مستقبل أزمة فرنسا!
قال أحد أعضاء نقابة العاملين بالشرطة الفرنسية: إنهم يشاطرون أصحاب المحتجين الفرنسيين مطالبهم، وأنهم يجدون حرجا في إلقاء القبض على أصحاب "السترات الصفراء"، لأن منهم جيران لهم في السكن!
هذا الكلام الذي يحمل معاني ودلالات عديدة، يمكننا أن نستنتج أن ما تشهده فرنسا ليس مجرد حادث عابر لن تكون له تداعياته وآثاره في المستقبل.. صحيح أن وزارة الداخلية قدرت عدد المشاركين في الاحتجاجات الفرنسية أمس بنحو ٧٥ ألف فرنسي، وهو رقم يقل عن عدد المشاركين في احتجاجات الأسبوع الماضي.
ولكن ثمة تقديرات تشير إلى أن نحو ثلاثة أرباع الفرنسيين يؤيدون مطالب المحتجين.. وصحيح أن أغلب حوادث العنف والتخريب التي شابت الاحتجاجات أمس تركزت في شارع الشانزلزيه الشهير في باريس.. لكن أماكن أخرى ومدن فرنسية أخرى شهدت هي الأخرى عنفا، وهو عنف متكرر ولم يتوقف رغم تحذيرات الشرطة ووزارة الداخلية الفرنسية.
والأهم من ذلك أنه لا يبدو أن الاحتجاجات سوف تتوقف مستقبلا، في ظل تمسك الرئيس "ماكرون" بقراراته وسياساته الاقتصادية، والتي ألمت قطاعات واسعة من الفرنسيين.. دعنا من تلك التحليلات التي تتحدث عن مؤامراة أمريكية ضد فرنسا، أو حتى مؤامراة داخلية من اليمين المتطرف.. فحتى لو ذلك موجود فعلا فإن هناك أسبابا داخلية فرنسية وراء هذه الاحتجاجات، لا تقتصر على رفض زيادة أسعار البنزين فقط، فهذه هي الشرارة التي أشعلت الموقف.
إنما الأمر يتعلق ويتركز في خيبة أمل أغلبية الفرنسيين في سياسات "ماكرون" الاقتصادية، التي بشرهم فيها بتحسن معيشتهم، غير أن تطبيقها جلب لهم العكس.. أي زيادة المعاناة وانخفاض مستوى معيشتهم، والتي بدا أنها تنحاز للأغنياء في فرنسا وتتجاهل أبناء الطبقة المتوسطة.
إن احتجاجات فرنسا رغم العنف الذي اتسمت به ورغم محدودية المشاركين فيها، ورغم أنها لا تحدث إلا في عطلة نهاية الأسبوع.. غير أنها تعبر عن حالة غضب داخل المجتمع الفرنسي.. وفي ظل هذا الغضب كل الاحتمالات مفتوحة.