رئيس التحرير
عصام كامل

مريم وجيه «فتاة من ذهب».. قهرت «متلازمة داون» بالسباحة والفن التشكيلي (فيديو وصور)

فيتو

بين الوجع والفرحة انتظرت «هناء أمين» طفلتها الأولى «مريم».. كانت تتشوق لرؤيتها بعد أن وضعتها عام ١٩٩٩، ولكن لظروف الطفلة والأم الصحية لم تتمكن «هناء» أن تُقر عينيها بالنظر لطفلتها إلا بعد ٤٠ يوميا من ولادتها، بسبب إصابة الصغيرة بالتهاب رئوي حاد جعلها بين الحياة والموت.
 


قرر الطبيب أن يصارح الأم والأب أخيرا بحقيقة حالة الطفلة بعد ٤٠ يوما من عمرها، ليخبرهما أنها من المصابين بـ«متلازمة داون». 

وقعت كلمات الطبيب المعالج على الأم والأب كصاعقة، لتدخل الأم في حالة من الصدمة وعدم الاستيعاب لما يحدث، وبدأت تسأل نفسها «كيف ستتعامل معها؟ كيف ستخرج بها وتواجه المجتمع؟» أسئلة عدة بدأت تدور بأذهان الأم في ظل مجتمع لا يرحم أحدا بكلامه وتعليقاته.
 


ومتلازمة داون هي عبارة عن اضطراب وراثى يسبب انقسام غير طبيعى في الخلايا، ما يؤدى إلى زيادة النسخ الكلى أو الجزئى في الكروموسوم 21، وتسبب هذه المادة الوراثية الزائدة تغيرات في النمو والملامح الجسدية. 

ورغم كل ذلك، قررت «هناء» أن تتعامل بفطرة الأم مع طفلتها الأولى، وأن تتحدى المجتمع منذ ٢٠ عاما وتقدم الدعم والعون لابنتها الصغيرة للتأقلم مع العالم الخارجي: «الرحلة بدأت مع مريم منذ صغرها، قررنا أنا ووالدها الاهتمام بها وإلحاقها بمراكز تعليم مهارات تخاطب وتنمية قدراتها في مجالات مختلفة، وممارسة الرياضات المختلفة».
 


رفضت معظم المدارس قبول «مريم» بسبب حالتها: «قررنا أن نلحقها بإحدى المدارس لبدء مشوارها التعليمي، ولكن دا كان صعب في البداية؛ لأن معظم المدارس رفضت قبول مريم لحالتها الخاصة». 

لم يستسلم الوالدان وبدآ في البحث عن مدرسة حكومية أو خاصة تقبل طفلتهما: «لفينا كتير على مدارس خاصة وحكومية حتى نعثر على مدرسة تقبل مريم، حتى وجدنا مدرسة حكومية تعاني من ضعف مستواها قررت قبولها».
 


حاولت الأم التعرف على ماهية المرض الذي تعاني منه صغيرتها، لمعرفة كيفية التعامل معها وتنمية مهارتها: «بدأت اقرأ عن كل ما يخص متلازمة داون، وتعرفت على مراكز متخصصة بتنمية المهارات الخاصة لهذه الفئة لترتقي بقدراتهم وبالفعل اتجهت إلى مراكز بها تمكين أسري وتخاطب، بجانب متابعتها تعليميا». 
 


والد مريم كشف عن أصعب موقف واجهه مع ابنته بعد التحاقها بالمدرسة: «في أحد الأيام تعرضت مريم للتنمر من قبل زملائها بالفصل، وروحت المدرسة لقيت مريم بتعيط وبتصرخ ومضروبة وشعرها متقطع فأصابني الذهول من هول الموقف، وقررت نقلها من هذه المدرسة».
 


كافأ الله الوالدين على تعبهما وصبرهما، فتقول الأم: «بدأت نسبة ذكاء مريم تصل لمستويات متقدمة حتى وصلت للصف السادس الابتدائى، ثم التحقت بمدرسة التربية الفكرية بمدينة نصر، بجانب دراستها في أكاديمية الفنون تخصص باليه». 

استطاعت مريم وجيه، صاحبة الـ20 عاما، أن تسطر اسمها بحروف من ذهب في تاريخ بطولات السباحة، توضح الأم: «مريم بطلة رياضية في السباحة حصلت على 50 ميدالية ذهبية وفضية وبرونزية، وهي بطلة لسنة 2014 أولمبياد خاصة، وكُرمت من وزير الشباب والرياضة ووزيرة التضامن الاجتماعى ووزير البيئة وتم تكريمها من مدرستها الدلاسال على أنها من رواد المدرسة كما كُرمت في الملتقى الدولي في الفنون العام الماضي في دورته الثانية تحت رعاية رئيس الجمهورية، وبقيادة سهير عبد القادر رئيسة مهرجان ملتقى أولادنا، بجانب اهتمامها بالفن التشكيلي». 
 

 


في أحد الأيام وأثناء مشاركة مريم في الملتقى الدولي للفنون، حازت لوحاتها على إعجاب الدكتور أشرف رضا، وكيل كلية الفنون الجميلة جامعة حلوان، والذي قدم لها منحة دراسية في القسم الحر بالكلية، لتقديم الدعم الأكاديمي لها وتحقيق حلمها وحلم والدتها في استكمال الدراسة وصولا للجامعة. 

الدكتور أشرف رضا يقول عنها: «مريم طالبة موهوبة جدا وتحتاج إلى دعم من الجميع، فقد استطاعت إبهاري وإبهار الجميع بمسابقة الفنون لذلك قدمنا منحة لها بالكلية حتى تستطيع أن تثقل موهبتها أكاديميا، وأنا أرى لها مستقبلا واعدا بالفن التشكيلي». 
 


أما الدكتور محمد عيد، المدرس المساعد بقسم الجرافيك بكلية الفنون، فتحدث عن مريم قائلا: «إنها من الفنانات الواعدات بالقسم، فهي استطاعت أن تجذبني باهتمامها وتركيزها، وهي قادرة عن التقاط أدق التفاصيل بشكل أسرع، كما أن لديها طاقة تعبيرية فائقة».

الجريدة الرسمية