رئيس التحرير
عصام كامل

«ومضة» حارس بوابة «الأراجوز».. حكايات 18 سنة شُغل

فيتو

48 ساعة من الانتظار.. العيون معلقة على شاشات التليفزيون لمتابعة البث المباشر لجلسة منظمة اليونسكو للثقافة والعلوم والآداب.. تنهدت الصدور الصعداء، وتهللت الوجوه فرحا فور إعلان إدراج ملف الأراجوز المصري ضمن قوائم «الصون العاجل» للتراث «غير المادي».. هكذا يمكن وصف حال أعضاء فرقة «ومضة لفنون خيال الظل والأراجوز».

علي أبو زيد، المشرف على الفرقة، بدأ حديثه قائلًا: «شاهدنا اعتراف العالم بمصرية الأراجوز وحفظ تراثنا، فتسجيله بمنظمة اليونسكو بمثابة جائزة نوبل بالنسبة لأعضاء الفرقة وتعد أكبر جائزة في مجال التراث الشعبي، فهو انتصار لفكرة آمنا بها وصدقناها من 18 عاما متخذين شعار (نحن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا)، وقرار اليونسكو أنهى الصراع الدائر حول ماهية وأصول نشأة الأراجوز المصري».

رحلة «الأراجوز» بدأت منذ 18 عاما، قادها الدكتور نبيل بهجت أستاذ المسرح بجامعة حلوان، في البحث والتحري عن أصول دمية «الأراجوز» وماهية هذا الفن، جولات في الموالد الشعبية، ومقابلات لاعبي هذا الفن، وتسجيل العروض الحية في أماكن نشأتها.. طريق بدأ بفكرة التوثيق، ثم قرار إنشاء فرقة «ومضة» للحفاظ على «العروسة الشعبية» من الاندثار.

وأكمل: «لولا الدكتور نبيل بهجت ما كان لخيال الظل والأراجوز وجود بمصر الآن، حيث تأسست فكرة الفرقة في 2001، على يد الدكتور نبيل بهجت كأول ورشة للحفاظ على فنون خيال الظل والأراجوز، وكان مركزها في المركز القومي للمسرح وتتكون من 6 أعضاء، واستمرت لمدة 6 أشهر، ثم بدأت الفرقة تمارس نشاطها في النقابات والحدائق العامة والمدارس والمكتبات المتنقلة».
وفي العام 2008 دخلت الفرقة قطاع صندوق التنمية الثقافية، بعد قرار الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، بعدما اعترف بالفرقة وخصص لها بيت السحيمي ليكون مدرسة لتعليم فنون خيال الظل والأراجوز وكان المشرف على المدرسة والمكان الدكتور نبيل بهجت، ومنذ ذلك التاريخ وبدأنا رحلة انتزاع اعتراف رسمي من الدولة بكيان هذا الفن، بعد تخصيص عرض ثابت كل جمعة لفنون خيال الظل والأراجوز لفترة تتجاوز 13 عاما، وبالعمل المتواصل جاء الاعتراف العربي بنا بعد تكريم الهيئة العربية للمسرح بدولة الإمارات برعاية الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، لكل من عم صابر المصري وصابر شيكو أهم لاعبي أراجوز في الوطن العربي تحت بند أنهما من أهم الكنوز البشرية، لنحتفل اليوم بالاعتراف الدولي بنا بعد قرار منظمة اليونسكو".

ويحكي مشرف فرقة «ومضة» عن سر تعلقه بفنون خيال الظل والأراجوز وممارسته له، فقالت: «أنا خريج آداب مسرح جامعة حلوان، بدأت ممارسة اللعبة منذ 10 سنوات، فقد جذبتني تلك الدمية لقدرتها فنون التمثيل والتحريك والإلقاء والتأثير على الجمهور في آن واحد، حيث كنت أقف بجوار عم صابر المصري أو شيكو كـ«ملاغي»، الذي يعتبر من أهم عناصر اللعبة لأنه يربط بين الأراجوز والجمهور بطريقة تفاعلية، فيوضح بعض الكلمات على لسان الأراجوز غير واضحة بسبب (الأمانة)، ويربط بين ما يقدم والجمهور للحفاظ على جذب الانتباه ويؤكد بشكل غير مباشر على القيم الاجتماعية والتربوية التي يسعى الأراجوز لترسيخها في عقول الأطفال.

«الأراجوز».. تلك الدمية الشعبية لم تصنع للتسلية واللهو للأطفال فقط، بل وسيلة من أهم وسائل التعلم ومناقشة ومعالجة بعض المشكلات الاجتماعية، وينفي أبو زيد أن عروض الأراجوز أصبحت لا تستهوي مزاج الكبار قائلا: «لافتة كامل العدد خير دليل، فما زال الكبار يحرصون على مشاهدة عروض الأراجوز ويستمتعون بنمره التي لا تخاطب الطفل وحده، فنقدم نمرة (حرب أكتوبر) و(الأراجوز ومراته في البيت)، و(عم عثمان) التي تناقش أهمية العمل، فعروض الأراجوز عائلية تهدف للترفيه والتعليم.

الاعتراف بمصرية «الأراجوز» وإدراجه بقوائم الصون العاجل للحفاظ عليه كتراث غير مادي، لم يكن خط نهاية أحلام فرقة «ومضة»، بل سيسهم في تعزيزه وتكريمه وانتشاره على أوسع نطاق بما يليق به فهو ليس أقل من عائلة «والت ديزني» الأمريكية.. ويقول «أبو زيد»: «حلمنا الأكبر أن تنشأ مدينة ألعاب ترفيهية للأراجوز على غرار مدينة والت ديزني، وأن تهتم الميديا المرئية والمسموعة بعمل برامج له وتعيد تقديمه لأبنائنا، لأنه جزء من هويتنا المصرية فرسالتي «علموا أولادكم أن يعشقوا كل ما هو منهم ليعتزوا بأنفسهم».


الجريدة الرسمية