موجة غلاء جديدة مع تحرير الدولار الجمركي!
قررت الحكومة ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزي تحرير سعر الدولار الجمركي على بعض السلع، وكان محددا بقيمة 16 جنيها على كل السلع؛ لتطلقه الحكومة وتحرره بحيث يتفق سعر الدولار الجمركي مع الدولار في أي بنك وفق السعر الحر المعلن من البنك المركزي..
أوضح المركز الإعلامي لمجلس الوزراء في تقرير توضيح الحقائق أن المنتجات المستوردة غير التامة الصنع ستتم محاسبتها بسعر الدولار الجمركي 16 جنيها، ومنها التبغ الذي تستخدمه الشركة الشرقية للدخان، وسوف تستمر محاسبته بنفس السعر السابق، أما المنتجات التامة الصنع، مثل السجائر المستوردة والسيجار وأي منتجات أخرى تامة الصنع والتي تباع مباشرة للمستهلك، مثل السلع الاستفزازية كالكافيار، والجمبري، والإستاكوزا، وأسماك الزينة، والببغاوات، والخمور، وأغذية الكلاب والقطط، وأدوات التجميل وغيرها، فهي التي ستخضع لسعر الدولار بالبنك المركزي.
بالإضافة إلى بعض السلع مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسب الآلي بأنواعها، إلى جانب الواردات التي لها مثيل محلي، مثل بعض أنواع الأحذية والأثاث وغيرها حماية للصناعة المحلية. وكذلك بعض الواردات الأخرى، مثل سيارات الركوب الخاصة والموتوسيكلات، وبدأ تنفيذ القرار من 1 ديسمبر حتى يوم 31 ديسمبر الجاري.
ذكر وزير المالية أن هذا القرار لم يتخذ بتوصية وتوجيهات من صندوق النقد الدولي- كما قيل - تمهيدًا للحصول على شريحة جديدة من القرض بواقع 2 مليار دولار، وإنما كان ذلك القرار مصريا خالصا بما يخدم الصالح العام حيث إن الحكومة تسعى إلى خفض العجز الكلي للموازنة خلال (2020/2021) إلى أقل من 5%، مقابل 7% في البيان المالي الجديد للعام المالي المقبل (2019/2020)، بينما تستهدف العجز الكلى خلال العام الحالي (2018/2019).
كما ذكر وزير المالية، أن القرار يستهدف في الأساس حماية الصناعة المحلية والمنافسة الحقيقية، فيجب أن يكون لدينا هذه الصناعات في مصر خاصة أن لدينا الكفاءات والكوادر المؤهلة للقيام بذلك.
كل ذلك هدف نبيل وطيب، وقد طالبنا به أكثر من مرة، لكن هذا الأمر - أي تحرير سعر صرف الدولار الجمركي على بعض السلع- له سلبياته في هذه الفترة التي تعاني مصر فيها من ارتفاع الأسعار بعد تحرير سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الطاقة وكافة السلع، مع بقاء الوضع المالي لأغلب المصريين كما هو دون زيادة تواجه غلاء الأسعار..
فهذا القرار بالطبع سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات كلها مرة ثانية أو ثالثة إلخ، وليس المقصودة فقط، فالأسعار مثل الأواني المستطرقة إذا بدأت بسلعة انتشرت في كل السلع بلا استثناء، ومع بداية موجة الغلاء في السلع المستهدفة بالقرار مثل السيارات التي بدأت زيادتها حيث تراوحت الزيادة المفاجئة بين 3 و6 آلاف جنيه.
كما لم تسلم الأدوات المنزلية من تبعات قرار المالية، حيث إن أسعار الأدوات والأجهزة المنزلية ارتفعت بنسبة 15%، عقب إعلان وزارة المالية رفع سعر الدولار الجمركي على بعض السلع غير الأساسية والترفيهية. وهذا القطاع يعاني من الأساس ركودا كبيرا وبعد زيادة الأسعار الأخيرة سيصبح الأمر أكثر سوءًا.
فمع بداية موجة الغلاء في السلع السابقة نتيجة لتحرير الدولار الجمركي سيحدث ارتباك بالأسواق ويؤدي إلى مزيد من الركود السلعي، وسيرفع من أسعار التكلفة بالنسبة للسلع كلها وليس المعنية بالارتفاع فقط بأسعار تتراوح بين 15 و20% في المتوسط وكل هذا سيزيد من مأساة المواطنين ومعاناتهم من زيادة جديدة مخيفة في الأسعار، فمثل هذا القرار جيد ولكن كالعادة توقيته غير جيد..
فكان من الأولى الانتظار حتى تبدأ الدولة في جني ثمار تطور الاقتصاد خاصة ذلك الاقتصاد الريعي من خلال الغاز والسياحة، ثم بعد ذلك تتخذ مثل هذا القرار. وبالطبع فإن أبرز السلع المرشحة لارتفاع أسعارها الأحذية والملابس وسيارات الركوب الخاصة والموتوسيكلات والتكاتك وأدوات التجميل والأجهزة الكهربائية مثل الثلاجات والمراوح والسيجار والتبغ ومنتجات الأثاث.
وقد توقع مستوردون أن تشهد أسعار السلع المستوردة التي شملها القرار ارتفاعات تصل إلى أكثر من 15% تأثرًا بزيادة سعر الدولار الجمركي، كما توقعوا أن تلحق الزيادات في الأسعار سلعا أخرى غير مدرجة في القائمة الحديثة لوزارة المالية ومصلحة الجمارك وكل هذا سيعاني منه المواطن المصري البسيط.