش عنها، كمان في حالات كتير كانت مش بتنطق، مش من الصم والبكم، لا لأسباب أخرى، لكن بفضل الله ثم الدمج اللى حصل في فرقة الشمس في حالات منهم نطقت بالفعل".
يحكي "وائل" عن مزيد من المواقف التي تؤكد أن الدمج يؤتى بثماره: "في عرض أنتيكا كان فيه 18 من الصم والبكم مشاركين في المسرحية برقصة تحطيب كانوا بيرقصوها وهما مش سامعين الموسيقي، ولما الناس كانت بتعرف إنهم صم وبكم وبيرقصوا على المزيكا من غير ما يسمعوها وإنهم اتدربوا على الحركة في دماغهم وبيعدوا مع نفسهم بمنتهى الإتقان كانوا بينبهروا".
ويؤكد "وائل" أن البيت الفنى للمسرح أثبت بالفعل من خلال فرقة الشمس نجاح تجربة دمج ذوي القدرات الخاصة في المجتمع، ويتمنى من كل قلبه أن تتسع مجالات دمجهم على كل المستويات والمجالات الأخرى، وأن يحتضنهم المجتمع.
يحكي "وائل" عن مزيد من المواقف التي تؤكد أن الدمج يؤتى بثماره: "في عرض أنتيكا كان فيه 18 من الصم والبكم مشاركين في المسرحية برقصة تحطيب كانوا بيرقصوها وهما مش سامعين الموسيقي، ولما الناس كانت بتعرف إنهم صم وبكم وبيرقصوا على المزيكا من غير ما يسمعوها وإنهم اتدربوا على الحركة في دماغهم وبيعدوا مع نفسهم بمنتهى الإتقان كانوا بينبهروا".
ويؤكد "وائل" أن البيت الفنى للمسرح أثبت بالفعل من خلال فرقة الشمس نجاح تجربة دمج ذوي القدرات الخاصة في المجتمع، ويتمنى من كل قلبه أن تتسع مجالات دمجهم على كل المستويات والمجالات الأخرى، وأن يحتضنهم المجتمع.
الدمج أثر بالإيجاب على الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة