هل «فتحي نوفل» ما زال موجودا؟!
في عام 1995 قدم لنا الكاتب المتفرد "وحيد حامد" واحدة من أروع إبداعاته في فيلم "طيور الظلام"، حين صاغ لنا بمنتهى الحرفية والمهارة التي تحاكي مشرط الجراح الماهر قصة مراحل الصعود غير الشريف للشخصية المتسلقة "فتحي نوفل".
وكيف استطاع باستخدام العديد من الأساليب الملتوية وبمنتهى الخسة والدناءة، أن يصبح "الذراع اليمنى" للسياسي الفاشل "رشدي الخيال" حتى سيطر عليه سيطرة تامة، لدرجة أن زين له أن يصنع له حياة زوجية في الظلام، حين أقنعه مستغلًا سذاجته وجهله أن يزوجه عرفيًا من "سميرة"، وبرر له ذلك حينئذ قائلًا: "القانون زي ما بيخدم الحق بيخدم الباطل، وإحنا ناس الباطل بتاعهم لازم يكون قانون"، ويستغل ذلك في النهاية لتكون تلك الورقة هي المقصلة التي يقضي بها على مصيره كوزير.
ثم يرصد لنا كاتبنا المبدع بمنتهى الرشاقة القصصية الجزء "السادي" في شخصية "فتحي نوفل"، حين تدخل لكي يفصل "محسن" أعز أصدقائه من الشركة التي يعمل بها نظير مبلغ 650 جنيها، ويتركه تحت ضغوط الحياة لفترة ثم يقدم له بعد ذلك فرصة العمل بمبلغ 5000 جنيه، في الوقت الذي اختاره هو لمجرد أن يثبت لنفسه مدى تحكمه في حياة الآخرين.
وفي مشهد دال للغاية على مدى السادية التي أصبحت تغلف جميع معاملاته، يعترف لصديقه أنه لا يعرف لماذا يفعل كل ذلك فيمن حوله، فكان ذلك أمرًا محيرًا حقًا حتى بالنسبة له، ولكنها بالطبع شخصيته السادية التي تكونت مع سلطة المنصب، فجعلته ينتشي بأن يفعل كل ما هو ضار في كل من حوله، ليثبت لنفسه فقط أنه يستطيع ذلك، وهنا يبرز العديد من الأسئلة المهمة:
1- هل تنبأت صناعة الدراما بحقيقة "فتحي نوفل"، وهل ما زال موجودًا بيننا في العديد من المجالات حتى اليوم؟
2- هل من البديهي أن نلوم على "فتحي نوفل"، أم نلوم على كل من ترك له الحبل على الغارب، ليبسط به شروره على الناس؟
3- هل قابلت "فتحي نوفل" في حياتك من قبل؟، وكيف سيكتب الله جل وعلا نهايته من وجهة نظرك قارئي الكريم؟