رئيس التحرير
عصام كامل

«هونج كونج» السورية.. 4 قوى كبرى تتصارع على شرق الفرات

فيتو

إقليم شرق الفرات مفتاح الحل والحرب أيضا في سوريا، تتصارع عليه عدة دول «الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا وإيران»، في غياب واضح للعرب في معركة الشرق السوري والتي تعيد رسم خريطة الهلال الخصيب بشكل كامل.


إقليم شرق الفرات
تبلغ مساحة إقليم شرق الفرات نحو 28 ألف كيلو متر مربع، أي ما يساوي ثلاثة أضعاف مساحة لبنان وتضم الحسكة ودير الزور والبوكمال والرقة.

ومنطقة شرق الفرات هي منطقة غنية بالثروات المعدنية والنفط، بالإضافة إلى الأراضي الزراعية الخصبة ما يجعلها مؤهلة لإقامة إقليم ذاتي عن دمشق، نظرا لامتلاكها امتيازات تجعلها أشبه بـمقاطعة "هونج كونج" الصينية في سوريا.

معركة نفوذ
تشير خط سير المعارك والأطراف المحلية متمثلة في قوات سوريا الديمقراطية "قسد" ذات الغالبية الكردية والمدعومة أمريكا، والفصائل السورية المسلحة كالجيش الحر وجيش الإسلام والمدعومين من تركيا، بالإضافة إلى الجيش السوري الحكومي المدعوم من روسيا وإيران.

وتشير كافة التطورات الأخيرة إلى أن سوريا تتجه إلى "التقسيم"، ما بين مناطق خاضعة للنفوذ الروسي في الساحل والوسط وأخرى ذات نفوذ "إيراني روسي" ما بين دمشق والجنوب وحتى حدود العراق، وثالثة ذات نفوذ "تركي" بين عفرين وحلب وإدلب، بالإضافة إلى النفوذ الأمريكي المتمثل في الشرق السوري وخاصة منطقة شرق الفرات.

وفي مايو 2017، اتفقت واشنطن وموسكو على اعتبار نهر الفرات خطًا فاصلًا بين مناطق شرق النهر تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" التي تشكل "وحدات حماية الشعب" الكردية مكونها الرئيسي من جهة، ومناطق غرب الفرات تحت سيطرة قوات النظام السوري بحماية الجيش الروسي من جهة ثانية.

شرق الفرات
ويبدو أن الولايات المتحدة أخذت نصيبها من الكعكة السورية عبر دعم وترسيخ نفوذها في شرق الفرات، مقابل بقاء النفوذ الروسي والتركي في باقي سوريا، مع اعتراض متكرر على الوجود الإيراني في سوريا وخاصة محاذاة الحدود السورية ومع دول الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم المخططات التركية لاجتياح شرق الفرات، إلا أن يبقى حضور واشنطن عسكريا وإستراتيجيا في المنطقة، عقبة أمام طموح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالسيطرة على المنطقة.

ويبدو أن المخططات الأمريكية باتت تشكل دويلة الفرات التي تكون مستقبلا أقرب إلى "هونج كونج" السورية، حيث عملت واشنطن على تقوية المجالس المحلية المدنية التي تحكم المناطق المحررة من "داعش" في شرق الفرات، وكان مجلسا الرقة والطبقة ضمن التصور المستقبلي لهذه المناطق.

وقال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن بلاده تنوي إرسال موظفين أمريكيين غير عسكريين إلى مناطق قسد شرق الفرات، وتحدث مسئولون في إدارته إلى أن ذلك سيعني أن واشنطن تتجه إلى "الاعتراف الدبلوماسي" بتلك المناطق.

ورفعت واشنطن الدعم العسكري إلى "قوات سوريا الديمقراطية"؛ إذ وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتصف ديسمبر من العام الماضي، قرارًا تنفيذيًا للاستمرار في تسليح قوات "قسد" ورفع عددها من 25 إلى 30 ألفًا، متجاهلًا وعده لنظيره التركي أردوغان بالتوقف عن تسليح الأكراد وسحب السلاح الثقيل منها بعد هزيمة "داعش".

وذكر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي مطلع هذا الشهر أن الولايات المتحدة "باتت تمتلك 20 قاعدة عسكرية في سوريا في مناطق قوات «سوريا الديمقراطية».

الهدف الأمريكي
ويهدف وجود النفوذ الأمريكي بمنطقة شرق الفرات قطع الطريق على إيران، حيث يمنعها من تشكيل هلال يربط بين طهران وبيروت، عبر مناطق في العراق تقع تحت حكم ميليشيات موالية لإيران، ولبنان الخاضعة لسلطة حزب الله.

وتتواجد إيران في عدة قرى في دير الزور، وهي تعمل بالتنسيق مع الحكومة السورية في تأمين خط: "طهران – بغداد - دمشق - بيروت".

وتواجد الميليشيات الإيرانية في قريتي خشام والصالحية شمال مدينة دير الزور وتحاول أن تستعيد السيطرة على آبار النفط في مناطق شرق الفرات.

ويعتبر الوجود الإيراني في سوريا، مرفوض أمريكيا، كما يثير قلق روسيا، في ظل اختلافات في السياسة داخل الملف السوري.

رفض روسي
وحذرت موسكو، الولايات المتحدة الأمريكية من اللعب بالورقة الكردية "الخطيرة" في شرق الفرات، وسط مؤشرات بأن واشنطن تبحث عن دور أكثر فاعلية في الملف السوري مع قرب تسلم المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون مهامه مطلع السنة المقبلة، خلفًا لستيفان ديمستورا.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، عبر تصريحات لقناة "روسيا 1" التليفزيونية، أن توظيف القضية الكردية مسألة خطيرة "بالنظر إلى حدة هذه القضية عمومًا في عدد من دول المنطقة، ليس فقط في سوريا، ولكن أيضًا في العراق وإيران، وبطبيعة الحال في تركيا".

ولكن تصريحات روسيا لا تشير إلى تحرك على الأرض فيها وليست لديها أوراق كثيرة للصدام مع الولايات المتحدة، كما أن التواجد الروسي بالقرب من الحدود العراقية ربما يُرهق القوات الروسية، لذلك فضّلت موسكو ترك تلك المنطقة للنفوذ الإيراني، فضلًا عن عدم الرغبة الروسية في الصدام مع أمريكا بشرق الفرات.
الجريدة الرسمية