رئيس التحرير
عصام كامل

طفلة مصابة بـ«التوحد» تقود مهمة لإنقاذ العالم.. «جريتا ثونبرج» دخلت في إضراب مفتوح ضد قادة الدول الكبرى اعتراضا على تحكم الرأسمالية في المناخ.. وتطبيق فكرتها في 270 مدرسة في مختلف

فيتو

فتاة صغيرة في الخامسة عشر من عمرها، تحولت بين ليلة وضحاها إلى زعيمة تشبه «جيفارا» أو «مانديلا»، تدافع عن جيلها خشية تعرضه لمستقبل قاتم، بسبب تحكم الرأسمالية المتوحشة في المناخ، الأمر الذي دفعها إلى انتقاد قادة العالم ووصفهم بالأطفال، معلنة دخولها في إضراب دراسي بهدف سماع صوتها، تحرك معها أبناء جيلها في مدن وعواصم عدة حتى باتت أيقونة لزعيمة عالمية جديدة يعرفها الجميع، ويجهلها العرب.


«جريتا ثونبرج»، ناشطة مناخية سويدية، من مواليد يناير 2003، تبلغ من العمر15 عامًا، ابنة الفنان السويدي سافنتي ثونبرج والمغنية الأوبرالية مالينا إرنيمان، ذاع صيتها في الأشهر الأخيرة، بعد أن قادت مظاهرة فردية ضد قادة العالم، اعتراضًا على أزمة المناخ والمطالبة بتغيير السياسة العالمية.

في أغسطس الماضي، قررت الفتاة السويدية الإضراب عن الدراسة بمفردها أمام مبنى البرلمان لتلفت أنظار العالم، وجعل السياسيين يهتمون بالحقائق حول قضية المناخ، ولمدة أسبوعين كانت تجلس على حجارة عالية خارج مبنى البرلمان وسط "ستوكهولم"، وتوزع منشورات تقول فيها: "أنا أفعل ذلك لأنكم لا تهتمون لمستقبلي".

التوحد

بالرغم من صغر سنها وإصابتها بمتلازمة «اسبرجر» المعروفة بـ«التوحد»، فإنها استطاعت أن تجمع أكثر من 120 ألف طالب حول العالم انضموا إليها، وانتشرت الإضرابات المدرسية فيما لا يقل عن 270 بلدة ومدينة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أستراليا والمملكة المتحدة وبلجيكا والولايات المتحدة واليابان وفنلندا وألمانيا وهولندا، ليسيروا على نهجها، ويطالبوا السياسيين بالاهتمام بقضية المناخ.

تمكنت ثونثبرج من نيل دعم قادة البرلمان الذين عبروا عن دعمهم لموقفها، وطالبوها بالعودة إلى المدرسة، رغم أنها محقة في الاحتجاج، ونصحوها بالاحتجاج أيام العطلة الدراسية فقط، لكنها قررت أن تذهب للمدرسة أربعة أيام فقط في الأسبوع، وباقي الأيام تواصل مسيرتها الاحتجاجية.

المناخ

طورت «ثونبرج» اهتمامها بقضية المناخ في الـ9 من عمرها، أثناء الدراسة بعدما علمت أنه بإمكانية البشر تغيير المناخ، وعندما كانت عائلتها تطالبها بأن تحرص على إطفاء الأنوار وتوفير المياه وعدم ترك الطعام، قررت أن تستجيب لمطالبهم، لكنها أيضا قررت المضى قدمًا في نشاطها الهادف لحماية المناخ، وزرعت الخضراوات التي تعمل على تحسين البيئة والتخلي عن الأشياء التي تضر بها، والتقليل من السفر وعدم ركوب الطائرات التي تؤدي إلى تلوث الهواء، وعدم ركوب السيارات إلا للضرورة القصوى واستقلال دراجة هوائية، وظلت تحرص على هذه السلوكيات لمدة 6 أعوام كنوع من المشاركة في حل أزمة المناخ، حتى شعرت بعدم جدوى ما تفعله، في ظل ممارسات تدمر المناخ، واتجهت إلى النشاط السياسي ليسمع القادة صوتها الضعيف.

قررت «ثونثبرج»، حث العالم على تغيير المناخ بشكل مختلف، من خلال إصدار أول كتاب لها بعنوان "السويد ليست نموذجا يحتذي به" تشير من خلاله إلى أفضل الخطط الموضوعة للتصدي لتغير المناخ، والتمكن من القضاء نهائيًا على جعل العالم، وليس السويد فقط في أفضل صورة بحلول 2050.

تمكنت الزعيمة الصغيرة من المشاركة في مؤتمر قمة الأمم المتحدة حول تغير المناخ "cop24"، بسبب الاحتجاجات القوية التي قادتها واستجاب لها الآلاف، لتصبح أول طفلة في عمرها تشارك في هذا المؤتمر، وحرصت على الحضور بشجاعة وتوجيه رسالة قوية لقادة العالم أجمع تقول فيها: "بما أن قادتنا يتصرفون كالأطفال، فسوف نضطر إلى تحمل المسئولية التي كان يجب أن نتحملها منذ فترة طويلة، وعلينا أن نوضح لهم ما هي الفوضى التي خلقوها، والتي يجب علينا تنظيفها والعيش معها، وذلك من خلال جعل أصواتنا مسموعة"، مضيفة: "على مدار 25 عامًا حضر عدد لا يُحصى من الناس إلى مؤتمرات الأمم المتحدة حول المناخ، متوسلين قادة العالم لدينا لوقف الانبعاثات، لكن من الواضح أن ذلك لم ينجح مع استمرار ارتفاع الانبعاثات، لذا لن أتوسل لهم ليهتموا بمستقبلنا، وسأخبرهم بأن التغيير سيأتي سواء أحبوا ذلك أم لا".

وتابعت: "ما أتمنى تحقيقه في هذا المؤتمر هو أن ندرك جميعًا أننا نواجه تهديدًا وجوديًا، وأن نعرف أولًا أن هذه أكبر أزمة واجهتها البشرية على الإطلاق، فعلينا أن ندرك ذلك، ومن ثم نقوم بأسرع ما يمكننا فعله لوقف الانبعاثات ومحاولة إنقاذ ما يمكننا انقاذه.

تمكنت «ثونثبرج» من اكتشاف أشياء جديدة في شخصيتها على هامش احتجاجاتها المستمرة أمام مبنى البرلمان، حيث إن الأشخاص المتضامنين معها كانوا يجلبون لها الطعام المختلف بصفة مستمرة، والجلوس برفقتها والتحدث معها، فكانت تتناول طعامًا جديدًا كل يوم، اكتشفت من خلاله أنها أصبحت تعرف وتحب وصفات جديدة مثل: الفلافل والشعرية، فهي اعتادت أن تحضر معها نوعًا واحدًا من الطعام بصفة مستمرة.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية