رئيس التحرير
عصام كامل

كل من هب ودب بيفتى!


هل أصبحنا فجأة علماء في كل المجالات العلمية والثقافية والدينية والعسكرية.. إلخ!؟ العالم يتجه كل يوم إلى مزيد من التخصص في كل المجالات ونحن نتوسع في تدمير أي فكر يدعو أو يدعم التخصص، لو أنك سألت أي فرد عن لماذا سقطت سفينة الفضاء الأمريكية تشالينجر بعد لحظات من إطلاقها؟ ستجد الإجابة حاضرة بصرف النظر عن أي معرفة بما سألت عليه..


ومن الطريف ما يحدث في الشارع لو أنك سألت عن عنوان ربما أن لم تنتبه جيدا لوجدت نفسك في أسوان بدلا من الإسكندرية، هل هو شهوة الفتى في كل شيء، وأنه من العيب أن تقول لا أعرف، في حين هناك قاعدة شرعية جميلة يطبقها الغرب الكافر كما يحلو للبعض أن يطلق عليه، وهى من قال لا أعرف فقد أفتى!

كل من هب ودب يتحدث عن السنة الشريفة، هناك من يطعن فيها بحجة أنه لا بد من تنقيتها، وهناك من يتحدث بجهل ومتباهيا بجهله عن السنة بدون الحد الأدنى بالمعرفة، وطبيعى القرآنيون الذين يطالبون باستبعاد السنة تماما والاكتفاء بالقرآن يستغلون الموقف لصالح فكرهم، ومن الغريب لو تحدثت في كرة القدم مثلا يقال لك هناك خبراء ومتخصصون هم الأولى بالحديث عن فنيات كرة القدم، فما بالنا الفقه أليس له خبراء ومتخصصون أيضا؟

نرفض أن يتحدث أي فرد عن كرة "قلشت" من على قدم لاعب، أو فرصة وتسلل ونقبل الحديث في أمور لها من الفنيات التي لا يعرفها إلا المتخصص، من المؤكد السنة الشريفة ليست قرآنا ولكن لا بد من التعامل معها بالعلم والاحترام، وندرك أن ما وصلنا مؤكد كله ليس صادرا عن رسول الله..

ولكن لا بد ندرك أيضا هناك فرق بين التعامل بين من يريد الهدم والتشكيك فيها وبين من هو غيور عليها محبا ومقدرا لقيمتها وأهميتها للشرح والتوضيح لأمور كثيرة لم تأت في القرآن الكريم، أبسط هذه الأمور الصلاة لم نعرف الكيفية وعدد الركعات.. إلخ إلا من السنة المشرفة، وهناك بالطبع من استغلال ما يحدث ويحاول هدم الأزهر الذي لولاه لكانت الدنيا تغيرت، عن طريقه خرجت القوافل العلم إلى أنحاء العالم، تعلم فيه من كل بقاع الأرض..

الأزهر والكنيسة لا بد أن نتعامل معهما باحترام، ليستا معصومتين من الخطأ في الاجتهاد ولكن لا بد أن تكونا في المكانة اللائقة التي نحترمها ويحترمها العالم، الأزهر ليس الشيخ أحمد الطيب أو أي شخص يتولى مشيخته، ولكنه كيان وتاريخ من العطاء واجه خلالها ليس فقط الرافضين لوجود الله والأديان، ولكن كان دائما في مقدمة من واجه موجات الغزو المتعددة التي تعرضت لها مصر..

نصل إلى قضية مهمة وهى من حقى السؤال ومحاولة المعرفة ويمكن التعمق لو أردت في أي موضوع سواء السنة أو المواريث أو... إلخ، ولكن لا بد من سؤال أهل العلم لأنه الطريق الصواب أما ما يحدث من إطلاق الفتاوى من كل هب ودب والسخرية من الدين ومن فقهاء العصور السابقة فهو مرفوض شكلا وموضوعا، والحقيقة طرحت على صفحتى على التواصل الاجتماعى سؤالا: هل الناس السابقين كانوا أفضل أخلاقا ودينا ونبلا وانتماء إلى لتراب الوطن من طينة غير الطينة التي نحن منها؟!

الحقيقة جاءت الإجابات متباينة ومنها المثير، قال اللواء حاتم عبداللطيف أحد أبطال أكتوبر: الطينة نفس الطينة، ولكن طينة هذه الأيام تروى بماء فاسد، أفسد كل شيء!

أما المخرج المسرحى حمدى نوير فقال: من أهم الأسباب أنه لم يكن هناك الإسلام السياسي قد ظهر وانتشر بين ربوع الوطن، فهو أخطر الأسباب التي تقوم بتفريغ العقل والوجدان من الانتماء للأرض والوطن!

أما الباحثة الدكتورة مها النجار فتقول: الطينة مادة خامة تتشكل بالعوامل المحيطة فتكتسب منها هيئتها!

والأستاذ محمد السيد قال: هناك اختلاف لأن الطينة تلوثت والإعلام والنت يتحمل مسئولية كبيرة في هذا التلوث مع أفلام السبكى وأمثاله!

وقالت السيدة فاطمة عطوة: طينة زمان أفرزت ناسا تهتم بها طوال الوقت وتراعيها بإمكانيات كل راع مسئول عن رعايته، أما طينة اليوم تركت بدون حرث وبدون رعاية من الرعاة الأصليين وتركوها حتى بورت وتحولت إلى عشوائيات شكلا وموضوعا!

أما الكاتب الصحفى رضوان حسن بكرى فيصرخ ويقول: هذا واقع مطين بطين.. دائما أفكر في هؤلاء الشهداء، وكل جندى مجهول ضحى لأجل هذا الوطن وهو لا يفكر فيما سيحصل عليه، وأصبح في طى النسيان، أفكر في الفدائيين الذين كانوا يضحون بأرواحهم أيام احتلال مصر..

أفكر مثلا في الشيخ حافظ سلامة ونضاله أيام احتلال مدن القناة وزملائه من الشهداء الأبطال من يتذكرهم؟! أفكر الآن في الفوضى الأخلاقية في كل شىء والأنانية الطاغية الآن، وحب الذات وكل مواطن، يقول أنا ثم الطوفان! إيه جرى فيك يا مصر؟!

علينا أن مراجعة النفس، الدولة التي خرجت من منظومة إعداد الأجيال القادمة وتركتها لنخبة فاشلة وإعلام يمارس العهر بلا حياء، ولثقافة التوك توك، والبعد عن قيم ومبادئ المجتمع التي هي مبادئ إنسانية تدعو لها رسالات السماء وكافة أصحاب العقول السوية، علينا مراجعة دور كل منا في حالة التردى التي نحن فيها، وحتى لا نكرر معنى بيت شعرى صادم للشاعر العبقرى نجيب سرور يا خيبة أملك في أولادك يا مصر! وتحيا مصر!
الجريدة الرسمية