رئيس التحرير
عصام كامل

منتصر عمران يكتب: الرئيس والإمام والتحذير من ضياع الدين (1 – 2)

فيتو

أثارت كلمة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، التي ألقاها في احتفال المولد النبوي الشريف وتعليق الرئيس السيسي عليه جدلا واسعا واستغلها طرفان.

الأول هو إعلام الإخوان الذي أراد أن يوقع فتنة بين الرئيس وشيخ الأزهر، بإسقاط بعض الخلافات في الفكر بين الرئيس وشيخ الأزهر على أمور سياسية من أجل إحداث شرخ بين مؤسسة الرئيس ومشيخة الأزهر.

بكل تأكيد لم يقصد الرئيس في تعقيبه على كلمة شيخ الأزهر الإساءة إلى شخصه أو المؤسسة العريقة ولا إلى الدفاع عن هذه الفرقة الضالة، ولكن كان قصده التنبيه إلى أن المسلمين ابتعدوا عن ثوابت الدين، وعن منهج الإسلام الصحيح؛ فأصبح ذلك أكبر الإساءة للإسلام.

ومن جانبه؛ فشيخ الأزهر هو أكثر الناس معرفة بالرئيس؛ وأنه مسلم ويحافظ على الصلاة، فمعاذ الله أن يكون الرئيس يريد الدفاع عن منكري السنة الذين يسمون أنفسهم (القرآنيين)، ولكن مقصد الرئيس هو أن هناك ما هو أشد خطرًا على الإسلام منهم، كما أنه متأكد من أن المسلمين لن يستجيبوا أبدا لفكرهم الخبيث الضال لأنه، ببساطة، يتعارض مع ما يكمن في نفوس المسلمين من حب وقدسية لرسول الله.

إعلام الإخوان، كما هي عادته، ذهب يبث في نفوس مستمعيه أن هناك اختلافًا شديدًا، وكرهًا بين الرئيس وشيخ الأزهر، ونسي هؤلاء أن الرئيس هو أكثر رئيس جمهورية أعطى دورًا فاعلًا في المحافل الدولية، وظهور في الإعلام، وأصبحنا نسمع، وبصفة مستمرة، عن جولات شيخ الأزهر خارجيًّا ومؤتمرات داخل مصر.. إذن الرئيس هو من يريد من رفع مكانة الأزهر وشيخه، وليس كما يدعي الإخوان القضاء عليه.

نأتي إلى لب الموضوع فأقول: حسنا فعل فضيلة الإمام أحمد الطيب ‎شيخ الأزهر عندما حذر الأمة جمعاء من خطر من يسمون أنفسهم بالقرآنيين الذين حذر منهم صاحب الرسالة، صلى الله عليه وسلم، منذ أكثر من 1400 عام، والممتع في هذا التحذير أنه جاء في يوم مولده صلى الله عليه وسلم.

فالقرآنيون هم من البدع الضالة القديمة، ظهرت في القرن الثاني الهجري، ثم وئدت في بعض حالاتها بالحجة والحوار بين علماء الأمة وبين أهل هذه البدعة، لكن حالات أخرى اقتضت المواجهة لما استفحلت الفتنة وأراد أصحابها أن يستبدلوا شريعة الله بشريعة الأهواء.

كما أن شيخ الأزهر أراد أن يستغل هذه المناسبة الكريمة والإعلام ومتابعة الملايين لكلمته في التحذير من خطر فرقة ضالة ولم يقصد، البتَّة، الدخول في خلاف مع الرئيس كما أكدت على ذلك في بداية مقالي هذا.

ففكر القرآنيين هو أمر قديم، ولكنه للأسف متجدد حيث دأبت هذه الفرقة الضالة المضلة على التشكيك في قيمة السنة النبوية وفي ثبوتها وحجيتها والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم، بل زاد هدفهم واشتد خطرهم بالمطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلا من دائرة التشريع والأحكام والاعتماد على القرآن الكريم فحسب في كل ما نأتي وما ندع من عبادات ومعاملات، وقالوا وما لم نجده منصوصًا عليه في القرآن، فإن المسلمين فيه أحرار من قيود التحريم أو الوجوب.. وهذه الدعوة ظاهرها تقديس القرآن ولكن باطنها ضياع الدين. 

وإلى مقال قادم بإذن الله..
الجريدة الرسمية